الخسائر الروسية في أوكرانيا والأصداء في الشرق الأوسط

الخسائر الروسية في أوكرانيا والأصداء في الشرق الأوسط

لندن- يراقب القادة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تطورات الحرب الروسية – الأوكرانية في ضوء الخسارة الجسيمة التي منيت بها القوات الروسية خلال الفترة الأخيرة، في حين يتوقع محللون أن تكون لخسارة روسيا انعكاساتها على المنطقة حيث يرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فرصا لتعزيز نفوذه على حساب الروس إثر تشوّه صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كمحارب جريء وبراغماتي.

وبعد أن ضعُف موقف بوتين قد يختار أردوغان تصعيد وتيرة الهجمات على حزب العمال الكردستاني مع تعزيز الوجود التركي في مناطق نفوذه على طول الحدود السورية الشمالية.

ومارس أردوغان على مدى الأشهر الثلاثة الماضية ضغوطا على روسيا وإيران لمساعدته على القيام بالمزيد من التوغلات في شمال غرب سوريا، وقال في هذا الصدد “ما نتوقعه من إيران وروسيا هو دعم تركيا في حربها ضد المنظمات الإرهابية”.

لكن مراقبين يقللون من فرص نجاح أردوغان في السيطرة على الأوضاع في سوريا، مشددين على أنه سيتفاجأ بأن الروس مازالوا لاعبين مهمين في سوريا.

وعرقل تدخل روسيا في الحرب السورية سنة 2015 جهود تركيا للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.

وحولت القوة الجوية الروسية الحرب لصالح الأسد تاركة أردوغان يواجه المعضلة التي احتدّت حين لعبت وحدات حماية الشعب المدعومة من الولايات المتحدة دورا أساسيا في هَزْم تنظيم داعش في سوريا.

ووحدات حماية الشعب هي قوة تتكون أغلبيّتها من المقاتلين الأكراد، وينظر إليها الأتراك على أنها واجهة لحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية.

ومنح اتفاقُ سوتشي عام 2018 الوضعَ في إدلب طابعًا رسميّا من خلال إنشاء منطقة خفض التصعيد، بما في ذلك القطاع منزوع السلاح الذي بعمق 15 – 20 كيلومترا.

واتفق الروس على أن الأتراك يمكنهم الاحتفاظ بمراكز المراقبة الخاصة بهم في إدلب مع التزامهم بضمان الحفاظ على الوضع الراهن.

وعندما نشبت أعمال العنف مرة أخرى في 2020 بين القوات التركية وقوات الأسد أبرم الروس والأتراك اتفاق وقف إطلاق النار الذي تضمن تسيير دوريات مشتركة على الطريق السريع إم 4 الذي يمتد من الشرق إلى الغرب عبر إدلب.

وفي أماكن أخرى من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيمكّن الهجومُ الأوكراني والخسارةُ الروسية القادةَ العرب، الذين لم ينحازوا إلى أي طرف منذ أن أمر بوتين قواته بدخول أوكرانيا، من وقفة للتفكير.

ورفضت دول الخليج إدانة التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، حيث ينظر القادة الخليجيون إلى الرئيس الروسي على أنه محارب قوي من الأفضل عدم خسارته، خاصة بعد أن تعامل الغرب -ولاسيما الولايات المتحدة- بسلبية إزاء الهجمات الحوثية التي تعرضت لها الإمارات والسعودية.

لكن الانتصارات المذهلة التي حققتها أوكرانيا بالأسلحة الغربية ستقلب السيناريو، بحسب مراقبين، وستغير نظرة الحكام في الخليج إلى موقف الغرب الذي بدا في بداية الحرب ضعيفا، كما بدت العقوبات الاقتصادية على روسيا وتزويد أوكرانيا بالسلاح بدل التدخل مباشرة علامة على تلاشي القوة.

وقد يتساءل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي اجتهد للحفاظ على العلاقات بين بلاده وروسيا، عما سيحدث إذا سقط بوتين.

وهو السؤال نفسه الذي سينتاب قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر الذي تشير تقارير غربية إلى أنه يستعين بمرتزقة فاغنر في حماية مواقع حيوية شرق البلاد وجنوبها.

العرب