على الرغم من التحذيرات من عودة تظاهرات أنصار التيار الصدري وحدوث أعمال عنف جديدة شبيهة بما حدث في المنطقة الخضراء خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، فإن هذا الأمر لم يمنع الإطار التنسيقي من المضي في مشروعه لتشكيل حكومة جديدة وعقد جلسة للبرلمان العراقي خلال الأسبوع المقبل.
ويبدو أن الإطار التنسيقي قد اتخذ قراراً بعدم الاهتمام بأي تحفظ للصدر بتشكيل الحكومة أو قضية إعادة الانتخابات المبكرة والسير قدماً في تحديد موعد لجلسة مجلس النواب العراقي لانتخاب رئيس الجمهورية، ومن ثم تكليف مرشحه محمد السوداني لمنصب رئيس الوزراء.
انتخاب الرئيس والاستعداد الأمني
كشف مقرر مجلس النواب العراقي غريب عسكر عن وجود اتفاق مبدئي بين رئاسة مجلس النواب والكتل السياسية على استئناف عقد الجلسات التشريعية بعد انتهاء مناسبة زيارة الأربعين في مدينة كربلاء.
وقال عسكر المقرب من الإطار التنسيقي في تصريحات صحافية، إن “البرلمان سيعقد بعد الزيارة جلسته لانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة”، مبيناً أن “هناك كثيراً من القوانين المعطلة بحاجة إلى قراءة ومناقشة، وسيصوت عليها بعد استئناف جلسات البرلمان”. وأعادت قوات الأمن العراقية انتشارها في محيط مبنى البرلمان العراقي وزادت عدد الكتل الكونكريتية قرب المكان وبدأت بنصب باب حديد ضخم وسط جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء بهدف إغلاقه في أي وقت كما يبدو لمنع المتظاهرين من التوجه إلى البرلمان في حال عقدت الجلسة.
كما مثل عدم استجابة كل من تحالف السيادة الذي يمثل السنة والحزب الديمقراطي الكردستاني إلى دعوة الصدر للانسحاب من البرلمان بهدف حله، رسالة واضحة من هذه الأطراف في المضي بتشكيل الحكومة بعيداً من الصدر وانتظار ما تسفر عنه مفاوضات الساعات الأخيرة بين الطرفين الشيعيين التي تتحول إلى نزاع مسلح واسع إذا ما استمر الإطار في سعيه لتشكيل الحكومة.
السنة والكرد لن ينسحبوا
من جانبه، يرى مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أن “موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني والسيادة من الانسحاب يعد موضوعياً لكون هذه الخطوة تعني صعود القوى الخاسرة كبدائل عن المنسحبين وتمتع الإطار بسيادة مطلقة على البرلمان”” معتبراً أن “البرلمان فقد شرعيته لخرقه للتوقيتات والاستحقاقات وعدم انتخاب رئيس وتكليف رئيس للوزراء خلال تسعة أشهر، مما يوجب واقعياً حل البرلمان لفشله في أداء مهماته”.
وذكر الصدر في بيان ألقى الكرة في ملعب حلفائه الكرد والسنة في تحالف السيادة في ملف حل البرلمان، من دون عودة الكتلة الصدرية إلى مجلس النواب، مؤكداً أن انسحابهم وكذلك المستقلين سيفقد البرلمان شرعيته وسيحل مباشرة.
وأوضح فيصل أن “الذهاب إلى عقد جلسة كما يطرح التنسيقي يحتاج إلى التوافق على رئيس الجمهورية الذي لا يزال الخلاف بين الحزب الديمقراطي والكردستاني والاتحاد قائماً على شخصه”، مبيناً أن “هناك الإطار والسيادة ليس بينهما أي توافق في سلسلة كبيرة من القضايا لكون هذه القوى ليس لديها برنامج واضح يسمح لها بعقد الجلسة”.
