بغداد – جدّد مجلس النواب العراقي بالأغلبية الثقة في رئيسه محمد الحلبوسي ورفض استقالته، وسط تظاهرات رافضة عمت ساحة التحرير بالعاصمة بغداد لعقد هذه الجلسة التي وصفت من طرف بعض المعارضين بـ”الاستعراضية وغير الدستورية”.
واعتبرت أوساط سياسية عراقية أن تجديد الثقة في الحلبوسي كان أمرا متوقعا لا سيما وأنه لم يقدم استقالته خطيا، وهو ما يجعل الأمر لا يخرج عن دائرة استعراض ثقل وحجمه، فضلا عن الحفاظ على المكاسب المتحققة له بتأييد الجميع.
وتشير هذه الأوساط إلى أن إعلان مرشح الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة محمد شياع السوداني أنه سيصوت لرفض استقالة الحلبوسي لأن وجوده “مهم جدا في رئاسة البرلمان كونه جزءا من تحالف إدارة الدولة” اعتراف ضمني بأن الإطار يعارض استقالة الحلبوسي وربما هو من أشار عليه بذلك لرفع العتب عنه أمام زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي يطالب بحل هذه المؤسسة والذهاب إلى انتخابات مبكرة.
وقالت الدائرة الإعلامية للبرلمان في بيان إن مجلس النواب “صوّت على تجديد الثقة برئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي”.
وبحسب البيان، رفض 222 نائبا استقالة الحلبوسي، مقابل موافقة 13 عضوا، فيما بلغ العدد الكلي للمصوتين 235 نائبا.
ووفق المادة 12 من قانون المجلس لعام 2017، فإن استقالة أحد أعضاء هيئة رئاسة المجلس، أي رئيس المجلس أو النائب الأول له أو النائب الثاني له، تُقبل بعد موافقة المجلس بغالبية عدد أعضائه الحاضرين (النصف+1)، على أن ينتخب المجلس بالغالبية المطلقة خلفًا له في أول جلسة يعقدها.
وعقد مجلس النواب، في وقت سابق الاربعاء، برئاسة النائب الثاني للرئيس شاخوان عبدالله، جلسته المخصصة للتصويت على قرار استقالة الحلبوسي من عدمه وكذلك انتخاب نائب أول للرئيس.
وتزامن عقد الجلسة مع إعلان المحكمة الاتحادية العليا في العراق الأربعاء رد الطعن المقدم بعدم صحة استقالة نواب الكتلة الصدرية.
وذكر تلفزيون “العراقية” الحكومي أن قرار المحكمة جاء “لعدم توفر المصلحة العامة لدى المدعيين”.
وكان رئيس المحكمة الاتحادية العليا القاضي جاسم محمد عبود قال إن “هناك عدة دعاوى أقيمت بخصوص استقالة نواب الكتلة الصدرية وقد رد بعضها لأن طريقة إقامتها غير صحيحة فيما لاتزال دعاوى أخرى مقامة من أطراف ليس لهم علاقة من الناحية القانونية بهذا الموضوع وسيتم النظر فيها”.
وذكر أن “لكل دعوى ظروفها لكن مصلحة الشعب العراقي فوق كل شيء.
وقبيل انطلاق جلسة البرلمان، توافد متظاهرون رافضون لعقدها نحو بوابات المنطقة الخضراء في بغداد، فيما أشارت تقارير إلى أن أنصار الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر اشتبكوا مع قوات الأمن.
وشوهد أنصار الصدر وهم يلوحون بالأعلام بينما تتجمع قوات الأمن حولهم.
وأفادت قناة “السومرية” العراقية، بأن المتظاهرين في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، قد تمكنوا من عبور الحاجز الأول من جسر الجمهورية وسط العاصمة بغداد، والوصول إلى الكتل الكونكريتية”.
وأفاد مراسل وكالة “شفق نيوز” بوقوع اشتباكات بين قوات حفظ النظام وأنصار التيار الصدري في ساحة التحرير، لافتا إلى أن الاشتباكات جرت برمي الحجارة بين الطرفين.
واتخذت السلطات العراقية إجراءات أمنية مشددة عند مداخل المنطقة الخضراء وفي محيط البرلمان والطرق والجسور المؤدية إلى البرلمان.
وجلسة الأربعاء، قاطعتها حركة امتداد حركة امتداد المنبثقة عن “ثورة تشرين” وعدد من المستقلين، كما عارضها متظاهرون خرجوا في عدة محافظات أبرزها ذي قار وميسان والبصرة.
