تغطيات إعلامية عشوائية تفسد خطط السعودية لصياغة صورتها في الإعلام العالمي

تغطيات إعلامية عشوائية تفسد خطط السعودية لصياغة صورتها في الإعلام العالمي

اتهم أكاديميون ومغردون سعوديون وسائل إعلام سعودية بإفساد خطط بلادهم لتحسين سمعتها عالميا بعد تغطيات إعلامية عشوائية تسيء إلى المرأة السعودية، وهي القضية التي لطالما استخدمت من قبل منظمات حقوقية لشن هجمات واسعة على المملكة أحرجتها عالميا.

الرياض – شن مغردون سعوديون هجوما واسعا على قناة أم.بي.سي السعودية بعد استضافتها رجلا تفاخر بزواجه من 53 امرأة، متسائلين عن “الهدف المنشود من وراء القصة”، وأكدوا أنها أساءت إلى المملكة ونسائها.

وتلقفت بعض وسائل الإعلام العالمية القصة ونشرتها، ما أثار جدلا وغضبا واسعين على موقع تويتر، خاصة أن السعودية تسعى لتحسين صورتها في الإعلام العالمي ومسح الصورة الذهنية التي ارتبطت بها وبقمعها للنساء.

ويرى مغردون أن من يسمونهم “أعداء المملكة” متربصون ويحاولون النيل منها خارجيا عبر هذه القصص التي تنسف ما يتداول في السعودية عن التغيير والانفتاح وتمكين النساء. ولطالما استُغلت قضايا النساء وتحولت إلى منصات لشن هجمات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان على السعودية أحرجتها عالميا.

وسبق أن أعدت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، على موقعها على الإنترنت وحساباتها الرسمية على الشبكات الاجتماعية استطلاعا للرأي باللغة العربية يستهدف السعوديات غضبا سعوديا واسعا. وجاء في الاستطلاع “نود أن نتواصل مع النساء السعوديات، أخبرننا عن حياتكن وطموحاتكن وآرائكن في المجتمع السعودي”.

ويبدو الإعلام السعودي قاصرا عن الرد على الإعلام العالمي بل إن تغطيته تتسم بالنزعة التقليدية في التعامل مع قضايا المرأة. ولا يزال الكثيرون يعارضون التغيير في السعودية الذي يسير بخطى ثابتة.

التغطيات العشوائية تهدد بإعادة السعودية إلى نقطة الصفر بعد الاختراقات التي حققتها في الإعلام العالمي المتربص بإنجازاتها

ولاحظ مغردون على سبيل المثال تجاهلا غريبا في الإعلام العالمي لقضية مقتل الفتاة الإيرانية مهسا أمیني من قبل شرطة الأداب الإيرانية، مؤكدين أنه “لو كانت القضية في السعودية لأقام هذا الإعلام الدنيا ولم يقعدها”!

وفي سياق آخر، نشرت حسابات على تويتر بعضَ الأمثلة من “الكراهية الممنهجة من الإعلام ضد النساء السعوديات” في الإعلام السعودي، ومنها بث قناة “روتانا خليجية” برنامجا في السادس عشر من سبتمبر الجاري استضاف سعوديا ينصح بالزواج من الأجنبيات ويعدد “مميزات الزواج من غير السعوديات”، وهو العنوان الذي اختارته القناة للمقطع على حسابها في تويتر.

وبثت قناة الإخبارية الرسمية في السابع عشر من الشهر ذاته مقابلة مع المستشار الأسري خالد السبيت قال فيها “وظيفة المرأة قد تكون سببا في زعزعة الاستقرار الأسري وزيادة الضغوط داخل الحياة الزوجية”، ونشرت القناة المقطع على تويتر بالعنوان ذاته.

كما نشرت “روتانا خليجية” ضمن برنامج “سيدتي” مقابلة مع الدكتور السعودي ومدير الجمعية السعودية للأمراض المعدية في جدة نزار باهبري قال فيها إن نتائج استبيان أجراه أظهر أن 92 في المئة من السعوديات يشاهدن الأفلام الإباحية.

ويحتفي بعض مستخدمي مواقع التواصل بما يصدر عن مؤثرين من تصريحات مهينة للنساء.

وسبق أن كشفت نتائج بحث أجرته مجموعة “كارما” (CARMA)، وهي شركة عالمية في مجال الرصد الإعلامي، حول التحوّل في النظرة الإعلاميّة تجاه السعوديّة من عام 2020 حتى الربع الأوّل من عام 2022، يونيو الماضي، كيف أن “رؤية 2030” تحوّلت لتصبح أكبر مساهم متفرّد في التغطية الإعلاميّة العالميّة للسعوديّة، ونتيجة لذلك صارت النظرة إلى المملكة أكثر إيجابيّة مقارنة بما كان عليه الوضع قبل 15 شهراً.

ويستعرض البحث كيفيّة تناول ثلث المقالات التحوّل الجذري الذي أحدثته رؤية المملكة في الربع الأوّل من عام 2022 مقارنة بنسبة 19 في المئة خلال عام 2020.

وسُجِّل أبرز تحوّل في عام 2021، بعدما لاحظ الرصد الإعلامي تراجعًا في الآراء السلبيّة بلغت نسبته 18 في المئة، مقابل زيادة إجمالي النبرة الإيجابيّة بنسبة 9 في المئة مقارنة بعام 2020.

لا يزال الكثيرون يعارضون التغيير في السعودية الذي يسير بخطى ثابتة

ومع بلوغ الربع الأوّل من عام 2022 واصلت الآراء السلبيّة تراجعها، وإن بشكل محتشم، بينما اصطدم النمو المتسارع في التغطية الإيجابيّة الذي سُجل في عام 2021 ببعض العوامل الجيوسياسيّة.

وبشكل عام استحوذ الشأن الاقتصادي على نسبة 18 في المئة من التغطية الإعلاميّة ليحتل المرتبة الثانية، يليه في المركز الثالث قطاع النفط والغاز بنسبة 11 في المئة. أما الموضوعات المتعلّقة بالسياحة والثقافة فاستأثرت بـ10 في المئة من إجمالي الموضوعات الإخباريّة.

ولفت البحث إلى تحقيق قفزة في تغطية المتغيّرات الاجتماعيّة التي تشهدها المملكة بلغت نسبتها 32 في المئة. وقد شملت الموضوعات الرئيسية التي تمّت تغطيتها خلال العام الماضي مسألة تمكين المرأة.

وتعقيبًا على نتائج البحث اعتبر الرئيس التنفيذي لمجموعة “كارما” مازن نحوي “يُظهر بحثنا استحواذ المشاريع ذات الأهداف المحدّدة ضمن رؤية 2030 على اهتمام وسائل الإعلام العالميّة، حيث أن التغطية الإعلاميّة للمملكة في الماضي كانت تركّز بشكل أساسي على النفط والسياسة. أما الآن فقد بدا التحوّل واضحًا، إذ بدأنا نشهد اهتمامًا عالميًّا ملحوظًا بمروحة من المشاريع الاجتماعيّة والاقتصاديّة، ممّا يعكس توجّهًا جديدًا في تشكيل سمعة المملكة في العالم”.

العرب