أدت المخاوف من إمكانية تفجر صدامات بين أتباع التيار الصدري والإطار التنسيقي بزعيم التيار مقتدى الصدر إلى تأجيل تظاهرة كانت مقررة لأنصاره يوم السبت المقبل، وذلك بعد ساعات من دعوة قوى “الإطار التنسيقي” أنصارها إلى تظاهرة مضادة لحراك الصدريين، فيما برز، اليوم الثلاثاء، إعلان مليشيا “كتائب حزب الله” العراقية، المدعومة إيرانياً، “اتخاذ قرارات ميدانية تهدف إلى حماية السلم المجتمعي”.
ويأتي تأجيل الصدر للتظاهرة وسط ترقب لجلسة المحكمة الاتحادية المقررة اليوم الأربعاء، للبت بالشكوى المقدمة من قبل التيار الصدري بحل البرلمان بتهمة الإخفاق في القيام بواجباته الدستورية بعد 10 أشهر من انتخابه، من دون أن يتمكن من تشكيل الحكومة أو تسمية رئيس جديد للبلاد.
بدوره، اعتبر مدير مكتب الصدر في بغداد إبراهيم الموسوي أن المقصود بـ”الثالوث الإطاري” هم “قيس والمالكي وعمار”، في إشارة إلى قيس الخزعلي ونوري المالكي وعمار الحكيم.
وقال الصدر في بيان، اليوم الثلاثاء: “مستمرون بالإصلاح، ومستمرون بالثورة ضد فسادكم أيها الفاسدون، وسياستكم بالتشبه بخطواتنا دليل على إفلاسكم والإصرار على فسادكم، وإن كنتم تراهنون على حرب أهلية، فأنا أراهن على الحفاظ على السلم الأهلي، وإن الدم العراقي غالٍ، بل أغلى من كل شيء”.
وأضاف: “سيبقى الشعب على اعتصامه حتى تحقيق مطالبه. لكنني حباً بالعراق وعشقاً لشعبه ومقدساته، أعلن تأجيل موعد تظاهرة يوم السبت إلى إشعار آخر، لكي أفشل مخططاتكم الخبيثة، ولكي لا أغذي فسادكم بدماء العراقيين الذين راح الكثير منهم ضحية لفسادكم وشهواتكم”.
تأجيل التظاهرة إثبات حسن نية
وحول قرار الصدر تأجيل تظاهرة أنصاره التي يجري التحشيد لها منذ عدة أيام بوصفها “مليونية”، قال عضو بارز في التيار الصدري، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إن هذا الأمر يأتي لإثبات حسن نية الصدريين بعدم رغبتهم في الدخول بأي صدام.
وأكد أن “الاعتصام سيتواصل داخل المنطقة الخضراء في بغداد، ولن نحمّل قوات الأمن أو الحكومة عبئاً آخر خارج المنطقة الخضراء، بعد دعوة الإطار التنسيقي أعضاء الفصائل المرتبطة بهم للتظاهر”، ورداً على سؤال عما إذا كانت هناك انفراجة دفعت بالصدر إلى اتخاذ قرار بتأجيل التظاهرة، ردّ بالنفي.
وكان تحالف “الإطار التنسيقي” قد دعا، أمس الاثنين، إلى ما وصفه بـ”تظاهرات جماهيرية كبرى” (لم يتم تحديد موعدها) من أجل “الحفاظ على الدولة، والإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة”، مشدداً على “عدم السماح بمصادرة إرادة الشعب والعشائر العراقية أو انتهاك هيبتها”.
من جانبه، قال النائب السابق المقرب من التيار الصدري فتاح الشيخ، لـ”العربي الجديد”، إن “أطرافاً في الإطار التنسيقي لا تمانع حصول مواجهة في الشارع من أجل تحقيق ما تريد، وتثبيت معادلة حكومات التوافق وحصص الوزارات والهيئات، ولعزل الصدريين عن المشهد أو على الأقل تحجيمهم، وهذه الأطراف دائماً ما تريد التصعيد في الشارع مع كل تظاهرة لأنصار الصدر”.
وأضاف أن ذلك “ليس ببعيد، هناك أطراف خارجية تدفع باتجاه إشعال الاقتتال الداخلي، ولهذا التيار الصدري واعٍ لما يجري، ولن يكون طرفاً في نزاع داخلي، ويمنع أي فتنة يراد منها إشعال الاقتتال الشيعي ــ الشيعي”.
لكن القيادي في الإطار التنسيقي النائب محمد الصيهود، قال إن “خروج أنصار الإطار في تظاهرة جديدة لا يعني أننا نريد الصدام مع جمهور الصدر”.
وبين الصيهود، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “الهدف من خروج تظاهرات أنصار تحالفه التأكيد على أن الشارع ليس حكراً على طرف سياسي، وأنه لا يمكن فرض أي إرادة سياسية من خلال هذا الشارع، وهو للضغط نحو دفع التيار الصدري للتفاوض والحوار بدل أي تصعيد في الشارع”. وتابع: “نحن لن نقبل بحدوث أي تصادم ما بين جمهور التيار والإطار، وتظاهرات الإطار سلمية وأهدافها معلنة وواضحة”.
