في حرب أوكرانيا

في حرب أوكرانيا

الروس بدأوا ينزعجون من زيادة الدور الأميركي في الحرب، وهو تدخل يهدف إلى إطالة أمدها، ودفع روسيا إلى التراجع تحت تأثير الخسائر العسكرية التي بدأت تتضح أكثر فأكثر مع استعمال أوكرانيا للأسلحة الأميركية، وهو ما من شأنه أن يوتر العلاقة بين موسكو وواشنطن على أكثر من واجهة.

واشنطن/موسكو – مع مرور الوقت يبدو أن الأميركيين يوسعون من دورهم في حرب أوكرانيا من دون المشاركة فيها بشكل مباشر، وهو الخط الأحمر أمام الرؤساء الأميركيين. وتراهن واشنطن على أن توجيه المزيد من العقوبات على روسيا سيدفعها إلى التراجع، وهو أمر قد يطال وضع اليد على أصول روسية وتجميدها مثلما حصل في السابق مع إيران وأفغانستان.

ودفعت زيادة الدور الأميركي بأحد المسؤولين الروس إلى القول إن نفوذ الولايات المتحدة على أوكرانيا قد ازداد إلى درجة أن “الأميركيين أصبحوا بصورة متزايدة طرفا مباشرا في الصراع”.

ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن رئيس إدارة أميركا الشمالية بوزارة الخارجية ألكسندر دارتشييف قوله السبت إن أي مصادرة محتملة لأصول روسية من قبل الولايات المتحدة ستدمر العلاقات الثنائية.

وتدهورت علاقات روسيا مع الغرب بشكل حاد منذ أن أرسلت موسكو عشرات الآلاف من القوات إلى أوكرانيا في الرابع والعشرين فبراير في ما وصفته بأنه “عملية عسكرية خاصة”.

الولايات المتّحدة زوّدت أوكرانيا بكمّيات كبيرة من الأسلحة والذخائر، لكنّها لم تمدّها بما يُمكّنها من توجيه ضربات للأراضي التي تُسيطر عليها موسكو

ورد الغرب بفرض عقوبات اقتصادية ومالية ودبلوماسية غير مسبوقة، بما في ذلك تجميد حوالي نصف احتياطيات روسيا من الذهب والعملات الأجنبية التي كانت تقترب من 640 مليار دولار قبل غزو أوكرانيا.

واقترح مسؤولون غربيون كبار من بينهم مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل مصادرة الاحتياطيات المجمدة للمساعدة في تمويل إعادة إعمار أوكرانيا في المستقبل.

وقال دارتشييف لوكالة تاس “نحذر الأميركيين من العواقب الوخيمة لمثل هذه الأعمال التي ستضر بالعلاقات الثنائية بشكل نهائي، وهذا ليس في مصلحتهم ولا في مصلحتنا”.

ولم يتضح ما هي الأصول التي كان يشير إليها.

وأضاف دارتشييف أن روسيا حذرت الولايات المتحدة من أن العلاقات الدبلوماسية ستتضرر بشدة ويمكن حتى قطعها إذا تم تصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب.

وكان بوريل قال في مقابلة سابقة أجرتها معه صحيفة فايننشال تايمز إن دول الاتحاد الأوروبي يجب أن تدرس مصادرة احتياطيات النقد الأجنبي الروسية المجمدة للمساعدة في دفع تكاليف إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب.

وأضاف بوريل أنه سيكون من المنطقي أن يحذو الاتحاد الأوروبي حذو الولايات المتحدة في ما فعلته بأصول البنك المركزي الأفغاني بعد سيطرة طالبان على مقاليد الحكم هناك.

وأضاف “لدينا المال في جيوبنا، وعلى أحدهم أن يشرح لي السبب في كون هذه الخطوة جيدة في ما يتعلق بالأموال الأفغانية وليست جيدة بالنسبة إلى الأموال الروسية”.

وجمدت واشنطن الأموال الأفغانية بعد استيلاء طالبان على السلطة وتعتزم استخدام بعضها لمساعدة الشعب الأفغاني بينما تحتفظ بالباقي من أجل الدعاوى القضائية المتعلقة بالإرهاب ضد المسلحين الإسلاميين.

وفرضت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات ساحقة على روسيا منذ غزوها لأوكرانيا، واستهدفت بنوكا وشركات وأفرادا في محاولة للضغط على الاقتصاد الروسي والحد من الموارد المستخدمة لدفع الحرب قدما.

وأبدت مجموعة الدول السبع التزاما بحظر واردات النفط الروسي أو وقفها تدريجيا بينما كشفت الولايات المتحدة عن فرض عقوبات على المديرين التنفيذيين لمصرف غازبروم بنك وشركات أخرى.

ولم يقف التدخل الأميركي عند حدود العقوبات بل سارعت واشنطن وعلى فترات لتقديم الدعم العسكري المباشر لأوكرانيا خاصة بالصواريخ، الأمر الذي قد يقود إلى توتر في العلاقة مع روسيا خاصة بعد التفجيرات الأخيرة في قاعدة ساكي الجوية الروسية في شبه جزيرة القرم.

كولين كاهل: القدرات أساسية لمساعدة الأوكرانيين في صد الهجوم الروسي

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركيّة الجمعة أنّ أيّا من الأسلحة الأميركيّة لم تُستخدم لمهاجمة القاعدة الجوّية الروسيّة، مشيرة إلى أنّها تجهل أسباب الانفجارات المدمّرة التي شهدها الموقع.

