طعن سلمان رشدي يسلط الضوء على معارضين لفتاوى المرشد الأعلى في إيران

طعن سلمان رشدي يسلط الضوء على معارضين لفتاوى المرشد الأعلى في إيران

بينما يحاول النظام الإيراني التركيز على وجود دعم شعبي لفتاوى التحريض على العنف والقتل حيث تحركت أغلب وسائل الإعلام التابعة للنظام للاحتفاء بجريمة طعن الروائي سلمان رشدي، وجد إيرانيون في وسائل التواصل الاجتماعي متنفسا للتعاطف والتعبير عن الغضب من رجال الدين.

طهران – لجأ إيرانيون كثيرون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير إما عن غضبهم من الهجوم على الروائي سلمان رشدي أثناء إلقاء محاضرة في ولاية نيويورك في حين أيد آخرون الجريمة وربطها البعض الآخر بالمؤامرة التي تستهدف محادثات طهران النووية في فيينا.

ومازال رشدي في المستشفى بعد تعرضه لعدة طعنات الجمعة. وقال وكيل أعماله إنه من المحتمل أن يفقد إحدى عينيه ضمن إصابات أخرى.

ولم تدل السلطات في إيران، حيث تلقى رشدي تهديدات بالقتل منذ 1989 بسبب روايته “آيات شيطانية”، بأي تعليق علني حول الهجوم. لكن وسائل الإعلام الحكومية المتشددة احتفت بالهجوم بعناوين مثل “العمى أصاب الشيطان”.

ومع ذلك، عبر العديد من الإيرانيين العاديين عن تعاطفهم وأعلنوا على وسائل التواصل الاجتماعي عن غضبهم من رجال الدين الذين يحكمون الجمهورية الإسلامية، بسبب إصدارهم فتوى في عام 1989 تحث المسلمين على قتل رشدي.

في عام 2019 أوقف تويتر حساب خامنئي بسبب تغريدة قالت إن الفتوى التي أصدرها الخميني ضد رشدي ثابتة

وكتب إيراني، يدعى بهروز بوتشاني، على تويتر “من خلال الفتوى، يتحمل النظام الإيراني المسؤولية عن الهجوم على سلمان رشدي. هذا الهجوم ليس فقط اعتداء على حرية التعبير، لكنه يظهر كيف وسع الدكتاتوريون نفوذهم في جميع أنحاء العالم كي يتحدوا الأمن”.

وفي عام 2019 أوقف تويتر حساب المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بسبب تغريدة قالت إن الفتوى التي أصدرها آية الله روح الله الخميني، مؤسس الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، ضد رشدي كانت “ثابتة ولا رجعة فيها”.

وتحجب إيران مواقع فيسبوك وتويتر ويوتيوب، لكن الملايين من الإيرانيين يتغلبون على ذلك بسهولة باستخدام شبكات افتراضية خاصة.

واتهم بعض الإيرانيين الولايات المتحدة بالتآمر لتعطيل المحادثات النووية التي تحاول طهران وواشنطن من خلالها إنقاذ اتفاق إيران النووي مع الدول الكبرى الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في عام 2018.

وقال محمد مرندي المستشار الإعلامي لكبير المفاوضين النوويين الإيرانيين على تويتر “أليس من الغريب أن تطلق الولايات المتحدة ونحن نقترب من اتفاق نووي محتمل مزاعم عن هجوم على جون بولتون… ثم يحدث ذلك؟” وحصد المنشور المئات من الإعجابات وإعادة التغريد، وكذلك تجاوب أشخاص بتعليقات مماثلة.

واتهمت واشنطن أحد الإيرانيين بالتآمر لقتل بولتون مستشار ترامب للأمن القومي. ورفضت إيران الاتهام قائلة إنه “لا أساس له”.

وفي عددها الإلكتروني الأحد قالت صحيفة كيهان المتشددة التي يعين خامنئي رئيس تحريرها “حل انتقام إلهي برشدي. ترامب ووزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو التاليان”.

وتأتي هذه التعليقات بعد الإشادة بالمهاجم في وسائل إعلام إيرانية متشددة أخرى السبت. وعبر أيضا أشخاص عن آرائهم المتشددة على الإنترنت.

وقال الإيراني محمد على تويتر مستخدما الوسم الذائع (سلمان رشدي) باللغة الفارسية “أملي أن تموت”.

وقال المتهم بالهجوم هادي مطر (24 عاما) وهو من فيرفيو بولاية نيوجيرزي أمام محكمة السبت إنه غير مذنب بتهمتي الشروع في القتل والاعتداء.

ويعيش رشدي منذ عشرين عاما في نيويورك حيث استعاد حياة شبه طبيعية بعيدا عن الأنظار، مواصلا الدفاع في كتبه عن الحق في التهكم وعدم احترام الأديان.

وكانت مجلة “شتيرن” الألمانية أجرت مقابلة معه قبل أيام من الهجوم في نيويورك، قال فيها “منذ أن بدأت أعيش في الولايات المتحدة، لم تعد لديّ مشاكل… عادت حياتي إلى طبيعتها”، مبديا “تفاؤله” رغم “تهديدات القتل اليومية”، بحسب مقتطفات نشرتها المجلة على أن تصدر المقابلة كاملة في الثامن عشر من أغسطس.

ولم تلغَ “الفتوى” بحق الكاتب، واستهدفت هجمات العديد من مترجمي الرواية، جُرح بعضهم وقتِل آخرون مثل الياباني هيتوشي إيغاراشي الذي قضى طعنا في 1991.

وفي الولايات المتحدة، سجل موقع أمازون زيادة في الطلبات على “آيات شيطانية” فيما أفادت مكتبة “ستراند بوكستور” النيويوركية بأن “الناس يأتون لرؤية ما كتبه والاستعلام عمّا لدينا” في المخزون.

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة “نضال سلمان رشدي هو نضالنا، وهو نضال عالميّ”، فيما ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بهجوم “مروع”.

كما ندد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو السبت بـ”الهجوم الجبان” و”الإساءة لحرّية التعبير”.

وفي إسرائيل، أكد رئيس الوزراء يائير لابيد أن الاعتداء هو “نتيجة عقود من التحريض على القتل من قبل النظام المتطرف الإيراني”.

وكتبت صحيفة “شارلي إيبدو” الفرنسية الهزلية التي استهدفها هجوم إسلامي أقدَم منفّذه على إعدام جميع أعضاء هيئة تحريرها تقريبا عام 2015، أن “لا شيء يُبرّر فتوى، لا شيء يُبرّر حكما بالإعدام”.

وفي جنوب لبنان، قال علي قاسم تحفة رئيس بلدية قرية يارون لوكالة فرانس برس إنّ هادي مطر “من أصول لبنانيّة”، مضيفا أنه “وُلد ونشأ في الولايات المتحدة، ووالده ووالدته من يارون”.

العرب