وقال المستشار في حركة “حقوق” التابعة لجماعة “كتائب حزب الله” العراق علي فضل الله إن “المتظاهرين من جماهير الإطار يدعمون الدستور العراقي لتنفيذ أي مطالب شعبية، بالتالي فهم لم يقتحموا المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان، بل يسعون عبر الوسائل السلمية للحصول على مطالبهم التي تتلخص بتثبيت الدولة، وعدم زعزعة الأمن والاستقرار، وتشكيل حكومة عراقية عبر الكتلة الكبرى في البرلمان، وهي الإطار الشيعي والمتحالفين معه من السنة والأكراد”.
واعتبر فضل الله، في اتصال مع “العربي الجديد”، أن “استخدام الشارع والجماهير من الوسائل الديمقراطية، والأهم هو عدم التصعيد ووصف قادة الإطار التنسيقي بالثالوث المشؤوم، لأن لدى الإطار جماهير لا تقبل بذلك”.
تلويح “حزب الله” بالنزول إلى الشارع
في المقابل، لوحت مليشيا “كتائب حزب الله” العراقية، المدعومة إيرانياً، اليوم الثلاثاء، بالنزول للشارع ضمن ما سمّته “مقتضيات المصلحة العامة”.
وقالت، في بيان، إن “ما يمرّ به عراقنا من أزمات ونزاعات توجب على العقلاء الأخذ بالحكمة، واحترام السلطة القضائيّة، والاحتكام إلى الدستور وتقديم مبدأ الصلح، والحلول السلمية، بديلاً عن التصعيد بالتهديد والوعيد”.
دعا مصطفى الكاظمي قادة القوى السياسية لاجتماع غداً
وأضافت أنه “لمقتضيات المصلحة العامة وحتى لا تنزلق الأمور إلى ما يريده العدو وعملائه، ولِوَأدِ الفتنة التي قد تعصف بالعراق وأهله، وتحرق الأخضر واليابس، ومن منطلق النصوص، وسيرة المعصومين عليهم السلام، وفتاوى علمائنا، التي أكدت وأوجبت قطع الطرق على البغاة أيّاً كان ما يدّعون، وإلى أي فريق ينتمون، فإننا في كتائب حزب الله سنتخذ قرارات ميدانية تهدف إلى حماية السلم المجتمعي، عملاً بالتكليف لدفع الشّرّ عن شعبنا”.
وفي حين بحث زعيم تحالف “الفتح” هادي العامري مع مبعوثة الأمم المتحدة إلى العراق جينين بلاسخارت سبل معالجة الأزمة، قال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، خلال جلسة الحكومة، التي أعلن وزير المالية علي علاوي استقالتهمنها اليوم الثلاثاء: “كان قرارنا في هذه الحكومة ألّا نتورّط بالدم العراقي، لا اليوم ولا غداً. الدم العراقي غالٍ، والمشاكل يجب أن تحل بالحوار ثم الحوار، ولهذا غداً سوف أدعو إلى حوار وطني عراقي لكل قادة البلد، من أجل المساهمة في إيجاد حل، والتفكير في حل هذه القضية”.
وتابع أنه “من منطلق المسؤولية الوطنية المشتركة التي تجمع العراقيين على مبدأ حفظ وحدة العراق وأمنه واستقراره أدعو قادة القوى السياسية الوطنية إلى اجتماع وطني في قصر (مقر) الحكومة يوم غدٍ الأربعاء”. وناشد الأطراف وقف التصعيد “الشعبي والإعلامي”.
وقال مسؤول عراقي بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، لـ”العربي الجديد”، إن “الكاظمي أبلغ قوى الإطار التنسيقي بوجود مخاوف كبيرة من حصول صدام ما بين جمهور التيار الصدري والإطار مع استمرار الخروج بتظاهرات مضادة لتظاهرات الصدريين”.
وبين أن “الكاظمي طالب قوى الإطار التنسيقي بوقف التصعيد في الشارع، لمنع أي صدام شعبي قد يحصل ولإيجاد حلول يمكن من خلالها فتح قنوات حوار مع الصدر لحل الأزمة السياسية بالحوار”.
وأضاف أن “قوى الإطار التنسيقي (دولة القانون، عصائب أهل الحق، الحكمة)، رفضوا دعوة الكاظمي لإيقاف التظاهرات المضادة للصدريين، وطلبوا منه إنهاء تظاهرات التيار الصدري مقابل منع خروج أي تظاهرة لجمهور هذه الأطراف الثلاثة”.
وقال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إن “التصعيد من قبل بعض أطراف الإطار التنسيقي، خصوصاً من قبل ائتلاف دولة القانون وحركة عصائب أهل الحق، استفز أنصار التيار الصدري كثيراً، خصوصاً أن أنصار الصدر يدركون جيداً أن هاتين الجهتين مسؤولتان عن إحباط مشروع الأغلبية الوطنية واستقالة الكتلة الصدرية من البرلمان”.
وأضاف الشمري أن “أنصار التيار الصدري غاضبون ومعبأون تجاه ائتلاف دولة القانون وحركة عصائب أهل الحق، خصوصاً مع العلاقة المتوترة ما بين أنصار الصدر وأتباع نوري المالكي وقيس الخزعلي، ولهذا حصول الاحتكاك أو الصدام أمر وارد جداً”.
العربي الجديد