من سوريا إلى أوكرانيا.. أجندة كبيرة وملفات صعبة على طاولة قمة أردوغان-بوتين الجمعة

من سوريا إلى أوكرانيا.. أجندة كبيرة وملفات صعبة على طاولة قمة أردوغان-بوتين الجمعة

في أرفع زيارة لمسؤول دولي إلى روسيا منذ بدء الحرب على أوكرانيا، يلتقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغاننظيره الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي على البحر الأسود، الجمعة، في قمة هي الثانية خلال أقل من شهر بين الزعيمين تبحث أجندة مثقلة بملفات صعبة تمتد من سوريا إلى أوكرانيا مروراً بالتطورات الأخيرة في قره باغ بأذربيجان وصولاً للعلاقات الثنائية بين البلدين.

ويعتبر هذا اللقاء هو الثاني بين أردوغان وبوتين خلال 17 يوماً فقط، وهو ما يؤكد أهمية الملفات التي سيجري بحثها، حيث تتصدر مساعي تركيا لتثبيت اتفاق تصدير الحبوب والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، وملف العملية العسكرية التي تهدد تركيا بتنفيذها في شمالي سوريا، إلى جانب التطورات العسكرية الأخيرة التي شهدها إقليم قره باغ في أذربيجان والجهود المشتركة لمنع تفجر المواجهات العسكرية مجدداً هناك.

وبحسب تقرير للتلفزيون الرسمي التركي، فإن العملية العسكرية التي تهدد تركيا بتنفيذها ضد الوحدات الكردية في شمال سوريا سوف تتصدر مباحثات أردوغان وبوتين، حيث تسعى أنقرة لإقناع موسكو بالتعاون لطرد الوحدات الكردية من تل رفعت ومنبج وفتح المجال الجوي أمام الطائرات التركية لتجنب أي صدام عسكري محتمل بين البلدين.

وتهدد تركيا منذ أشهر بتنفيذ عملية عسكرية جديدة تقول إنها تهدف لطرد تنظيم “ب ي د” التي تقول أنقرة إنه جزء من تنظيم بي كا كا المصنف إرهابياً وذلك لوقف الهجمات التي ينفذها التنظيم على الأراضي التركية والمناطق الآمنة شمالي سوريا انطلاقاً من منبج وتل رفعت، إلى جانب مساعيها لتوسيع المناطق الآمنة في شمال سوريا لفتح المجال أمام عودة أعداد أكبر من اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا إلى تلك المناطق.

إلا أن موسكو عبرت في أكثر من مناسبة وعلى لسان أكثر من مسؤول عن رفضها للعملية العسكرية التركية، كما ظهرت الخلافات بشكل واضح بين البلدين على هامش قمة طهران الأخيرة التي جمعت ثلاثي أستانة في إيران، حيث عبرت موسكو وطهران بشكل صريح عن معارضتهما مساعي تركيا لشن عملية عسكرية جديدة، محذرين من أنها تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.

ولا يعرف إلى أي مدى لا زال الرئيس التركي يعطي أولوية كبيرة للعملية العسكرية أمام التداخل الكبير في الملفات بين البلدين ورغبة أنقرة في عدم الدخول في أي مواجهة عسكرية أو سياسية مع روسيا لإنجاح مساعيها في اتفاق الحبوب ورغبتها في حث الطرفين على اتفاق أوسع لوقف إطلاق النار وربما التوسع لاتفاق سياسي بين موسكو وكييف، في المقابل ترى تركيا أنها في موقف قوي أيضاً وقادرة على ممارسة ضغوط على روسيا التي لا ترغب هي أيضاً في خسارة “الوسطية” التركية بملف الحرب الدائرة في أوكرانيا.

هذه التعقيدات تظهر التداخل الكبير بين الملفات التي سيبحثها الزعيمان اللذان سيكون على طاولتهما الملف الأوكراني بقوة، حيث يعمل أردوغان من أجل الحصول على مزيد من الضمانات من بوتين لضمان تنفيذ اتفاق تصدير الحبوب بالكامل بدونه وعدم اللجوء إلى أي خطوات يمكن أن تعيق استمرار صادرات الحبوب التي بدأت حديثاً بموجب اتفاق إسطنبول الذي وقع بين روسيا وأوكرانيا بشكل غير مباشر بوساطة تركية وأممية، وهو ما اعتبر بمثابة “انتصار دبلوماسي” كبير لتركيا.

ومع توقيع اتفاق الحبوب وضمان بدء تنفيذه، انتقلت تركيا للمرحلة الثانية من جهودها في الملف الأوكراني حيث ترغب في بدء مباحثات جديدة تتعلق بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين قد يبدأ لأهداف إنسانية والبناء عليه لتثبيته وهو ما قد يمهد لبدء مباحثات سياسية تأمل أنقرة أن تقود لاتفاق سياسي ينهي الحرب من خلال لقاء تاريخي بين بوتين وزلينسكي تحلم في أن تحتضنه إسطنبول التي أكدت أهمية موقع تركيا ودبلوماسيتها في الحسابات الدولية الكبرى.

وفي ملف طارئ سيفرض نفسه على أجندة القمة، يتوقع أن يبحث أردوغان وبوتين التطورات الأخيرة في أذربيجان، حيث أعلنت باكو عن مقتل جندي من قواتها على يد مجموعات أرمينية “غير شرعية” وهو ما أعقبه ضربات جوية وبرية أذربيجانية وإعلان وزارة الدفاع السيطرة على منطقة في إقليم قره باغ، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة خطر تجدد المواجهات العسكرية الواسعة بين البلدين، حيث يتوقع أن يحث الزعيمان الطرفان على تجنب التصعيد كونهما طرفان أساسيان في الاتفاق الذي توقفت الحرب بموجبه.

إلى جانب ذلك، سوف تتطرق المباحثات إلى العلاقات الثنائية على كافة الأصعدة سياسياً واقتصادياً ودفاعياً، ويتوقع أن يتصدر الملف الاقتصادي المباحثات في ظل الآفاق الواسعة التي فتحتها الأزمات الأخيرة لاقتصاد البلدين لاسيما وأن أنقرة لم تشارك في العقوبات الغربية ضد روسيا التي تسعى لتوسيع شراكاتها مع أطراف أخرى لتعويض الخسائر والقيود التي فرضتها على اقتصادها العقوبات الغربية.

القدس العربي