في وقت كانت فيه الأجواء تشير إلى محاولة تهدئة الأوضاع في العراق، والدفع لعقد جلسة حوار جديدة اليوم الإثنين، بعد المواجهات الدامية التي شهدتها بغداد ومناطق أخرى يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، إثر إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتزاله العمل السياسي ونزول أنصاره إلى الشوارع، برز أمس الأحد تطور مفاجئ من القضاء العراقي.
فقد أعلنت المحكمة الاتحادية العليا تحديد جلسة رسمية في 28 سبتمبر/ أيلول الحالي، للنظر بشكوى مقدمة لها، تطعن في صحة قرار رئيس البرلمان محمد الحلبوسي قبول استقالات نواب التيار الصدري، في 12 يونيو/ حزيران الماضي، وهو ما يعني إمكانية نسف كل القرارات الأخرى التي اتخذت عقب ذلك، بما فيها تسمية بدلاء لنواب الكتلة الصدرية، البالغ عددهم 73 نائباً، في حال قبول المحكمة الطعن بشرعية قرار رئيس البرلمان.
ولم يتضح ما إذا كان التيار الصدري هو من قدّم الطعن أو أن أطرافاً أخرى تحاول إيجاد تسوية جديدة من خلال العودة إلى ما قبل 12 يونيو الماضي، ضمن مساعٍ لحل الأزمة. لكن المحامي الذي رفع الطعن يدعى ضياء الدين جبر، وهو من محافظة بابل، ولا صلة له بالتيار الصدري. ورجحت مصادر سياسية أن يكون قبول المحكمة الطعن ضمن سعيها لدفع الاتهامات الموجهة لها من الصدر بشأن انحيازها في الأزمة الحالية لقوى “الإطار التنسيقي”.
تحضيرات لجلسة حوار جديدة في العراق
جاء هذا التطور في وقت كانت فيه قوى سياسية تسعى لعقد جولة حوار جديدة، اليوم الإثنين، في القصر الحكومي داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد، برعاية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وسط شكوك في إمكانية انعقاد الجلسة، خصوصاً بعد إخفاق عقدها الأسبوع الماضي، بسبب مقاطعة التيار الصدري وحلفائه في الحزب الديمقراطي الكردستاني و”تحالف السيادة”.
وعقدت القوى السياسية اجتماعها الأول برعاية الكاظمي بمقاطعة التيار الصدري، في 17 أغسطس/ آب الماضي، والذي لم يفض إلى أي حلول للأزمة السياسية.
وقال مسؤول في رئاسة الوزراء، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إن “الكاظمي وجّه دعوة لكافة الأطراف السياسية لحضور اجتماع “الحوار الوطني”، اليوم الإثنين، في القصر الحكومي، من أجل الوصول إلى حلول وتفاهمات للأزمة السياسية، وكذلك إيجاد اتفاقات تمنع تكرار أي صدام مسلح ما بين أنصار التيار الصدري والفصائل المسلحة المدعومة من قبل إيران”.
لا توجد أي ضمانات لمشاركة جميع الكتل والأحزاب في اجتماع الحوار المقرر اليوم
وأكد أنه “لغاية الآن (عصر أمس الأحد) لا توجد أي ضمانات لمشاركة جميع الكتل والأحزاب في الاجتماع المرتقب، خصوصاً أن التيار الصدري ما زال مصرّاً على رفض الحضور، وأبلغ الكاظمي بذلك بشكل رسمي، كما أن تحالف السيادة والحزب الديمقراطي لم يحسما أمرهما من الحضور، بسبب مقاطعة الصدريين للاجتماع”.
وأضاف أن “بعض قوى الإطار التنسيقي قد تتخلّف عن الاجتماع أيضاً بسبب عدم وجود التيار الصدري، واعتبار تلك الاجتماعات بأنها يتم تجييرها لصالح رئيس الحكومة كونها شكلية”. وبيّن المسؤول أن “مقاطعة الأطراف السياسية ربما تدفع الكاظمي إلى تأجيل الاجتماع من جديد، فلا ضمانات حتى الساعة لعقد الاجتماع، خصوصاً أن هناك من وضع شروطاً مسبقة من أجل الحضور، وعلى رأسهم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي”.
