طهران- فيما تكتفي السعودية بالصمت، تقول إيران إن لقاءات الحوار بينها وبين الرياض مستمرة وإنها ستخرج من السر إلى العلن ومن القضايا الأمنية إلى السياسية.
ويعتقد مراقبون أن صمت السعودية يظهر حذرها من الحديث عن تقارب مع إيران في خضم الخلافات الكثيرة بين البلدين في مناطق مختلفة من الإقليم، وخاصة في اليمن، وأن أيّ إشادة بالحوار ستعتبر بمثابة قبول بأنشطة طهران، خاصة أن انعقاد الجلسات الماضية لم يكن له انعكاس على سلوك إيران وأذرعها تجاه مصالح السعودية.
ويرى المراقبون أن الحديث الإيراني المستمر عن الحوار مع السعودية ومحاولة النفخ في محتوى اللقاءات التي تمت في بغداد، وإعطائها أبعادا عن تقارب إيراني – سعودي كلها عناصر تظهر وجود أزمة معقدة لدى إيران، وأنها تحتاج إلى تهدئة مؤقتة على جبهة الخصوم الإقليميين لمواجهة الضغوط الغربية في ملف الاتفاق النووي وقضية العقوبات التي أثرت جذريا على الوضع في البلاد، وتهدد بالمزيد من التوترات الاجتماعية.
انعقاد جلسات الحوار الماضية لم يكن له انعكاس على سلوك إيران وأذرعها تجاه مصالح السعودية
ويلفت هؤلاء المراقبون إلى أن لدى إيران أزمة أخرى تريد أن تتفرغ لإدارتها، وهي الهجمات الإسرائيلية المستمرة على وجودها في سوريا، واستهدافها مشاريع نووية على الأراضي الإيرانية وتصفية عاملين فيها، مشيرين إلى أن طهران تريد إظهار الحماس للتفاوض مع السعودية لأجل تشجيعها على عدم الدخول إلى الحلف الإقليمي الذي تريد واشنطن تشكيله ضد إيران، وهو تحالف لا يجد حماسا لدى الخليجيين.
وقالت إيران إنها تبلّغت موافقة السعودية على انتقال الحوار الهادف إلى إعادة العلاقات المقطوعة منذ أعوام بين الخصمين الإقليميين من المستوى الأمني إلى السياسي، وفق ما أفاد وزير خارجيتها حسين أمير عبداللهيان.
وأجرت السعودية وإيران خمس جولات من الحوار في بغداد بدءا من العام الماضي. وأقيمت الجولة الأخيرة في أبريل، وحضرها مسؤولون في أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ورئاسة الاستخبارات السعودية، وفق تقارير صحافية.
وقال أمير عبداللهيان “في ما يخصّ السعودية، أجرينا خمس جولات من المفاوضات أقيمت بشكل رئيسي على المستوى الأمني، وتم تحقيق تقدم في هذه المفاوضات”، وذلك في حوار مع التلفزيون الرسمي ليل الخميس. وأضاف “تلقينا الأسبوع الماضي رسالة من وزير الخارجية العراقي (فؤاد حسين) بأن الجانب السعودي مستعد لنقل المباحثات إلى المستوى السياسي والعلني، ونحن أبدينا استعدادنا لدخول المباحثات إلى المرحلة السياسية”.
وأعرب عن أمله في أن يؤدي ذلك إلى “عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى طبيعتها”.
ويقول متابعون لشؤون منطقة الخليج إنّ السعودية لا تراهن على أيّ نتائج من الحوار مع إيران، ومع ذلك تبقي أبواب الحوار مفتوحة معها من أجل منع إيران من استثمار قضية الحوار وإظهار السعودية وكأنها هي من تعرقله، وأنها تفصّل التطوّر الحذر في موقفها من الحوار مع طهران على مقاس مصلحتها.
وأعلن وزير الخارجيّة السعودي الأمير فيصل بن فرحان في تصريحات سابقة “نأمل أن يرى الإيرانيّون أنّ من مصلحتهم العمل مع جيرانهم بطريقة إيجابية تؤدّي إلى الأمن والاستقرار والازدهار”، مضيفا “إذا استطاعوا أن يروا أنّ ذلك في مصلحتهم، يمكن أن يكون لديّ أمل”، ومستدركا “حاليّا نحن في مرحلة مبكرة” من المناقشات.
وينظر السعوديون إلى التفاوض مع إيران كضرورة للحل في اليمن، وهي رؤية تستند إلى قناعة بأن الحوثيين لا يتشددون في الحوارات الجارية لمطالب خاصة بهم، ولكن في سياق لعبة أوسع تديرها إيران لتحصيل مكاسب على جبهات أخرى سواء مع السعودية ودول المنطقة أو على مسار الملف النووي والمفاوضات الجارية في فيينا.
2016
قطعت السعودية علاقاتها بإيران بعد تعرض سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد لاعتداءات من قبل محتجين
وقطعت السعودية علاقاتها مع إيران في يناير 2016، بعد تعرض سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد لاعتداءات من قبل محتجين على إعدام الرياض رجل الدين السعودي الشيعي المعارض نمر النمر.
وتصاعد التوتّر بين الرياض وطهران بسبب حرب اليمن، حيث صعّد الحوثيون المتحالفون مع إيران هجماتهم على السعودية. كما احتد التوتر بين البلدين بعد هجوم 2019 على منشآت نفط سعودية ألقت الرياض باللوم فيه على إيران، وهو اتهام تنفيه طهران.
وبدأت جلسات الحوار بين البلدين في أبريل 2021 بتسهيل من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي تربطه علاقات جيدة بالجانبين. وزار الكاظمي الرياض وطهران في يونيو ضمن جهود تسهيل الحوار، وشدد على أهمية “استقرار المنطقة”.
وتبدي السعودية قلقها من نفوذ إيران الإقليمي وتتّهمها بالتدخّل في دول عربية مثل سوريا والعراق ولبنان، وتتوجّس من برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية.
إلى جانب ذلك أكد الوزير الإيراني أن الإمارات والكويت تعتزمان رفع تمثيلهما الدبلوماسي في طهران إلى مستوى سفير قريبا، بعد خفضه على إثر قطع العلاقات بين إيران والسعودية.
وتأتي تصريحات أمير عبداللهيان بعد أيام من تأكيد الإمارات أنها تبحث في تعيين سفير في طهران، بعدما خفضت تمثيلها إثر قطع العلاقات الإيرانية – السعودية.
وقال عبداللهيان “قدّمت الكويت سفيرها ونحن أبدينا موافقتنا (على اسمه). السفير الكويتي الجديد سيصل إلى طهران في الأيام القليلة المقبلة”.
العرب