الإطار التنسيقي يمهد لحرب شيعية – شيعية بدعوة أنصاره إلى التظاهر

الإطار التنسيقي يمهد لحرب شيعية – شيعية بدعوة أنصاره إلى التظاهر

بغداد – صبّ الإطار التنسيقي الموالي لإيران الزيت على نار الاحتجاجات بدعوة أنصاره إلى “التظاهر السلمي دفاعا عن الدولة وشرعيتها ومؤسساتها”، في الوقت الذي يوجد فيه الآلاف من أنصار التيار الصدري في الساحات وبعضهم أقام “اعتصاما مفتوحا” في البرلمان، وهو ما سيمهد لاشتعال حرب شيعية – شيعية كما بشرت بها تسريبات رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

وقال مراقبون عراقيون إن دعوة أنصار الإطار التنسيقي إلى التظاهر ستعني نزول عناصر الحشد الشعبي والميليشيات الأخرى من خارجه إلى الساحات والاعتداء على المتظاهرين بالأسلحة، وهو ما سيجر أنصار الصدر وميليشيا سرايا السلام أو جيش المهدي إلى التدخل ما يخلق وضعا شبيها بما جرى في 2008 الذي أدى إلى صراع بين القوات العراقية بقيادة المالكي وميليشيات تابعة للصدر في ما بات يعرف بصولة الفرسان.

مصطفى الكاظمي: لا بد أن تتحاور الكتل السياسية وتتفاهم من أجل العراق

وقال بيان للإطار التنسيقي “نحمّل الجهات السياسية التي تقف خلف هذا التصعيد والتجاوز على الدولة ومؤسساتها كامل المسؤولية عما قد يتعرض له السلم الأهلي نتيجة هذه الأفعال المخالفة للقانون”.

واعتبر المراقبون هذا التحذير بمثابة تبرئة للنفس من التصعيد الذي ينتظر أن يبدأ خلال الساعات القادمة بين أنصار المالكي والقوى الشيعية الحليفة لإيران من جهة وأنصار مقتدى الصدر من جهة ثانية.

واقتحم متظاهرون مناصرون للتيار الصدري، السبت، مبنى البرلمان العراقي داخل المنطقة الخضراء المحصنة في وسط بغداد، للمرة الثانية خلال أقلّ من أسبوع، احتجاجاً على مرشح خصوم الصدر السياسيين لرئاسة الوزراء، محمد شياع السوداني معلنين اعتصاماً مفتوحاً داخله.

ودخل المئات من المتظاهرين البرلمان وقاعته الرئيسية رافعين الأعلام العراقية وصور مقتدى الصدر، ماذا اضطر رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى تعليق جلسات البرلمان حتى إشعار آخر.

وتجمّع الآلاف من المتظاهرين المناصرين للصدر على جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء المحصنة التي تضمّ مقرات حكومية وسفارات أجنبية، وتمكّن المئات منهم من تجاوز الحواجز الإسمنتية على الجسر والدخول إليها.

وقال أحد المتظاهرين “خرجنا ثورةً للإصلاح… ونصرة للسيد القائد مقتدى الصدر… لن نبقي على الفاسد، والمجرّب لا يجرّب. هؤلاء لا ينفعون بشيء، لقد تسببوا لنا بالأذى منذ العام 2003، ولم نرَ منهم نتيجة، سرقونا”.

ويعتقد المراقبون أن خيار النزول إلى الشارع قد قطع الطريق على أيّ تسوية سياسية مثلما يريد المالكي، فهو ينظر إلى التسوية بمثابة صيغة لإقامة الحجة على الصدر الذي يرفض أيّ شراكة في الحكم مع خصومه في الإطار، معتبرين أنه لم يبق أمام المالكي سوى الظهور بمظهر السياسي الهادئ وشيطنة خصمه لخلق مناخ يسمح بالحرب على التيار الصدري وتصفيته من الحكومة ومختلف المؤسسات.

