تمرد سياسي لإخوان اليمن بعد فشل تمردهم العسكري في شبوة

تمرد سياسي لإخوان اليمن بعد فشل تمردهم العسكري في شبوة

 

 

عدن – هدد حزب التجمع اليمني للإصلاح، في بيان أصدره في وقت متأخر من مساء الخميس، بالانسحاب من الشرعية اليمنية في حال لم يقْدم مجلس القيادة الرئاسي على إقالة محافظ شبوة عوض الوزير العولقي وإحالته إلى التحقيق.

وحمّل حزب الإصلاح، وهو فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، المحافظ العولقي “كامل المسؤولية عما آلت إليه الأمور في المحافظة، وما أفرزته من ضحايا ونهب وفوضى”، بحسب ما جاء في البيان الذي وصفه مراقبون بأنه اعتراف رسمي من قبل الحزب بوقوفه خلف التمرد العسكري الفاشل الذي شهدته محافظة شبوة (جنوبي اليمن) خلال الأيام الماضية، والذي تم إفشاله من قبل قوات العمالقة ووحدات دفاع شبوة.

ماجد الداعري: بيان الإصلاح حمل إشارات تمرد صريحة على الشرعية

وزعم بيان الحزب أن “عوض العولقي رفض كافة الجهود السياسية والاجتماعية والقبلية في احتواء الفتنة وقاد عمليات التحريض والاقتتال بمعية العناصر الخارجة عن القانون وباستخدام أسلحة الإبادة الجماعية بما فيها الطيران المسير ضد أبناء شبوة ومكوناتها ومنتسبي الجيش والأمن”.

وكانت مصادر يمنية أكدت أن النزاع المسلح جاء نتيجة لرفض عدد من الوحدات الأمنية والعسكرية التي تدين بالولاء للإخوان قرارات المحافظ والمجلس الرئاسي التي قضت بإقالة عدد من قادة تلك الوحدات الذين عمدوا إلى تفجير الوضع العسكري والسعي للسيطرة على المقرات التابعة للسلطة المحلية في مدينة عتق مركز محافظة شبوة قبل أن يطلب محافظ شبوة تدخل قوات العمالقة الجنوبية ووحدات دفاع شبوة لإعادة الأمن إلى المدينة التي شهدت اشتباكات عنيفة انتهت بسيطرة العمالقة على كامل مدينة عتق وفرار القوات الموالية للإخوان إلى خارج المدينة.

ووصف بيان حزب الإصلاح المعارك التي شهدتها شبوة، والتي انتهت بهزيمة القوات الموالية له، بأنها جاءت “إمعانا وتنفيذا لأجندات غير وطنية بهدف الاجتثاث والإقصاء”.

واتهم البيان جهات لم يسمها باستخدام “الطيران المسير بكثافة ومتابعته للمنسحبين بالقصف”، كما اتهم قوات العمالقة ووحدات دفاع شبوة بأنها عناصر خارجة عن إطار القانون “وامتلكت السلاح خارج إطار مؤسسات الدولة وخارج أهداف الشرعية في تحرير البلاد وإنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة”.

وطالب حزب الإصلاح مجلس القيادة الرئاسي بالإسراع في معالجة تداعيات هذه الفتنة وجبر الضرر للمتضررين من أبناء شبوة، وإعادة الاعتبار لكافة الوحدات العسكرية والأمنية وجميع منتسبيها.

ولم يخل بيان الإصلاح من توجيه رسائل تحذيرية مبطنة إلى التحالف العربي، من خلال الإشارة ضمنا إلى أن “السماح بأي تهاون يحول دون إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة في اليمن يستهدف في نفس الوقت مجلس التعاون لدول الخليج العربي وفي مقدمتهم الأشقاء في السعودية”.

محمود الطاهر: البيان يكشف عن خلافات داخلية كبيرة داخل الحزب

وفي تعليق على بيان الإصلاح اعتبر الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر لـ”العرب” أن “بيان الحزب كان مفاجئًا، لاسيما وأنه جاء بعد تشكيل مجلس رئاسي توافق عليه كل أبناء اليمن، ويهدف إلى توحيد الصف وفرض السلام في اليمن، غير أن مواقف الإصلاح خلال الفترة الأخيرة تشير إلى وجود خلافات داخلية كبيرة داخل الحزب، مع بروز جناح مؤيد للتلاحم اليمني وجناح آخر يريد أن يبقى هو المسيطر الأول والأخير على قرارات الدولة”.

