الانتفاضة الإيرانية تمتد إلى إقليم بلوشستان السني

الانتفاضة الإيرانية تمتد إلى إقليم بلوشستان السني

طهران- يحاول الحرس الثوري الإيراني مواجهة وضع أمني منفلت في جنوب شرق البلاد بعد أن امتدت الاحتجاجات إلى منطقة سيستان بلوشستان السنية على الحدود مع باكستان وأفغانستان، في وقت يقول فيه مراقبون إن الاحتجاجات في هذه المنطقة ستزيد من متاعب النظام الإيراني في ظل تراكم المواجهات خلال السنوات الأخيرة بأبعاد مذهبية وعرقية واجتماعية.

وأشار بيان للحرس الثوري أعلن فيه عن مقتل ضابط رفيع آخر في المواجهات في سيستان بلوشستان إلى أن الاشتباكات المسلحة تمت مع “إرهابيين” في محاولة لفصل أحداث جنوب شرق البلاد عن التطورات في طهران والمدن الكردية شمال غرب إيران.

وأعلن التلفزيون الرسمي “استشهد قائد استخبارات حرس الثورة الإسلامية في سيستان بلوشستان العقيد علي موسوي”.

وسيستان بلوشستان منطقة سنية فقيرة على الحدود مع باكستان وأفغانستان وتعاني من تمييز طائفي وتراجع في المشاريع الخدمية والتنموية في حين تصر السلطات أن مشاكلها في الإقليم مرتبطة بعصابات التهريب. وتشهد المنطقة هجمات واشتباكات متكررة بين قوات الأمن ومجموعات مسلحة.

ويقول المراقبون إن انضمام سيستان بلوشستان إلى التظاهرات سيعطيها بعدا آخر وقد تخرج من البعد الاحتجاجي السلمي إلى البعد المسلح في ظل مواجهات سابقة بين النظام ومسلحين من هذه القبائل خاصة بسبب سعي الحرس الثوري للتحكم في تهريب الوقود نحو باكستان، وهو المجال الذي تعيش عليه المنطقة.

وسبق أن وقعت اشتباكات بداية 2021 حين سعى الحرس الثوري لوضع يده على تهريب الوقود وحصره في عائلات حدودية محدودة، وهو ما قابله المهربون بالتصعيد ما أدّى إلى سقوط قتلى من الجهتين.

وتوفي ضابط ثان كبير في الحرس الثوري متأثرا بجروح أصيب بها في الاشتباكات ولم يعلن الحرس ما إذا كانت هذه الاشتباكات مرتبطة بالتظاهرات التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد منذ مقتل الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر الماضي بعدما اعتقلتها شرطة الأخلاق.

وقال البيان إن “العقيد حميد رضا هاشمي وهو عضو آخر في جهاز استخبارات الحرس الثوري توفّي متأثرا بجروح أصيب بها في اشتباكات الجمعة مع إرهابيين”.

وبذلك يرتفع عدد الذين قتلوا الجمعة في سيستان بلوشستان (جنوب شرق) إلى عشرين بينهم عقيدان من الحرس الثوري، في اشتباكات وصفها محافظ سيستان بلوشستان حسين مدرس خيباني بأنها “حوادث”.

ويحاول النظام أن يقدّم تفسيرات لهذه الحوادث على أنها صدام بين الحرس الثوري وعصابات أو مهرّبين حتى لا تأخذ البعد الوطني وتظهر وكأنها انخراط في انتفاضة شاملة تشمل أغلب مناطق البلاد، ويمكنها أن تقود إلى تغذية النزاعات الانفصالية.

◙ الاحتجاجات امتدت إلى 31 إقليما إيرانيا، وشاركت فيها جميع طبقات المجتمع، بما في ذلك الأقليات العرقية والدينية

وكانت وسائل إعلام إيرانية رسمية ذكرت الجمعة أن قوات الأمن أطلقت النار على مسلحين هاجموا مركزا للشرطة في عاصمة المحافظة زاهدان.

وأدى قمع التظاهرات التي تهز إيران منذ 16 سبتمبر الماضي إلى مقتل العشرات من المتظاهرين. كما قتل خلالها عدد من أفراد قوات الأمن. واعتقل أكثر من ألف شخص في جميع أنحاء البلاد.

وأكد التلفزيون الرسمي أن “عددا من أفراد الشرطة والمارة أصيبوا في تبادل إطلاق النار”.

وإقليم سيستان بلوشستان ظل على مدى سنوات مسرحا للاشتباكات بين المتمردين والحرس الثوري الإيراني، ويعد الإقليم من أشد أقاليم إيران فقرا وتهميشا. وتقول تقارير إن أبناء الإقليم محرومون من الوظائف القيادية في الدولة، كما أنهم يحصلون على خدمات محدودة جدا على مستوى الصحة والتعليم والماء والكهرباء.

ورغم دخول أسبوعها الثالث، فإن الانتفاضة ما تزال متواصلة وتتسع أكثر فأكثر لتشمل مناطق جديدة.

واحتشد طلاب في جامعات بجميع أنحاء إيران السبت ووردت أنباء عن إضرابات في المنطقة الكردية في البلاد مع دخول المظاهرات التي اندلعت بسبب وفاة شابة أثناء احتجاز الشرطة لها.

وتحولت الاحتجاجات التي اندلعت بعد مقتل مهسا أميني، وهي شابة تبلغ من العمر 22 عاما من كردستان الإيرانية، إلى أكبر تظاهرات معارضة للسلطات الدينية الإيرانية منذ عام 2019.

وأظهرت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تجمعات في العديد من الجامعات السبت، ومنها في جامعات بالعاصمة طهران، حيث طالب بعض الطلبة بالإفراج عن زملاء لهم جرى احتجازهم في احتجاجات سابقة.

وقال حساب تصوير 1500 على تويتر، والذي يحظى بعدد كبير من المتابعين، إن السلطات احتجزت العشرات من طلاب جامعة طهران خلال المظاهرة. وقالت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية إن بعض المحتجين اعتُقلوا في ساحة قرب جامعة طهران.

وامتدت الاحتجاجات إلى 31 إقليما إيرانيا، وشاركت فيها جميع طبقات المجتمع، بما في ذلك الأقليات العرقية والدينية، ودعا الكثير منهم إلى إسقاط الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.

والاحتجاجات شديدة بشكل خاص في إقليم كردستان الإيراني حيث أخمدت السلطات في السابق اضطرابات من الأقلية الكردية التي يصل تعدادها إلى عشرة ملايين نسمة، وذلك بعد الهجمات الإيرانية بالصواريخ على مواقع كردية.

وقالت منظمة العفو الدولية إن الحملة الحكومية على المظاهرات أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 52 شخصا وإصابة المئات. وتقول جماعات حقوقية إن السلطات اعتقلت العشرات من الناشطين والطلاب والفنانين.

وتقول السلطات إن عددا كبيرا من أفراد قوات الأمن قُتلوا، متهمة الولايات المتحدة باستغلال الاضطرابات لمحاولة زعزعة استقرار البلاد. وتصف وسائل الإعلام الحكومية المتظاهرين بأنهم من مثيري الشغب والفتنة.

العرب