أثارت المناورات العسكرية التي أجرتها الصينمؤخرا ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان، تساؤلات حول مدى القدرة العسكرية التي يمكن أن تظهرها الصين، خاصة أنها تستهدف من تلك المناورات توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة، أقوى دول العالم عسكريا.
وقال المحلل العسكري الأمريكي كريس أوزبورن، الذي عمل سابقا في وزارة الدفاع الأمريكية بمكتب مساعد وزير الجيش، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست، إنه عندما يتعلق الأمر بتقييم سريع للقوة الجوية الصينية، قد يتساءل المرء عما إذا كان لدى القوات الجوية للجيش الصيني ما يكفي من الطائرات المقاتلة من الجيل الخامس لتحقيق التفوق الجوي لدعم هجوم برمائي على تايوان.
بالإضافة إلى ذلك، قد لا يكون لدى الصين ما يكفي من طائرات التزود بالوقود في الجو لاستعراض القوة الجوية عبر القارات أو حتى الحفاظ على حملات هجوم الطائرات المقاتلة التي طال أمدها فوق تايوان، بالنظر إلى أن طائرات (جيه – 20) ستحتاج إلى الانطلاق من الأرض.
وربما إدراكا لهذا العجز المحتمل وغياب طائرات (جيه – 31) التي تطلق من حاملة طائرات، تتحرك القوات الجوية الصينية بسرعة لتوسيع أسطولها من طائرات التزود بالوقود في الجو. وقد يكون هذا أيضا محاولة لسد عجز واضح في تلك الطائرات مقارنة بالولايات المتحدة واستعراض القوة الجوية العالمية بالكامل.
ووفقا لموقع “غلوبال فايرباور” تشغّل الولايات المتحدة ما يصل إلى 625 طائرة تزود بالوقود، في حين أن الصين مدرجة على أنها تمتلك ثلاث طائرات فقط. ومن شأن هذا النقص في هذه الطائرات، أن يحد أو حتى يعرض للخطر أي جهد صيني لإطلاق حملة جوية واسعة النطاق عبر القارات،حسبما يقول أوزبورن.
وتمتلك الصين بالفعل طائرات أقل من الجيل الخامس مقارنة بالولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والحلفاء بالمحيط الهادئ. ويجعل غياب هذه الطائرات من الصعب جدا على الطائرات المقاتلة الصينية، التي يتراوح مداها القتالي المحتمل بين 300 و500 ميل، التحليق لآلاف الأميال عبر قارة أو منطقة محيطية.
ولا يزال بإمكان الصين الوصول بسهولة إلى اليابان وتايوان وربما أستراليا والهند وأجزاء من جنوب شرق آسيا. ومع ذلك، من المرجح أن يكون الهجوم الجوي عبر القارات بعيد المنال. وهناك بعض الأشياء التي تقوم بها الصين بسرعة لمعالجة هذا العجز. وتقوم القوات الجوية للجيش الصيني بتطوير نسخة جديدة من طائرتها (سي – 130) وطائرة الشحن (واي – 20) الشبيهة بـ(سي – 17).
وجاء في تقرير وزارة الدفاع الأمريكية لعام 2021 حول التطورات العسكرية والأمنية التي تشمل الصين: “تُطور القوات الجوية للجيش الصيني (واي 20- يو)، وهو نوع جديد من طائرات النقل الكبيرة (واي – 20)، والتي ستمكن القوات الجوية من توسيع أسطول ناقلاتها بشكل كبير وتحسين قوتها”.
وربما تُسرع الصين من بناء طائرات (واي – 20) هذه لتتماشى مع خطتها المتطورة التي نوقشت كثيرا لتحقيق الهيمنة العالمية بحلول عام 2049. وإذا كانت نطاقات الهجوم لطائراتها المقاتلة وقاذفات القنابل، مثل (إتش – 20) الجديدة، قادرة على مضاعفة نطاقها، فإنها تفتح مهمة جديدة تماما للقوات الجوية الصينية.
ويفتح هذا مجالا جديدا تماما من خيارات الهجوم للصين. ومع ذلك، من المرجح أن يكون نقص طائرات التزود بالوقود أحد الأسباب العديدة التي تجعل الصين توسع بقوة بصمتها ونفوذها العالميين لتشمل المزيد من المواقع في الشرق الأوسط وأفريقيا. والكثير من التوغلات الصينية في أفريقيا، بصرف النظر عن ظهور قاعدة عسكرية في جيبوتي، هي اقتصادية أو تجارية المنحى. وأي قدرة لوضع طائرات في أجزاء من شمال أفريقيا تحسن بشكل كبير من قدرة الجيش الصيني على الوصول إلى القارة الأوروبية لشن هجمات جوية محتملة.
ويرى أوزبورن أن هذا أمر بالغ الأهمية؛ لأنه بدون أسطول أكبر من طائرات التزود بالوقود أو مواقع أمامية كبيرة، فإن الصين لن تكون مجهزة للتعامل مع أي مواجهة جوية على نطاق واسع خارج منطقتها المباشرة.
وفي الوقت نفسه، فإن نقص طائرات التزود بالوقود لا يحد من قدرة الصين على مهاجمة تايوان أو ربما حتى اليابان. ومع ذلك، يمكن أن تكون اليابان على بعد ألف ميل قبالة الساحل من أجزاء من البر الرئيسي للصين، اعتمادا على نقطة الإقلاع. لذلك قد تكون هناك حاجة إلى التزود بالوقود، أو القوات البرمائية، إذا احتاجت الصين إلى شن غزو على اليابان وإعطاء طائراتها المقاتلة الوقت للوصول والهبوط.
وعلى هذا الأساس، يمكن لنوع جديد من طائرات (واي-20) الصينية متعددة الوظائف، أن يحدث فرقا هائلا فيما يتعلق بالهجمات البرمائية.
ولا يمكن لطائرة الشحن الكبيرة أن تنقل الإمدادات أو القوات البرية أو الأسلحة إلى منطقة هبوط برمائية في حالة تأمين رأس شاطئ فحسب، بل يمكنها أيضا تمكين الطائرات المقاتلة من مساعدة هجوم برمائي على السعي لتحقيق التفوق الجوي.
وتعمل الصين بسرعة على توسيع قدرتها الهجومية البرمائية بسفن وطائرات بدون طيار جديدة. لذلك، فإن القوة الجوية الإضافية والمستدامة من الجيل الخامس لدعم الهجمات البرمائية يمكن أن تجلب بعدا جديدا للتهديدات الصينية لتايوان ومناطق أخرى.
القدس العربي