ويُعتقد أنّ القوّات الأوكرانيّة تقف وراء الانفجارات التي دوّت الثلاثاء في قاعدة ساكي وأدّت إلى تدمير ثماني طائرات ومخزونات ذخيرة.

ولم تُعلن أيّ جهة مسؤوليّتها عن الانفجارات. كما لم تتّضح بعد أسباب الانفجارات في القاعدة الجوّية التي تُعدّ نقطة انطلاق رئيسيّة للعمليّات العسكريّة الروسيّة في الحرب على أوكرانيا.

وفي حين وصفت روسيا ما حصل بأنّه حادث، يقول خبراء إنّ صورًا ملتقطة بالأقمار الاصطناعيّة وكذلك تسجيلات فيديو أرضيّة توحي بأنّه هجوم.

وزوّدت الولايات المتّحدة أوكرانيا بكمّيات كبيرة من الأسلحة والذخائر، لكنّها لم تمدّها بما يُمكّنها من توجيه ضربات للأراضي التي تُسيطر عليها موسكو انطلاقًا من الأراضي الخاضعة لسيطرة كييف.

وقال مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأميركيّة لصحافيّين “لم نُزوّد أوكرانيا بما يسمح لها أو يمكّنها من ضرب القرم”.

واستبعد المسؤول أن تكون الانفجارات عبارة عن ضربة بواسطة صواريخ تكتيكيّة موجّهة دقيقة متوسّطة المدى التي كانت كييف طلبت التزوّد بها والتي يمكن أن تُطلق بواسطة منظومات هيمارس الصاروخية الأميركية الموجودة في أوكرانيا.

وشدّد المسؤول على عدم توافر معلومات لدى البنتاغون من شأنها أن تؤكّد ما إذا استُهدفت القاعدة بهجوم صاروخي أو ما إذا كانت الانفجارات قد نجمت عن عمل تخريبي.

لكنّه قال إنّ ما حصل “كان أثره كبيرًا على العمليات الجوّية الروسيّة وعلى عناصر سلاح الجوّ”.

وشدد على أن الولايات المتحدة لا تسيطر على الجيش الأوكراني. وقال “ما نريد أن يفعله الأوكرانيون هو محاربة الروس بالطريقة التي يريدونها”. وأضاف “إنها حرب أوكرانية. هم مَن يختارون الأهداف”.

والجمعة قال جهاز الاستخبارات الدفاعيّة البريطاني إنّ الانفجارات المتعدّدة التي وثّقها أشخاص موجودون في المنطقة في تسجيلات فيديو “ناجمة بشكل شبه مؤكّد عن انفجار ما يصل إلى أربعة مناطق تخزين ذخائر غير مغلقة”.

وقال الجهاز إنّ الانفجارات دمّرت أو ألحقت أضرارًا بالغة بخمس طائرات سوخوي – 24 القاذفة المقاتلة وبثلاث طائرات من طراز سوخوي – 30 متعدّدة المهمّات، لكنّ المدرج لا يزال صالحًا للاستخدام.

وبحسب جهاز الاستخبارات الدفاعيّة البريطاني “تُستخدم ساكي بشكل أساسي قاعدةً لطائرات أسطول البحر الأسود في البحرية الروسية”.

وأشار الجهاز إلى أنّ القدرات الجوّية للأسطول تمّ إضعافها إلى حدّ كبير.

وفي تكثيف لمساعداتها المالية والإنفاق العسكري لأوكرانيا، أعلنت واشنطن الاثنين الماضي عن إرسال حزمة جديدة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا بقيمة مليار دولار، تشمل خصوصا صواريخ إضافية لمنظومات المدفعية الأميركية عالية الدقة من طراز هيمارس.

◙ الولايات المتّحدة زوّدت أوكرانيا بكمّيات كبيرة من الأسلحة والذخائر، لكنّها لم تمدّها بما يُمكّنها من توجيه ضربات للأراضي التي تُسيطر عليها موسكو

وقالت وزارة الدفاع الأميركية في بيان إنّ حزمة المساعدات الجديدة تشمل أيضا المزيد من صواريخ أرض – جو الدفاعية القصيرة ومتوسطة المدى الخاصة بمنظومة الصواريخ المتقدمة أرض – جو (ناسامس)، والمزيد من صواريخ جافلين المضادة للدبابات، إضافة إلى ذخيرة أخرى.

كذلك ستتلقّى كييف 75 ألف قذيفة عيار 155 ملم، مخصّصة لأنظمة المدفعية الغربية التي تمّ تجهيز القوات الأوكرانية بها وحوالي خمسين مركبة طبّية مدرّعة.

وقال مساعد وزير الدفاع الأميركي للشؤون السياسية كولين كاهل إن هذه “القدرات أساسية لمساعدة الأوكرانيين في صد الهجوم الروسي في الشرق والتأقلم مع تطورات الوضع في الجنوب وأنحاء أخرى”.

ورفض كاهل تحديد عدد الصواريخ الدقيقة المخصصة لمنظومة هيمارس التي تشملها حزمة المساعدات الجديدة، لكنّه أشار إلى أن الجيش الأوكراني سبق أن تلقى “المئات” منها في الأسابيع الأخيرة.

وبهذه المساعدة الجديدة، تصبح قيمة المساعدات العسكرية الأميركية الإجمالية لأوكرانيا 9.8 مليار دولار منذ وصول جو بايدن إلى السلطة، حسبما أشار البنتاغون.

العرب