في غضون ذلك، شدد الحلبوسي على أن جلسة الحوار المقرر عقدها اليوم الإثنين يجب أن تتضمن تحديد موعد لانتخابات مبكرة أقصاها نهاية العام المقبل، وأن يتم اختيار حكومة كاملة الصلاحيات متفق عليها سياسياً.
واعتبر في بيان أمس أن العملية السياسية لا يمكن أن تمضي من دون الاتفاق على تلك الأمور، إضافة إلى إعادة تفسير المادة 76 من الدستور (المتعلقة بالكتلة الكبرى التي يحق لها تشكيل الحكومة) وإلغاء الالتفاف المخجل في التلاعب بحكم هذه المادة والذي حدث بضغوطات سياسية بعد انتخابات 2010، وكذلك تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا وحسب المادة 92 من الدستور.
تقارير عربية
ترقّب أمني ومخاوف من عودة عمليات الاغتيال وسط العراق وجنوبيّه
لا ضمانات لنجاح الحوار
من جهته، قال القيادي في “الإطار التنسيقي” فاضل موات، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إنه “لا توجد ضمانات لنجاح انعقاد جلسة الحوار التي دعا إليها رئيس الوزراء، بسبب مقاطعة بعض الأطراف للجلسة، خصوصاً من قبل التيار الصدري، الذي يعتبر جزءاً أساسياً ورئيسياً من الأزمة الحالية، وحل الأزمة يحتاج إلى مشاركته بهكذا اجتماعات”.
وبيّن موات أن “عقد الاجتماع من دون حضور القوى السياسية المختلفة، يعني عدم الوصول إلى حلول وتفاهمات لحل الأزمة، بل ربما تعميق الأزمة، ولهذا مقاطعة جلسة الحوار من قبل بعض الأطراف السياسية، ربما يدفع الكاظمي إلى تأجيلها، كما فعل سابقاً، فنجاح هذا الاجتماع يكون من خلال مشاركة الجميع بالحوار”.
موات: عقد الاجتماع من دون حضور القوى السياسية المختلفة، يعني عدم الوصول إلى حلول
وأضاف أن “قوى الإطار التنسيقي داعمة ومؤيدة لأي اجتماع يهدف إلى حل الأزمة السياسية بالحوار، لكن حضور بعض قوى الإطار ربما يرتبط بحضور كافة القوى، ولهذا بعض قوى الإطار أيضاً لم تحسم أمرها من المشاركة من عدمها حتى الآن”.
من جهته، قال نائب عن حزب “تقدم” الذي يرأسه محمد الحلبوسي، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “ما طرحه رئيس البرلمان جاء بالاتفاق مع كل من التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني، فالتواصل ما زال مستمراً وقائماً ما بين قوى تحالف إنقاذ وطن”.
وبيّن النائب، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “مشاركة تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني في اجتماع القوى السياسية، المؤمل عقده، اليوم الإثنين، متوقف على موافقة الكتل والأحزاب المجتمعة على مناقشة ما جاء من نقاط مهمة في طرح رئيس البرلمان المدعومة من التحالف الثلاثي (إنقاذ وطن)”. وأضاف “حتى الساعة، لا توجد أي ضمانات لنجاح أو حتى عقد الحوار الوطني في القصر الحكومي، بسبب عدم حسم الكثير من الأطراف السياسية مشاركتها في الحوار، فهناك شروط مسبقة للمشاركة من قبل بعض الكتل والأحزاب”.
أما القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، فقال في حديث مقتضب مع “العربي الجديد” إن “قيادة الحزب لم تحسم حتى الساعة (عصر أمس) أمر المشاركة في الاجتماع المرتقب اليوم، فهناك قضايا يجب تحقيقها لضمان نجاح الاجتماع، على رأسها مشاركة التيار الصدري”. وبيّن أنّ “من ضمن عوامل نجاح الاجتماع تحديد القضايا التي تُناقش والتي من الممكن أن يكون فيها حلّ للأزمة، كتحديد موعد الانتخابات المبكرة، وغيرها من الملفات”.
العربي الجديد