ووصف الطاهر البيان بأنه “بمثابة إعلان تمرد على الدولة، ويكشف أن الحزب وراء عملية دعم تمرد عناصره العسكرية في محافظة شبوة على قرارات مجلس القيادة الرئاسي وقبلها رئيس اللجنة الأمنية محافظ محافظة شبوة، وهي خطوة خطيرة، بل وتكشف زيف دعواتهم إلى وحدة الصف اليمني، وتؤكد حقيقة التخادم مع الحوثي”.

وأشار الطاهر إلى أن تمديد الهدنة الأممية في اليمن سيفرز الكثير من المشاكل داخل القوى اليمنية، لاسيما تلك التي تعلن أنها مع الدولة، ومن تحت الطاولة تتواصل مع الحوثي.

وتزامن موقف الإصلاح، الذي وصفه مراقبون بأنه تصعيد غير مسبوق ضد المجلس الرئاسي والتحالف العربي، مع هجوم جديد شنته القوات التابعة للحزب التي أعادت تجميع نفسها والهجوم على مدينة عتق، وهو الهجوم الذي قالت مصادر مطلعة إن قوات العمالقة أفشلته من خلال الرد على مصادر إطلاق النار.

كما جاء البيان في أعقاب نفي مصدر مسؤول في رئاسة الجمهورية، الأنباء المتداولة بشأن لقاء ثنائي بين الرئيس رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وقيادات من حزب التجمع اليمني للإصلاح بخصوص الأحداث الأخيرة في محافظة شبوة.

وأشار المصدر -وفقا لما نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية- إلى أن البيان الصادر عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي أجاب عن كافة الأسئلة المتعلقة بمسار الأحداث التي شهدتها مدينة عتق، بما في ذلك جبر ضرر المواطنين، والتزام الدولة بمعالجة كافة الآثار المترتبة على تلك الأحداث المؤسفة.

ووصفت مصادر سياسية يمنية مطلعة لـ”العرب” التصريح الصادر عن مصدر مسؤول في الرئاسة اليمنية بأنه رسالة تتضمن عدم خضوع المجلس الرئاسي لأي ابتزاز سياسي فيما يتعلق بموقفه من الأحداث في شبوة والإملاءات التي يحاول حزب الإصلاح فرضها على المجلس عبر الحملات الإعلامية التي تشكك في شرعية المجلس وتلوّح بانسحاب ممثلي الحزب منه.

وكانت لجنة رئاسية تضم وزيري الدفاع والداخلية قد وصلت إلى محافظة شبوة لتطبيع الأوضاع الأمنية والعسكرية في المحافظة عقب المواجهات التي شهدتها مدينة عتق، ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية عن وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري ووزير الداخلية اللواء الركن إبراهيم حيدان إشادتهما “بالخطوات والإجراءات التي اتخذتها قيادة المحافظة لمعالجة آثار وتداعيات تلك الأحداث”.

وفي تصريح لـ”العرب” اعتبر الباحث السياسي اليمني ماجد الداعري أن بيان الإصلاح حمل إشارات تمرد صريحة على الدولة والشرعية والتحالف وتهديدا ضمنيا بالمواجهة المسلحة من خلال اشتراطه إقالة محافظ شبوة وإحالته إلى التحقيق و”إلا فإن الإصلاح سيضطر إلى إعادة النظر في مشاركته في كافة المجالات”، بحسب ما جاء في البيان.

وأضاف “الواضح من هذه الجملة التهديدية أن المجالات الخطرة التي يهدد الإخوان من خلالها الدولة الشرعية والتحالف العربي في اليمن بالانسحاب، هي التراجع عن الاعتراف بالشرعية ومشروعية تدخل التحالف والارتماء في أحضان الحوثي والميليشيات المسلحة المناهضة للدولة، بدليل بكائياتهم بذات البيان، عبر القول إنهم وقفوا إلى جانب الدولة وانحازوا إلى الشرعية منذ البداية وإن ما حصل بشبوة انقلاب عليهم وإقصاء لهم من التوافق الوطني وصولا إلى ابتزاز مجلس القيادة بدعوته إلى الاهتمام بالمهام الأساسية التي قالوا إنه تشكل من أجلها والمتمثلة في القضاء على مشروع الانقلاب الحوثي وتحسين معيشة الشعب، وكأنهم بذلك يلمزون إلى أن شرعية المجلس ذاتها على المحك طالما لم يتجاوب مع مطالبهم التي تكشف حجم استماتتهم للسيطرة على محافظة شبوة النفطية ولو بالتمرد على الشرعية ومواجهة الدولة عسكريا وشهر السلاح في وجه السلطة المحلية كما فعلوا في الأيام الماضية”.

العرب