الخسائر الفادحة للحرائق في الجزائر تزيد من انتقاد السلطة

الخسائر الفادحة للحرائق في الجزائر تزيد من انتقاد السلطة

فشلت الحكومة الجزائرية في الالتزام بتعهداتها السابقة بشان حشد الإمكانيات لتلافي سيناريو حرائق العام الماضي بعد سقوط نحو 40 ضحية وحوالي 200 مصاب جراء الحرائق المهولة التي اندلعت في عدة محافظات ما يضعها في مأزق.

الجزائر – عاد الجدل في الجزائر حول خلفيات ومسؤولية الخسائر الفادحة الناجمة عن الحرائق المهولة التي اندلعت في شرق البلاد، حيث ظهر أن الحكومة لم تحشد الإمكانيات اللازمة لمواجهة الأخطار المحتملة، رغم الكارثة البيئية والإنسانية التي سببتها حرائق مماثلة في منطقة القبائل العام الماضي.

وأعلن جهاز الحماية المدينة (الدفاع المدني) الجزائري عن سقوط نحو 40 ضحية وحوالي 200 مصاب جراء الحرائق المهولة التي اندلعت في عدة محافظات بشرق البلاد، كسطيف وسوق أهراس والطارف، فضلا عن خسائر مادية أخرى في الممتلكات ورؤوس الماشية.

وجاءت الحصيلة الأولية المرشحة للارتفاع في ظل وجود مفقودين وجثث متفحمة لم يتم التعرف على هويتها، في أعقاب تصريح صادم أثار غضب الشارع الجزائري، صدر عن وزير الداخلية والجماعات المحلية كمال بلجود، حول “عطب أصاب طائرة إطفاء الحرائق التي استأجرتها الحكومة من روسيا منذ عدة أيام”.

ويبدو أن وتيرة الحرائق المسجلة في الآونة الأخيرة، كشفت عدم التزام الحكومة بتعهداتها السابقة حول حشد الإمكانيات اللازمة من أجل تلافي سيناريو حرائق العام الماضي بمنطقة القبائل، وحتى الطائرات التي وعدت بتوفيرها لم تتعد حدود طائرة روسية واحدة تم استئجارها.

الشارع الجزائري لا يزال في صدمة واستغراب، من عجز السلطة عن توفير طائرات إطفاء الحرائق وهو ما أدى إلى المزيد من الخسائر

وساعدت الظروف المناخية والغطاء الغابي والنباتي في التهام النيران لمساحات واسعة في محافظتي سوق أهراس والطارف في أقصى الحدود الشرقية، ووصلت ألسنتها إلى بيوت وممتلكات السكان، الأمر الذي حول المنطقة في ظرف قصير إلى رماد مع انبعاث رائحة الدخان.

وتحدث شهود عيان ومدونون على شبكات التواصل الاجتماعي عن حالات مروعة لجثث أفراد وعائلات بأكملها تفحمت، خاصة في حديقة للحيوانات بمحافظة الطارف، حيث كان العديد من العائلات والأفراد هناك، قبل أن تفاجئهم ألسنة اللهب وتحاصرهم من كل الجوانب.

وسجلت الجزائر في غضون الأسبوعين الأخيرين أكثر من 120 حريقا في 21 محافظة تم التحكم في أغلبها، لكن الحرائق الأخيرة في شرق البلاد كانت مروعة ومهولة بحسب شهود عيان، مما اضطر السلطات المحلية إلى إجلاء أكثر من 300 عائلة، في حين فرت العشرات الأخرى من مساكنها طلبا للنجدة، كما تم غلق عدد من الطرقات أهمها الطريق الدولي الرابط بين الجزائر وتونس.

وفيما لا تزال الحصيلة المعلن عنها من طرف الدفاع المدني مفتوحة، تتحدث مصادر محلية عن العشرات من الضحايا، منهم عنصر من أعضاء الدفاع المدني، وأكثر من 300 مصاب تم إجلاؤهم إلى المستشفيات الحكومية في المنطقة، وسط غضب السكان من عدم التزام الحكومة بتعهداتها السابقة بحشد الإمكانيات اللازمة.

ولا يزال الشارع الجزائري في صدمة واستغراب من عجز السلطة عن توفير طائرات إطفاء الحرائق التي وعدت بها خلال حرائق العام الماضي بمنطقة القبائل، خاصة وأن الخزينة العمومية بإمكانها تغطية تكاليفها بكل أريحية، وهي التي غطت نفقات أنشطة وتظاهرات رياضية وثقافية أخرى بالملايين من الدولارات.

ولم يصدر أي تعليق من الحكومة بشأن عدم توفير الطائرات المذكورة لتلافي كل هذه الخسائر في الأرواح والممتلكات، في حين تتحدث مصادر مقربة منها عن إبرام صفقة العام الماضي مع روسيا لتوفير طائرات ضخمة، لكن الشركة المصنعة ليس بإمكانها تنفيذ الطلبية إلا العام القادم، ولذلك تم استئجار طائرة مماثلة تبين أنها تعطلت بحسب وزير الداخلية.

وكشف رئيس الوزراء أيمن بن عبدالرحمن، خلال زيارته للمنطقة للاطلاع على الوضع، أن “أغلب الضحايا بمحافظة الطارف كانوا من المصطافين، وليسوا كلهم من سكان المنطقة”، في إشارة إلى مرتادي حديقة الحيوانات.

وذكر بأن “نوعية الأشجار والغطاء النباتي هي التي سمحت بالانتشار السريع للنيران في ولاية الطارف، وهذا درس لنا مستقبلا، وما حدث هو أن شدة الرياح ونوعية الغطاء النباتي أثرتا في عدم التحكم في النيران، وما حدث فاجعة وطنية”.

ولفت المتحدث إلى أن “الدولة ستسخر كل الوسائل والإجراءات والآليات من أجل بداية عملية الإحصاء السبت المقبل، وأن الحكومة ستقوم بمعاينة وإحصاء كل الخسائر وسنعوضها، سواء الأملاك أو السكنات أو الماشية وكل من له ملك ستعوضه الدولة.. ستتكفل الدولة بكافة الخسائر الناجمة عن الحرائق وتعويض المتضررين”.

وأكد رئيس الوزراء أن “مهما كانت طبيعة الوسائل المستعملة فإنه لا يمكن مجابهة الحرائق في ظل قوة رياح الأمس (الخميس) التي تجاوزت 91 كلم/الساعة.. لقد تم تجنيد كل الوسائل، ولكن قوة الرياح أعاقت جهود المصالح المختصة”.

وأمر وزير العدل عبدالرشيد طبي المحاكم الإقليمية المختصة بفتح تحقيق قضائي ضد مجهولين، لمعرفة ما إذا كانت الحرائق مفتعلة أو ذات خلفيات أخرى، من أجل تطبيق القانون بحذافيره.

وحسب مصدر أمني، فقد تم توقيف ثلاثة أشخاص في محافظة الطارف الخميس، لاشتباههم في افتعال أحد الحرائق، وهو ما قد يكون مقدمة لتوقيفات أخرى في نفس السياق، وهو ما كان قد ألمح إليه وزير الداخلية كمال بلجود في تصريحه “لقد تم إقرار إجراءات استباقية كمنع نشاط الفحم والتخييم في الغابات، لكن أن تندلع عدة حرائق في توقيت واحد بعدد من المحافظات يجعل فرضية الظروف المناخية ليست السبب الوحيد في ذلك”.

وتلقت الجزائر رسائل واتصالات تضامن وتعاطف من طرف عدد من الحكومات كتركيا ومصر والأردن وتونس.. وغيرها.

العرب