الرياض – بغداد – قالت مصادر عراقية مطلعة إن زعيم تيار الحكمة والقيادي بالإطار التنسيقي عمار الحكيم سعى خلال زيارته إلى السعودية للحصول على مساعدة من الرياض في الضغط على زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لمراجعة مواقفه بشأن حل البرلمان وإجراء انتخابات، لافتة إلى أنه ليس معروفا بالضبط ما هو الطلب الذي حمله الحكيم إلى المملكة لتضغط من خلاله على الصدر وتدفعه إلى المشاركة في حوار وطني بمقاسات إيرانية، كما لم يعرف بعد مدى استجابة السعودية للتوسط في خلاف داخلي حول طريقة إدارة الأزمة السياسية.
ويعرف الحكيم أن الحصول على موقف سعودي واضح من الصدر أو من غيره أمر صعب، وتتعامل الرياض بحذر مع الملفات الداخلية العراقية ولا تريد أن تبدو وكأنها تقف في صف هذا الطرف أو ذاك خاصة أن الخلاف واقع داخل الطائفة الواحدة ولا يعدو أن يكون صراعا على المواقع.
وقال الحكيم إنه بحث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان “تطورات الساحة العراقية”.
وأضاف الحكيم في تغريدة له على تويتر “أكدنا أن الحوار بين مختلف الأطراف هو السبيل الأمثل للوصول إلى حلول مرضية للانسداد السياسي الحالي في العراق، وشدّدنا أن الحلول لا بد أن تبقى عراقية دون أيّ ضغوطات خارجية”.
واكتفت وكالة الأنباء السعودية الرسمية بالقول إنه جرى خلال اللقاء “استعراض العلاقات السعودية – العراقية، وعدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك”.
وترى المصادر العراقية السابقة أن هدف الزيارة الخفي هو إظهار أن السعودية لا تمانع في فتح قنوات التواصل مع خط إيران في العراق، وأنها يمكن أن تستقبل ممثليه وتتعاون معه وتعترف به كأمر واقع، وهو ما يعني أنها ستتنازل عمّا سبق الحديث عنه بشأن بناء علاقة مع التيار الشيعي الذي يميل إلى دعم العمق العربي للعراق، وهو ما يمثله مقتدى الصدر.
وتعتقد المصادر ذاتها أن الزيارة تهدف إلى دق الإسفين بين السعودية وبين الصدر أكثر منها البحث عن وساطة أو طلب ضغط سعودي عليه، في وقت لا تتجاوز علاقة زعيم التيار الصدري بالرياض أكثر من زيارة خاطفة حملت إشارات عن رغبة متبادلة في توسيع قنوات التواصل من دون أن يكون لذلك تأثير على تعاون بين الطرفين أو وقوف السعودية وراء الصدر ورفضه الصارم لأيّ توافق مع تيار إيران في البرلمان أو الحكومة.
وكان الصدر زار السعودية، والتقى الأمير محمد بن سلمان، وقرئت الزيارة على أنها اختراق سعودي لافت للمشهد العراقي، وأن الشيعة بدأوا بالانفتاح على العمق العربي والتحرر من قبضة إيران ولو بشكل تدريجي.
وقوبل لجوء الإطار التنسيقي إلى السعودية باستخفاف من التيار الصدري؛ حيث قال صالح محمد العراقي الذي يلقب بـ”وزير الصدر”، “من اللافت للنظر أن أحدهم توجّه إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة بعد انتهاء جلسة الحوار الوطني ببضع ساعات، ولو كنّا نحن الفاعلين لقالوا: إن جلسة الحوار كانت بضغط من الخارج وإشعار من التطبيعيين والأميركيين وما شاكل ذلك”.
الزيارة تهدف إلى دق الإسفين بين الرياض والصدر أكثر منها البحث عن وساطة أو طلب ضغط سعودي عليه
ودعا العراقي خصوم التيار الصدري إلى التحلي بالأخلاق وبشرف الخصومة والابتعاد عن الاتهامات والتشكيك وكيل التهم جزافا.
ويطالب التيار الصدري بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، فيما يريد الإطار التنسيقي إجراء هذه الانتخابات لكن بشروط، مطالبا بتشكيل حكومة قبل إجراء انتخابات مبكرة. ومنذ 12 أغسطس، يقيم مناصرو الإطار التنسيقي كذلك اعتصاما على طريق يؤدي إلى المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد.
وأعلن التيار الصدري الخميس رفضه نتائج اجتماع للحوار الوطني عُقد الأربعاء، معتبرا أنها “لا تسمن ولا تغني من جوع”، ومتهما أغلب الحضور بالسعي إلى “البقاء على الكرسي”.
وغاب التيار الصدري عن هذه الجلسة التي دعا إليها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وحضرها قادة قوى سياسية للبحث عن حل لأزمة سياسية مستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر ما حال دون تشكيل حكومة جديدة.
وخرج الاجتماع بخمس نقاط أبرزها: دعوة التيار الصدري إلى الانخراط بالحوار لوضع آليات للحل الشامل، والاتفاق على استمرار الحوار لوضع خارطة طريق قانونية ودستورية لمعالجة الأزمة الراهنة، ووقف كل أشكال التصعيد الميداني أو الإعلامي أو السياسي.
وهاجم خطيب مقرب من الصدر الجمعة نتائج هذا الاجتماع واصفا إياها بأنها “لا قيمة لها ولا نقيم لها وزنا”.
وقال الخطيب مهند الموسوي أمام الآلاف من أتباع الصدر خلال خطبة صلاة الجمعة بمقر اعتصامهم قبالة مقر البرلمان “إن الحوارات السياسية التي تعقدونها ليست لمصلحة الشعب أو البلد بل هي لبقائكم ولا قيمة لها ولا نقيم لها وزنا”. وأضاف “الشعب العراقي هو من يقرر مصيره وهو مصدر السلطات وخروج الشعب اليوم هو ضد الفساد والذين لا يحترمون الشعب والدولة وليس ضد الدولة”.
العرب