التفسير الأميركي لأزمة سريلانكا: المال الصيني السهل يعلّم الغباء

التفسير الأميركي لأزمة سريلانكا: المال الصيني السهل يعلّم الغباء

واشنطن- قال بيل بيرنز، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي.آي.أي) الأربعاء إن سريلانكا قامت بـ”رهانات غبية” من خلال الاستدانة من الصين، ليشرح جزئيا الأزمة التي تشهدها الجزيرة حاليا موضحا أن عليها أن تكون بمثابة تحذير للدول الأخرى التي يغريها مثل هذا التقارب مع بكين.

يأتي هذا التصريح ليكشف مدى القلق الأميركي من توسع نفوذ الصين ونجاحها في ملء الفراغ الذي تركه الغربيون في آسيا وأفريقيا.

ويعتقد مراقبون أن تفسير بيل بيرنز لأزمة سريلانكا تفسير ساذج لكنه موظف في سياق أشمل يهدف إلى قطع الطريق على النسخة الصينية من صندوق النقد الدولي خاصة أن بكين تعطي القروض بشروط ميسّرة ومن السهولة بمكان الحصول عليها على عكس شروط الصناديق المالية الأميركية المعقدة، والتي دفعت الدول الفقيرة إلى الرهان على الصين.

1.4
مليار دولار قيمة القروض التي حصلت عليها سريلانكا من الصين

وتساءل المراقبون كيف لقروض بأرقام هزيلة (1.4 مليار دولار) حصلت عليها سريلانكا من الصين أن تقود إلى أزمة وتدفع إلى ثورة شعبية واسعة، معتبرين أن الأمر لا يخرج عن محاولة تأليب العالم على الصين بعد أن فشل الأميركيون في وقف توسعها الاقتصادي وزيادة حضورها في البلدان المصنفة ضمن دول العالم الثالث.

وأوضح بيل بيرنز خلال منتدى الأمن في أسبن في ولاية كولورادو أنّ “للصينيين نفوذا كبيرا ويمكنهم أن يجعلوا استثماراتهم جذابة جدّا”.

وأضاف أنه ينبغي على الدول الأخرى مراقبة الوضع “في بلد مثل سريلانكا اليوم، فهي مثقلة بالديون للصين وقامت ببعض الرهانات الغبية على مستقبلها الاقتصادي، وبالتالي فهي تعاني تداعيات سياسية واقتصادية كارثية”.

وتابع بيرنز أن الأزمة في سريلانكا يجب أن تكون بمثابة درس “ليس في الشرق الأوسط أو جنوب آسيا فحسب بل أيضا في كل أنحاء العالم، بالحفاظ على اليقظة بشأن هذا النوع من الصفقات”.

واستثمرت الصين في سريلانكا التي تحتل موقعا استراتيجيا في المحيط الهندي قبالة الهند التي غالبا ما تُعتبر منافسة لبكين. كما تعاونت البلاد بشكل وثيق مع الرئيس السابق غوتابايا راجابكسا.

وكان راجابكسا استقال الأسبوع الماضي بعد فراره من البلاد التي تشهد أزمة اقتصادية حادة تسببت في نقص الغذاء والدواء والوقود.

ولم تكن الصين هي الجهة الوحيدة التي اقترضت منها سريلانكا، فقد حصلت من الهند على حوالي 3.5 مليار دولار في شكل ائتمان ومقايضة للعملة.

ويقول الصينيون إن إثارة المخاوف مما يسميه الغرب “فخ القروض الصينية” ليست أكثر من محاولة للتغطية على العجز الأميركي عن مواجهة بلادهم التي نجحت في ملء الفراغ الذي تركه كفّ الأميركيين والأوروبيين عن دعم الدول الفقيرة خلال أزماتها، وخاصة في فترة الجائحة.

ويعتقد محللون أن هذه الحملة تدخل في سياق صراع النفوذ الصيني – الأميركي الذي اشتد في الأشهر الماضية بسبب خيار واشنطن تركيز خططها على شرق آسيا ومحاولة وقف النفوذ الصيني هناك.

واستدانت الحكومة السريلانكية السابقة مبالغ كبيرة من بكين منذ 2005 لمشاريع بنى تحتية، أصبح العديد منها ممتلكات مكلفة لا يمكن التخلص منها.

وأجّرت سريلانكا مرفأها الاستراتيجي هامبنتوتا لشركة صينية في 2017 بعد تعثرها في سداد الدين الذي تبلغ قيمته 1.4 مليار دولار والمستحق لبكين، وهو المبلغ الذي استخدم لتشييده.

وأثار ذلك مخاوف دول غربية والجارة الهند من أن تكون الدولة الواقعة في جنوب آسيا ضحية فخّ ديون.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان إن إعلان التخلف عن السداد لن يمنع بكين من تقديم المساعدة لاقتصاد سريلانكا الغارق في أزمة.

وأضاف “دائما ما بذلت الصين كل ما بوسعها للمساعدة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لسريلانكا. سنواصل ذلك في المستقبل”.

العرب