وأعلنت حركة امتداد رفضها حضور جلسة البرلمان، متهمة الطبقة السياسية الحاكمة بخرق المدد الدستورية وباستمرارها في خداع للشعب والدعوة إلى جلسات استعراضية لا تمت للجلسات الدستورية بصلة.
وجددت امتداد التأكيد في بيانها “لا نزال متمسكين بمبادرتنا والتي هي حل للخروج من الأزمة السياسية الحالية وتكون عبر تشكيل حكومة مؤقتة، تكون صلاحياتها الإعداد للانتخابات القادمة وطرح مشروع الموازنة الاتحادية لعام 2023 واستمرار البرلمان لمدة عام بصلاحيات تشريعية، لإجراء التعديلات الدستورية وتشريع قانون الموازنة الاتحادية والتعهد أمام القانون والمجتمع الدولي بالتصويت على حل البرلمان بعد عام من الآن، وسنسعى بجدية لجمع التواقيع من جميع النواب لتكون ملزمة لحل البرلمان في الموعد المحدد”.
وفي موقف مشابه لحركة امتداد، أعلن 11 نائبا مستقلا في البرلمان العراقي عدم حضورهم لجلسة المجلس، مؤكدين في بيان تم نشره الأربعاء أن “انطلاقا من ثوابتنا الوطنية والتي أعلنا عنها مسبقا قبيل الانتخابات الماضية في تحقيق التغيير المنشود وبناء دولة المؤسسات والابتعاد عن المنهجية التقليدية في إدارة الدولة على مدار 19 عاما، التي جلبت الويلات لشعبنا الكريم والتي يحاول البعض تكريسها في هذه المرحلة الحرجة أيضا”.
وأضاف البيان “ولإعطاء فرصة لتشكيل حكومة مستقلة قوية بعيدة عن الأحزاب التقليدية قادرة على قيادة البلد إلى بر الأمان والشروع بتغيير حقيقي، نعلن عن رفضنا حضور جلسة مجلس النواب الأربعاء ورفضنا لنهج التوافق والمحاصصة ولن نكون جزءا من الصراع الحالي”.
وقبيل انطلاق الجلسة البرلمانية بساعات قليلة، خرجت تظاهرات في محافظة البصرة رافضة لعقد جلسة مجلس النواب العراقي الأربعاء، والتي تمثل العودة إلى الحياة التشريعية في العراق عقب قرار تعليق عمله، إثر اقتحام أنصار التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر مقر البرلمان والسيطرة عليه داخل المنطقة الخضراء في الثلاثين من يوليو الماضي، رفضا لتشكيل الحكومة على مبدأ التوافقية.
ونقلت شبكة “رووداو” الإعلامية عن كاظم الموسوي، عضو مجلس محافظة البصرة السابق الذي شارك في التظاهرة، قوله إن “الجماهير خرجت لتعلن رفضها لعقد جلسة محتملة لمجلس النواب العراقي”.
وأوضح الموسوي أن هذه الجماهير “ترفض عودة المحاصصة وحكومات التوافق”، مضيفا أن “هذا مطلب جماهيري ويمثل الجميع ولا أعتقد بأن يختلف عليه اثنان”.
ودعا الموسوي مجلس النواب إلى أن “يسمع كلمة الشعب قبل فوات الأوان وقبل خروج الأمر عن السيطرة ويحدث ما لا تحمد عقباه”.
وأشار عضو مجلس محافظة البصرة السابق إلى أن “الجماهير أقوى من الطغاة وإن تفرعنوا، فهم يمتلكون الوعي والتشخيص والقدرة على اتخاذ القرارات في الوقت المناسب”.
وشهدت ميسان المحافظة الجنوبية أيضا حراكا مضادا من جلسة مجلس النواب. ودعا هذا الحراك أعضاء مجلس النواب العراقي إلى مقاطعة الجلسة التي طال انتظارها من قبل قوى الإطار التنسيقي وحلفائه.
ووصف حراك محافظة ميسان مجلس النواب بأنه “فاقد للشرعية”، وأنه مقبل على “الفساد والتوافقية”.
وخرجت جماهير محافظة ذي قار في تظاهرات سبقت الجلسة للتعبير عن رفض انعقادها، والحيلولة دون ذلك. كما أعلن متظاهرون من محافظة ديالى استنفارهم التام لرفض “حكومة المحاصصة والتنظيمات المسلحة”، حسب وصفهم.
وحذر أهالي قضاء الحمزة الغربي نواب جنوب محافظة بابل من حضور جلسة البرلمان، التي قالوا عنها بأنها جلسة “الإطار التنسيقي”.
العرب