مواجهات مرتقبة
وتابع فيصل “أنه بافتراض عقد جلسة البرلمان بين السيادة والديمقراطي والتنسيقي، فإن ذلك سيسهم في اتساع الاحتجاجات الشعبية من قبل المتظاهرين والحركات الوطنية والتحالفات الجديدة”، لافتاً إلى “أن أنصار التيار الصدري سيشاركون أيضاً ولديهم مطالب متشددة ضد التنسيقي ومنها إحراز تقدم حول مطالبه وهو حل الميليشيات ونزع السلاح وإزالة الفاسدين”. واعتبر أن “الحل الواقعي يتمثل في ما طرحه رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان وكذلك ما هو موجود في قرار المحكمة الاتحادية وهو حل البرلمان بأنفسهم أو استجابة للأمر الواقع”.ورجح فيصل أن “تزداد حدة المواجهات بين الصدريين والإطار التنسيقي، وقد تكون احتجاجات سلمية بين الطرفين لتشكيل موقف ضاغط على الطبقة السياسية”، لافتاً إلى “ضرورة الذهاب إلى تغيرات جذرية للنظام والدستور والحياة السياسية والذهاب إلى انتخابات نزيهة حقيقية لتكون تمثيلاً جدياً للشعب العراقي في الحرية والاستقلال والسيادة”.
لم يتخلوا عن الصدر
يقول أستاذ العلوم السياسية عصام الفيلي “من الناحية العملية فإن انسحاب مقتدى الصدر من البرلمان كان مفاجئاً لكتلتي السيادة والديمقراطي وخلق حالة من الإرباك، والسيادة والديمقراطي عللوا عدم انسحابهم خوفاً من أن تحل قوى أخرى مكانهم، مما يعزز قوى الإطار التنسيقي ويسحب البساط من أمام كل محاولة بالنسبة إليهم”.
وأضاف الفيلي أن “عدم انسحابهم لا يعد تخلياً عن الصدر بقدر ما هي محاولة للمعالجة بأقل ما يمكن من الخسائر بالنسبة إلى الطرفين”، لافتاً إلى أن “عقد جلسة البرلمان يرتبط باتفاق الأكراد على مرشحهم لرئاسة الجمهورية، وكذلك بمطالب السنة التي طرحها الحلبوسي، حيث إن جميع طرحه يمثل نبض الشارع السني وليس فقط القيادة السنية”.
وتابع، “كثير من المطالب ممكن معالجتها قبل عقد الجلسة مثلاً تعديل المادة 76 والتصويت عليها على أساس أنها تمثل الكتلة الأكبر التي تفوز بالانتخابات، وليس التي تشكل بعد بالانتخابات، فضلاً عن تعديل قانون الانتخابات”، مشيراً إلى “تنفيذ المطلب الآخر وهو عودة السنة إلى المناطق التي هجروها لأن هناك بعض المناطق ما زالت موضع جدل بين القوى السياسية والفصائل المسلحة”.
مصالح السنة والكرد الانتخابية
وأشار الفيلي إلى أن “رئيس البرلمان محمد الحلبوسي يعتقد أن موضوع تعديل قانون الانتخابات من الممكن أن يتم قبل اختيار رئيس الجمهورية من أجل بعث رسالة تطمين للأكراد والسنة بموضوع شكل الحكومة”، مؤكداً أن “تعديل قانون الانتخابات من أهم القرارات بالنسبة إلى السنة والأكراد التي تعزز فرص وجودهم في البرلمان العراقي ولا يرغبون بخسارة مقاعد أكثر في البرلمان المقبل.
الإطار منقسم
ولفت إلى عدم وجود وحدة قرار داخل الإطار التنسيقي وهناك أصوات بدأت تظهر من القوى المعتدلة التي تريد الحل مثل زعيم تحالف النصر حيدر العبادي الذي أكد أن تحالفه لا يريد أن يكون جزءاً من المشكلة.
وعن إمكان استمرار حملة الاحتجاج أو تصاعدها بعد زيارة الأربعين أو بعد انعقاد جلسة البرلمان أوضح الفيلي “أن حملة الاحتجاجات تعتمد على المعالجات التي سيقدمها البرلمان لكثير من المشكلات المستعصية”.
اندبندت عربي