الرباط – دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب السبت بعض الدول الشريكة للمغرب التي لا تؤيد بوضوح خطة الحكم الذاتي التي قدمتها الرباط، والتي تحظى بدعم دولي وعربي كبير بشأن النزاع في الصحراء المغربية، إلى توضيح مواقفها بشكل غير قابل للتأويل، من دون أن يخص بالذكر أي دولة.
وقال العاهل المغربي في خطابه السنوي بمناسبة ذكرى “ثورة الملك والشعب” التي تخلد النضال ضد الاستعمار، “ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”.
وأضاف “أوجه رسالة واضحة للجميع: إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.
ولم يشر الملك محمد السادس إلى أي دولة من شركاء المملكة، لكنه أعرب عن الارتياح “لدعم العديد من الدول الوازنة (…) لمبادرة الحكم الذاتي”، خاصا بالذكر الولايات المتحدة وعددا من الدول الأوروبية والأفريقية والعربية.
وكان اعتراف الولايات المتحدة أواخر العام 2020 بسيادة الرباط على المنطقة المتنازع عليها، في إطار اتفاق ثلاثي نص أيضا على تطبيع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل.
كما أشار العاهل المغربي إلى دول أوروبية أعلنت قبل بضعة أشهر عن “موقف بناء من مبادرة الحكم الذاتي”، مثل إسبانيا وألمانيا، ما فتح الباب لانفراج في علاقات الرباط بالبلدين بعد أزمتين دبلوماسيتين متفاوتتي الحدة.
وفي الثامن عشر من مارس، عدّلت إسبانيا بشكل جذري موقفها من قضية الصحراء المغربية لتدعم علنا مقترح الحكم الذاتي المغربي.
وفي السادس من يناير الماضي، وجه الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير رسالة إلى الملك محمد السادس، اعتبر فيها أن مقترح الحكم الذاتي الذي يتشبث به المغرب كحل لملف إقليم الصحراء “أساس جيد” للتوصل إلى اتفاق لهذا النزاع الإقليمي.
وكانت دول أوروبية قد دعمت مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب لحل مشكلة الصحراء المغربية، منها إسبانيا وألمانيا وصربيا وهولندا والبرتغال والمجر وقبرص ورومانيا، كما “قامت ثلاثون دولة بفتح قنصليات في الأقاليم الجنوبية (الصحراء) تجسيدا لدعمها للوحدة الترابية للمملكة المغربية والصحراء”.
وأعرب العاهل المغربي عن تقديره لعدد من “ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية الشقيقة، خاصة الأردن والبحرين والإمارات وجيبوتي وجزر القمر”، التي فتحت قنصليات بالعيون (كبرى محافظات الصحراء الغربية) ومدينة الداخلة.
كما عبّر عن نفس الموقف بخصوص “40 في المئة من الدول الأفريقية تنتمي إلى خمس دول جهوية فتحت قنصليات في العيون والداخلة”، وكذلك دول من أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.
وشكر أيضا “باقي الدول العربية التي أكدت باستمرار دعمها لمغربية الصحراء، في مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي ومصر واليمن”.
والصحراء المغربية التي يدور حولها نزاع بين المغرب من جهة، وجبهة بوليساريو مدعومة من الجزائر من جهة ثانية، تصنّفها الأمم المتحدة بين “الأقاليم غير المتمتّعة بالحكم الذاتي”.
وأطلقت الرباط التي تسيطر على ما يقارب 80 في المئة من أراضي هذه المنطقة الصحراوية الشاسعة، في السنوات الأخيرة مشاريع إنمائية كبرى فيها، وهي تقترح منحها حكما ذاتيا تحت سيادتها.
أما جبهة بوليساريو فتدعو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير بإشراف الأمم المتحدة، تقرّر عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المملكة والجبهة في سبتمبر 1991.
ويأتي خطاب العاهل المغربي مع اقتراب جولة للمبعوث الأممي المكلف بملف الصحراء ستيفان دي ميستورا إلى المنطقة لتشمل موريتانيا والجزائر، شهر سبتمبر المقبل.
وكشفت صحيفة “أفريكا أنتيليجنس” أن المبعوث الأممي سيعقد مجموعة من اللقاءات مع وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة، ووزير الخارجية الموريتاني محمد سالم مرزوق، وأنه سيقوم بزيارة إلى مخيمات تندوف.
وقام المبعوث الأممي بزيارة للمغرب في يوليو الماضي، أجرى خلالها مجموعة من المحادثات بخصوص قضية الصحراء مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة.
وأكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، آنذاك، أن “زيارات دي ميستورا تهدف إلى دفع العملية السياسية في الصحراء بشكل بنّاء”.
ومن المؤكد أن دي ميستورا سيقوم بالتحضير للقرار الأممي الذي سيتم تبنيه في أكتوبر المقبل بشأن مصير مهمة مينورسو، في سياق مختلف يشهد دعما دوليا واسع النطاق لمبادرة الحكم الذاتي، ووجود أكثر من 25 قنصلية في مدن الصحراء.
ومن منطلق رؤية سيادية أكدت وزارة الخارجية المغربية أن “المغرب جدد تشبثه بالمسلسل السياسي للموائد المستديرة، طبقا للقرار 2602، الذي يدعو إلى التوصل إلى حل سياسي واقعي، عملي، مستدام، وقائم على التوافق للنزاع الإقليمي حول الصحراء”.
العرب