وفي سياق خطاب التهدئة المناور، دعا المالكي، السبت، إلى إجراء حوار جاد بين قوى الإطار التنسيقي والتيار الصدري بعيدا عن المؤثرات السلبية.

وقال المالكي في بيان صحافي “إن جمهورنا وقع تحت ضغط الأزمة التي أضحت نتائجها مخيفه لأنها تسلبهم أمنهم ومستقبلهم وحياتهم الكريمة”، مضيفا أن “المسؤولية الوطنية والشرعية توجب علينا جميعا انتهاج سبيل الحوار، وتصحيح المسارات ، من أجل الانطلاق في عملية إعادة بناء دولة المؤسسات الدستورية الرصينة”.

هادي العامري: ضرورة ضبط النفس وترجيح أسلوب الحوار لتجاوز الخلافات

ودعا المالكي إلى “تجنيب العراق والشعب مخاطر الانزلاق لما لا تحمد عقباه، لاسيما إذا تدخل السلاح بدل التفاهم وبعد سقوط المؤسسة التشريعية وتهديد السلطة القضائية وأنه لن يوقف التداعي في العراق إلا الحوار والتسامح بين أطراف العملية السياسية”.

ويرى متابعون للشأن العراقي أن مغامرة الإطار التنسيقي باستعراض القوة في الشارع ستقود دون أدنى شك إلى الحرب الأهلية التي يريد كل طرف استثمارها لتصفية خصومه.

ويذكّر الصدر خصومه باستمرار بأنه لا يزال يحظى بقاعدة شعبية واسعة وأنه مؤثر في سياسة البلاد رغم أن تياره لم يعد ممثلاً في البرلمان.

ودعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في بيان موجه إلى “القوات الأمنية”، إلى “حماية المتظاهرين.. والمتظاهرين إلى التزام السلمية في حراكهم”.

وقال الكاظمي في كلمة عبر التلفزيون “لا بد أن تجلس الكتل السياسية وتتحاور وتتفاهم من أجل العراق والعراقيين ويجب الابتعاد عن لغة التخوين والاقصاء.. أدعو الجميع الى التحلي بالهدوء والصبر والعقلانية وعدم الانجرار إلى التصادم، وأدعو المواطنين إلى عدم الاصطدام مع القوى الأمنية واحترام مؤسسات الدولة”.

من جانبها، كتبت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “إن التصعيد المستمر مقلق للغاية، لذا أصوات العقل والحكمة ضرورية لمنع المزيد من العنف. وعليه، نشجع كافة الأطراف على خفض التصعيد من أجل مصلحة العراقيين كافة”.

وقال هادي العامري الذي يقود أحد فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران مناشدًا التيار الصدري والإطار التنسيقي “أدعوكم جميعا إلى اعتماد نهج التهدئة وضبط النفس والتأني، وترجيح أسلوب الحوار والتفاهم البناء من أجل تجاوز الخلافات”.

وأعلن الإطار التنسيقي الخميس تشكيله فريقاً تفاوضياً “للتباحث مع جميع القوى السياسية بخصوص تشكيل الحكومة وإكمال الاستحقاقات الدستورية”، وفق بيان.

وليل الجمعة، قام مؤيدون للصدر بمهاجمة مكاتب محلية في بغداد تابعة لحزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي، ومكاتب لتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، المنضوي في الإطار التنسيقي، كما أفاد مصدر أمني.

وقال زعيم تيار الحكمة في مقابلة مع “بي بي سي عربي”، الخميس، “كنا نتمنى أن ينتظروا لتشكيل الحكومة ومن ثم يقيِّمون أداءها إن كان جيدا فليعطوها فرصة وإن كان أداؤها شيئاً آخر، فليعترضوا عليها”.

ويبدو العراق عاجزًا عن الخروج من الأزمة السياسية إذ لم تفضِ إلى نتيجة المحاولات والمفاوضات للتوافق وتسمية رئيس للوزراء بين الأطراف الشيعية المهيمنة على المشهد السياسي منذ العام 2003. وغالبا ما يكون المسار السياسي معقدا وطويلا في العراق، بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة نافذة.

العرب