عدن- تمكنت القوات الجنوبية في محافظة أبين من تحرير منطقة وادي عومران التي تعد أكبر قاعدة عسكرية لتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية والملاذ الآمن لقيادات وعناصر التنظيم منذ عام 2014.
وتمكنت قوات الحزام الأمني والقوات الأمنية والعسكرية المساندة لها في محافظة أبين من تحرير مناطق واسعة كانت مغلقة على ما يسمى “أنصار الشريعة” في اليمن، في حين تعرضت تلك القوات لعمليات استهداف من قبل عناصر التنظيم تسببت في سقوط العشرات من الجنود بين قتيل وجريح خلال الأيام الماضية.
وكثيرا ما اتهمت قيادات سياسية وإعلامية جنوبية جماعة الإخوان المسلمين في اليمن بتوظيف الجماعات المسلحة التابعة للقاعدة في المواجهة مع المجلس الانتقالي داخل محافظات أبين وشبوة وحضرموت حيث تنتشر عناصر التنظيم.
◙ من المتوقع أن تمتد العمليات ضد القاعدة إلى آخر المعاقل التي مازال التنظيم متمركزا فيها، وخاصة وادي حضرموت
وربط مراقبون بين مساحات سيطرة الإخوان في السنوات الماضية وتواجد عناصر القاعدة، وعدم حدوث أي مواجهات تذكر بين الطرفين، في حين تجددت أنشطة وعمليات التنظيم الإرهابي المسلح عقب سيطرة قوات العمالقة الجنوبية ودفاع شبوة على محافظة شبوة التي شهدت تنفيذ عدد من الهجمات على نقاط تمركز تلك القوات، وهو ما تكرر في محافظة أبين التي شن فيها مسلحو القاعدة سلسلة من الهجمات ضد قوات الحزام الأمني بالتوازي مع إصدار التنظيم بيانات إعلامية توعّد فيها بشن المزيد من الهجمات.
وبحسب خبراء اتسمت بيانات القاعدة بالتطابق الكامل مع خطاب الإخوان في اليمن المعادي لدولة الإمارات العربية المتحدة والمجلس الانتقالي الجنوبي، والتصالح الذي كشفت عنه مواقف القاعدة إزاء القوات المحسوبة على حزب الإصلاح التي لا تمتلك أي تاريخ في المواجهة مع التنظيمات الإرهابية المسلحة، بل إن فترة سيطرة تلك القوات على محافظتي أبين وشبوة وصفت وفقا لمراقبين بالفترة الذهبية للجماعات الإرهابية التي عاشت جنبا إلى جنب مع قوات الإخوان، في ظل تقارير غير مؤكدة تشير إلى مشاركة بعض عناصر تلك التنظيمات في المواجهات التي شهدها عام 2019 بين قوات الإخوان والمجلس الانتقالي الجنوبي في أبين وشبوة.
وترافقت المواجهات بين القوات الجنوبية وعناصر القاعدة في شبوة وأبين مع هجوم إعلامي شنه نشطاء وسياسيون من حزب الإصلاح على قوات الحزام الأمني وقوات العمالقة الجنوبية ودفاع شبوة التي اتهمها إعلام الإخوان بمهاجمة أبناء القبائل في المحافظتين بهدف تخفيف الضغط العسكري والأمني عن تنظيم القاعدة وإفراغ العمليات الأمنية من محتواها وتشويه سمعة القوات الجنوبية التي تخوض مواجهة مفتوحة مع الإرهاب في جنوب اليمن.
وحول آخر التطورات في محافظة أبين أكد يعقوب السفياني، مدير مركز سوث 24، أن القوات الجنوبية استطاعت الأحد أن تدخل معسكر تنظيم القاعدة في وادي عومران وسط أبين، مشيرا إلى أن هذا المعسكر يعتبر أكبر معسكر للتنظيم المتشدد في اليمن كله وذو أهمية بالغة، حيث تم استخدامه مركزا للتدريب واحتجاز الأسرى ومنطلقا للعمليات العنيفة التي كان آخرها الهجوم ضد الحزام الأمني في أحور بأبين.
وعن مدى تأثير هذه العملية على التنظيم الإرهابي لفت السفياني في تصريح لـ”العرب” إلى أن تنظيم القاعدة فقد معظم وجوده في محافظة أبين، وهو وجود تقليدي يتجاوز العقد من الزمن، ولم يتبق إلا بعض الجيوب في مناطق المحفد وجيشان والمناطق الحدودية بين أبين وشبوة والبيضاء.
يعقوب السفياني: الحرب ضد التنظيم المصنف إرهابيا في العالم هي حرب أمنية في المقام الأول، ولكنّ هناك أبعادا سياسية
وبشأن خارطة الانتشار الجديدة لعناصر التنظيم في اليمن قال “تماما كأسرى الأمم المتحدة الخمسة الذين نقلهم تنظيم القاعدة إلى وادي حضرموت يبدو أن خارطة الانتشار الجديد للتنظيم ستتركز في المناطق الشرقية للجنوب وبالتحديد وادي حضرموت والمهرة، مع انحسار تواجد القاعدة في أبين وشبوة والقضاء عليه خلال الأيام القادمة”.
ولم يستبعد السفياني وجود أبعاد سياسية في الصراع مع القاعدة في جنوب اليمن، مؤكدا أن “الحرب ضد التنظيم المصنف إرهابيا في العالم هي حرب أمنية في المقام الأول، ولكنّ هناك أبعادا سياسية؛ ففي نهاية المطاف يعني نجاح عمليتيْ سهام الشرق وسهام الجنوب استكمال سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على هاتين المحافظتين الهامتين”.
ويؤكد مراقبون أن فك الاشتباك السياسي داخل معسكر الشرعية، عقب تشكيل مجلس القيادة الرئاسي وتحجيم النفوذ الذي كان يتمتع به الإخوان ضمن مؤسسات ومفاصل الشرعية، ساهم إلى حد كبير في إعادة توجيه الاهتمام نحو مواقع انتشار الجماعات الإرهابية المسلحة التي وجدت ملاذات آمنة في بعض مناطق الشرعية مستفيدة من حالة الصراع بين القوى المناهضة للحوثيين.
كما تشير الكثير من المعطيات والمعلومات، التي كشفت عنها نتائج التحقيقات حول بعض العمليات الإرهابية التي استهدفت قيادات عسكرية وأمنية جنوبية، إلى وجود نوع من التنسيق وتبادل المصالح بين القاعدة والحوثيين، وسعي الجماعة المدعومة من إيران إلى توجيه بوصلة الإرهاب نحو المحافظات المحررة لتحقيق أهداف سياسية، من بينها إظهار أن المناطق التي خارج سيطرة الميليشيات الحوثية صارت ملاذا للعناصر الإرهابية، إلى جانب إرباك المشهد السياسي والأمني في جنوب اليمن.
ولا تستبعد مصادر مطلعة أن تمتد عمليات مواجهة الجماعات الإرهابية إلى آخر المعاقل التي مازال التنظيم متمركزا فيها جنوب اليمن، وخصوصا وادي حضرموت الذي شهد في الآونة الأخيرة فرار عدد من أخطر عناصر التنظيم من السجون الخاضعة لسيطرة الإخوان، وتجدد العمليات التي استهدفت ضباطا ومنتسبي قوات النخبة الحضرمية المقربة من المجلس الانتقالي الجنوبي.
العرب