لا يوجد مكان في العالم تكون فيه الأطروحة التي قدمتها في المدونة الأخيرة حول نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية أكثر وضوحًا مما كانت عليه في منطقة آسيا الوسطى، التي يطلق عليها اسم “الشرق الأوسط” بين الدول الغربية.
كانت الدول الأربع، أفغانستان؛ والعراق في عهد صدام حسين؛ وليبيا تحت حكم العقيد القذافي؛ وسورية تحت حكم بشار الأسد، تحاول بطرقها الخاصة تطوير مجتمعاتها بحلول العام 2000.
وكانت لدى هذه الدول الأربع جميعًا عيوبها وأخطاؤها؛ لكن هذه الدول كانت “تتقدم” على معيار التنمية -في التعليم العام، وتطوير البنية التحتية، والصناعات. وكما يعلم الجميع، فقد تعرضت هذه الدول الأربع علنًا لأنواع مختلفة من هجمة الآلة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة، إلى جانب قوى وكيلة في كثير من الأحيان.
وقد دُمرت مدنها، وفر مواطنوها بأعداد كبيرة لدرجة أنهم صنعوا غزوا من اللاجئين في جميع أنحاء أوروبا -حتى أن استقرار الاتحاد الأوروبي أصبح مزعزعاً.
مرة أخرى، إذا نظرنا عن كثب، يمكننا أن نرى آلة الحرب الأميركية العملاقة قيد العمل ضد أي دولة حاولت تطوير شعوبها خارج آلية السوق التي يعشقها مستشارو الولايات المتحدة.
على مدى السنوات الأربعين الماضية، عرفت أفغانستان الحرب، وعرفتها الدول الثلاث الأخرى لسنوات أقل، لكنَّ هذا كان كافيا للإطاحة بالحكومات المستقرة، وتسوية المدن بالأرض، وإفقار الناس على نطاق واسع.
ولم يعان أي جزء آخر من العالم من مثل هذه الغزوات، ولذلك علينا أن نسأل: لماذا؟
التدمير الشامل للبلدان
تم تبرير كل واحدة من هذه الغزوات للجمهور على النحو التالي:
• أفغانستان في العام 2001، بسبب تفجير البرجين التوأمين في نيويورك في ذلك العام.
• العراق، قيل أنه كان يمتلك أسلحة دمار شامل، وهو ما ثبت أنه غير صحيح.
• ليبيا، بسبب سوء سلوك العقيد القذافي.
• سورية، لحماية الشعب من زعيمه.
وبالإضافة إلى ذلك، تم تبرير كل واحدة من هذه الغزوات تحت شعار “الحرب العالمية على الإرهاب”. وتم تشويه سمعة قادة كل بلد على الملأ وشخصيًا في الصحافة الغربية.
ومنذ ذلك الحين، ثبت أن العديد من التفسيرات التي قُدمت للغزوات كانت غير دقيقة جزئيًا أو كليًا. وخلال هذه الغزوات، تعرضت جميع المدن في هذه البلدان للقصف الشامل، وكما رأينا، خلق هذا أزمة لاجئين جماعية.
مع ذلك، فشل التحليل الغربي لأزمات اللاجئين بشكل منهجي في ربط حركة الناس بأنشطة الغزو الغربية.
ولا يختلف الحجم الهائل لحركة الناس في القرن الحادي والعشرين عن التحركات الكبيرة للناس في جميع أنحاء أوروبا بعد العام 1945.
وفي هذه المرة الأخيرة، كان تدفق اللاجئين إلى أوروبا مصدر إحراج عميق لجميع الحكومات تقريبا. لم تكن لديها فكرة تذكر عن كيفية التعامل مع هذه الزيادة الجديدة، باستثناء بناء الجدران لإبقاء القادمين خارج الحدود.
وكان هناك شيء مماثل يحدث على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة، حيث حدثت موجة من اللاجئين الذين يسعون إلى دخول الولايات المتحدة الأميركية.
وفي هذه الحالة، كانت الولايات المتحدة الأميركية عاكفة على محاولة بناء جدار.
كان السياسيون يتصرفون بشكل سيئ؛ لم تكن هناك محاولة تذكر، سواء في الولايات المتحدة الأميركية أو الاتحاد الأوروبي، لربط تدفق اللاجئين بالغزوات التي قاموا بها هم أنفسهم. في السنوات الـ40 التي تلت العام 1960، قمعت الولايات المتحدة كل حركة في أميركا الوسطى حاولت تطوير شعبها ومواردها لأنها اشتراكية. والعواقب كانت الفقر، والمرض، والجوع، والهروب.
أثناء كتابة هذه التدوينة، تقلق قضية اللاجئين سياسات أوروبا والولايات المتحدة الأميركية على حد سواء. ولا تُبذل سوى محاولات ضئيلة -أو معدومة- لربط فيضانات اللاجئين بالغزوات وإيقاع الدمار بالبلدان التي يأتون منها.
كما أن أفكار إعادة الإعمار غائبة ببساطة. وكمثال رئيسي واحد على ما عناه “إيقاع الدمار” بالبلدان في القرن الحادي والعشرين، أقدم سردًا موجزًا للأحداث في أفغانستان.
لكل جزء من العالم تم تدميره خصائصه الخاصة. وتظل دول أميركا الوسطى، والعراق، وسورية، وليبيا ومجموعة من الدول الأخرى كلها مختلفة.
لكنها تبقى، بالمثل، متشابهة جميعاً: لقد واجهت كلها غضب أقوى دولة على وجه الأرض، الولايات المتحدة الأميركية،
وتم قصفها وغزوها، مع القليل من محاولة إنهاء الغزوات وإعادة بناء البلاد.
الغد