واشنطن – لا تظهر الولايات المتحدة أيّ حماس لحسم المعركة على الأرض في أوكرانيا من خلال ضخ المزيد من الأسلحة والأموال لدعم الرئيس فولوديمير زيلينسكي وهو ما يثير تساؤلات حول إستراتيجية واشنطن في أوكرانيا؛ هل تقوم على استثمار الظروف لتوجيه ضربة قوية لروسيا أم أنها تدفع نحو الجمود في الوضع العسكري ما يتيح إدامة أمد الحرب ولو على حساب الأوكرانيين.
يأتي هذا في وقت تطالب فيه مجموعة كبيرة من الجنرالات والدبلوماسيين الأميركيين إدارة جو بايدن بتسليح كييف قبل فوات الأوان.
ويقول محللون إن إستراتيجية واشنطن في أوكرانيا تقوم على تجنب مواجهة مباشرة مع روسيا، وفي نفس الوقت توجيه الإيذاء لها بشكل يمنعها من التقدم في الحرب وتحقيق مكاسب ميدانية سريعة، لافتين إلى أن هذه الإستراتيجية لا تقود إلى هزيمة روسيا، لكن في نفس الوقت تمنعها من تحقيق النصر وتحصيل مكاسب سياسية تزيد من شعبية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويشير المراقبون إلى أن هذه الإستراتيجية المثيرة للجدل هي التي تفسر الأسباب التي دفعت البنتاغون، إلى حد الآن، إلى إرسال أسلحة تؤذي الروس دون أن تتسبب في هزيمتهم، معتبرين أن هدف إدارة بايدن هو إطالة الحرب وتحويلها إلى ما يشبه حرب الاستنزاف، وهو الأمر الذي أشار إليه بوتين الأربعاء.
إستراتيجية واشنطن في أوكرانيا تقوم على تجنب مواجهة مباشرة مع روسيا، وفي نفس الوقت عرقلة تقدمها في الحرب
ووجهت مجموعة من الجنرالات والدبلوماسيين البارزين رسالة إلى إدارة بايدن لاموها فيها على التردد، معتبرين أن الحرب في أوكرانيا فرصة قد لا تتكرر لهزيمة الجيش الروسي في معركة كلاسيكية على يد جيش أصغر وأضعف، ولكن من خلال دعم أميركي فعال.
وقال هؤلاء إنه يجب أن تتحرك إدارة بايدن بشكل أسرع وإستراتيجي لتلبية الطلبات الأوكرانية من الأسلحة، وإنها عندما تقرر إرسال أسلحة أكثر تقدمًا، مثل مدفعية هيمارس فيجب أن ترسلها بكميات أكبر تزيد من تأثيرها على ساحة المعركة.
وأضافوا أن على الولايات المتحدة أن ترسل ذخائر أتاكمس، التي أطلقتها هيمارس بمدى 300 كيلومتر لضرب أهداف عسكرية روسية في أيّ مكان في أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم.
وتحتاج أوكرانيا إلى إعادة إمداد مستمرة بالذخيرة وقطع الغيار لمنصات المدفعية. وعلاوة على ذلك تحتاج إلى المزيد من الدفاع الجوي قصير ومتوسط المدى لمواجهة الهجمات الجوية والصاروخية الروسية.
وأشارت الرسالة كذلك إلى الحاجة لنشر مضادات مناسبة لعرقلة الانتشار المتزايد للطائرات دون طيار روسية الصنع والطائرات الجديدة التي تحاول شراءها من إيران.
وفي تكثيف لمساعداتها المالية والإنفاق العسكري لأوكرانيا، أعلنت واشنطن مؤخرا عن إرسال حزمة مساعدات عسكرية جديدة لكييف بقيمة مليار دولار، تشمل خصوصا صواريخ إضافية لمنظومات المدفعية الأميركية عالية الدقة من طراز هيمارس.
وشملت حزمة المساعدات الجديدة أيضا المزيد من صواريخ أرض – جو الدفاعية قصيرة ومتوسطة المدى الخاصة بـ”منظومة الصواريخ المتقدمة أرض – جو” (ناسامس)، والمزيد من صواريخ جافلين المضادة للدبابات، إضافة إلى ذخيرة أخرى.
ويقول خبراء إن الأسلحة الأميركية والأوروبية التي حصلت عليها أوكرانيا إلى حد الآن لا تكفي لتغيير المعادلة على الأرض، وإنها أقرب إلى تسجيل الحضور منه إلى التأثير الميداني، وهو ما يساعد روسيا على الاستمرار في خطتها للسيطرة على الأراضي الأوكرانية والتخطيط لتكوين جمهوريات صغيرة تابعة لها.
وتعزو إدارة بايدن ترددها حتى الآن في اتخاذ خطوات حاسمة إلى خوفها من استفزاز روسيا، أو كما قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان مؤخرًا في منتدى آسبن للأمن، “لتجنب الحرب العالمية الثالثة”.
تحرك دولي لتأمين شحنات الحبوب وتهميش لمسار وقف الحرب في أوكرانيا
وقال الجنرالات والدبلوماسيون الأميركيون في رسالتهم إلى البيت الابيض إن من مصلحة بوتين أن يهدد بحرب نووية، لكن ليس أن يبدأها، مشيرين إلى أن الكرملين دأب على توجيه تهديدات نووية ثبت أنها جوفاء مثل تهديداته فيما يتعلق بانضمام فنلندا والسويد إلى الناتو.
وأضافوا أنه “إذا سمحنا لبوتين بإخافتنا من تزويدنا بالأسلحة التي تحتاجها أوكرانيا (…) فماذا يحدث عندما يلوّح بعصاه النووية فوق دول البلطيق؟ ولماذا تفترض الإدارة أن بوتين لن يجرؤ على فعل ذلك مع إستونيا أو بولندا إذا نجح هذا التكتيك في أوكرانيا؟”.
وشددوا على أن المبادئ والمصالح الأميركية تتطلب أقوى رد ممكن لإجبار الروس قدر الإمكان على العودة إلى خطوط ما قبل فبراير 2022 وفرض تكاليف باهظة بما يكفي لردعهم عن غزو دولة أخرى، لافتين إلى أن مخططات بوتين لا تنتهي في أوكرانيا، كما أوضح ذلك المسؤولون الروس مرارًا وتكرارًا، إذا فازت روسيا في أوكرانيا يصبح حلفاؤنا من دول البلطيق في الناتو معرضين للخطر، وكذلك الحلفاء الآخرون المقيمون في الجوار.
العرب