نفوذ الميليشيات الداعمة للدبيبة يبدّد فرص إنهاء حالة التوتر في ليبيا

نفوذ الميليشيات الداعمة للدبيبة يبدّد فرص إنهاء حالة التوتر في ليبيا

عمدت مجموعتان مسلحتان إلى مهاجمة مقر المديرية لمنع تعيين خالد العربي مدير الأمن المكلف من قبل داخلية حكومة الوحدة خلفا لمدير الأمن السابق خالد ملاطم، ما يكشف نفوذ وسطوة الميليشيات في الغرب الليبي في مقابل ضعف الدولة.

طرابلس – تمثل الميليشيات في ليبيا أكبر عائق أمام إنهاء حالة التوتر في البلد الذي يعاني من اقتتال منذ أكثر من عقد فبعد الاشتباكات الدموية التي شهدتها العاصمة طرابلس عرفت مدينة غريان الواقعة على بعد 75 كيلومترا جنوب العاصمة السبت توترا بعد اقتحام مسلحين لمقر مديرية الأمن في المدينة.

وأشارت مصادر في المدينة، وفق ما نقلته مواقع ليبية محلية، إلى أن مجموعة مسلحة تابعة لعبدالخالق الدايخ وأخرى لميليشيات الغصري هاجمتا مقر المديرية وذلك خلال تواجد خالد العربي مدير الأمن المكلف من قبل داخلية حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبدالحميد الدبيبة.

وتحدثت مصادر أن الاشتباكات العنيفة أدت إلى إصابة أحد عناصر الأمن في المديرية دون تحديد الإصابات في صفوف المسلحين.

وبدأ التوتر في مدينة غريان التي تقع في الغرب الليبي بعد قرار وزارة الداخلية في حكومة الوحدة بإقالة مدير الأمن السابق خالد ملاطم وتعويضه بالعربي الذي يحظى بدوره بدعم من قبل ميليشيات “لواء غريان” بقيادة ناصر إشطيبة.

وانطلقت الأحداث في 5 سبتمبر الماضي عندما قام عدد من الأشخاص بغلق مقر المديرية مستخدمين سواتر ترابية.

الميليشيات الداعمة لحكومة الدبيبة تعرف بدورها صراعات نفوذ في ما بينها، وهو ما يهدد بالمزيد من الانقسام

وكتب هؤلاء الأشخاص الموالين على ما يبدو لمدير الأمن السابق “مغلق من قبل المجلس البلدي، والأعيان والحكماء، ومؤسسات المجتمع المدني، والقوة العسكرية بالمدينة” قبل أن يتم تداول مقاطع فيديو لأشخاص هاجموا داخلية حكومة الوحدة الوطنية مهددين بتنفيذ إضراب والتصعيد في حال لم يتم التراجع عن القرار.

وأدت هذه التطورات الميدانية إلى حالة من الذعر بين المدنيين من اندلاع اقتتال بين الميليشيات في مدينة غريان شبيه بما حدث في مدينة طرابلس قبل فترة وأدى إلى سقوط العشرات من القتلى والجرحى بين قوات الدبيبة وميليشيات تابعة لحكومة فتحي باشاغا المدعوم من مجلس النواب.

ويظهر من خلال هذه التطورات الميدانية أن الميليشيات الداعمة لحكومة الدبيبة تعرف صراعات نفوذ فيما بينها وهو ما يهدد بالمزيد من الانقسام.

ولعبت هذه الميليشيات المناطقية والقبلية دورا هاما في دعم حكومة الوفاق الوطني السابقة بقيادة فائز السراج في مواجهة قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر التي سعت في 2019 إلى إنهاء سيطرة المجموعات المسلحة على العاصمة الليبية ومناطق الغرب الليبي.

وتثبت التطورات الميدانية وحالة الاحتراب في مناطق الغرب الليبي الواقعة تحت سيطرة الميليشيات واقعية ما سعى إليه الجيش الوطني الليبي لتحرير تلك المناطق من سطوة الجماعات المسلحة التي باتت أكبر عائق أمام أي تسوية سياسية في ليبيا بشهادة قوى غربية.

وكان الناطق باسم القوات الليبية اللواء أحمد المسماري قد علق على تصاعد سطوة الميليشيات في طرابلس والغرب والحديث عن إمكانية تدخل الجيش الوطني الليبي قائلا “نحن ذهبنا إلى طرابلس لطرد هذه الميليشيات والمرتزقة الأجانب، ولفك مؤسسات الدولة من سيطرة أمراء الميليشيات والجماعات المسلحة، ولكن العالم بالكامل جاء ضدنا في هذه العملية”. وتابع “واليوم نحن نتابع هذه الأحداث عن قرب، ولكن لا توجد لدينا قوات ولا توجد لدينا نوايا لدعم أي طرف في مواجهة طرف آخر”.

ويرى مراقبون أن ليبيا وخاصة مناطق الغرب تدفع ثمن تساهل ودعم الحكومات المتعاقبة للميليشيات والعمل على تسليحها وتمويلها للبقاء في السلطة دون التفكير في تداعيات ذلك على الاستقرار والسلم الأهلي أو على أمن المنطقة ككل.

ليبيا وخاصة مناطق الغرب تدفع ثمن تساهل ودعم الحكومات المتعاقبة للميليشيات والعمل على تسليحها وتمويلها للبقاء في السلطة

وتتحكم تلك الميليشيات اليوم في مفاصل الدولة حيث لا يمكن القيام بتعيينات في الأجهزة الأمنية خاصة دون الحصول على موافقتها فيما يرى مراقبون أن تفكيك تلك الميليشيات ونزع السلاح عن عناصرها أبرز تحد أمام الليبيين.

وتأتي هذه التطورات الميدانية بينما تصاعدت التحركات الغربية والأوروبية والأممية للدفع بالعملية السياسية بعد تعيين السنغالي عبدالله بيتالي مبعوثا أمميا إلى ليبيا.

وشددت الدول المشاركة في الاجتماع الدولي بشأن ليبيا الذي استضافته العاصمة الألمانية برلين الجمعة على التزامها بدعم مسار شامل نحو إجراء انتخابات باعتبارها حلا وحيدا لأزمة البلاد.

ويرى مراقبون أن الدعوة تأتي للضغط على القوى المتحاربة في ليبيا لوقف العنف والحد من سطوة الميليشيات بعد فترة من التغاضي على تلك التجاوزات.

وعلى مدى يومي الخميس والجمعة، استضافت برلين مؤتمرا دوليا حول الأزمة الليبية بصيغة 3+2+2، التي تشمل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة باعتبارها 3 دول أعضاء دائمين في مجلس الأمن، إضافة إلى تركيا وإيطاليا وألمانيا ومصر.

وأطلقت الأمم المتحدة لحل الأزمة بين حكومتي الدبيبة وباشاغا مبادرة تقضي بتشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة الليبيين للتوافق على قاعدة دستورية تقود البلاد إلى انتخابات.

ولم تفلح تلك اللجنة في التوصل إلى تلك القاعدة بسبب خلاف أعضائها حول بعض البنود، أهمها شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، وسط دفع دولي لقادة البلاد من أجل تجاوز الخلافات والمضي قدما نحو الحل.

العرب