في أوائل هذا الشهر انتشرت الإشاعات الإيرانية بسرعة كبيرة بين تقارير عن أن المرشد الأعلى الإيراني، البالغ من العمر 83 سنة، آية الله علي خامنئي الذي نجا من جراحة سرطان البروستات في عام 2014، يعاني من جديد مرضاً خطراً. وفي 16 سبتمبر (أيلول)، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن جراحة طارئة في الأمعاء تركت خامنئي طريح الفراش وأضعف من أن يجلس مستقيماً، نقلاً عن أربعة مصادر مجهولة قيل إنها “على دراية بوضعه الصحي”. وفي الزوايا الوحشية الكامنة في وسائل التواصل الاجتماعي الناطقة بالفارسية، فالادعاءات بأن خامنئي على فراش الموت أفسحت مجالاً أمام تكهنات تشير إلى أنه قد مات بالفعل. وكما حدث لأكثر من عقد من الزمان، سرعان ما تحولت إشاعات مماثلة إلى تخمين محموم حول الطريقة التي سيعتمدها مجلس خبراء القيادة، وهو الهيئة المؤلفة من 88 فقيهاً إسلامياً يختارون المرشد الأعلى، من أجل انتقاء خليفة لخامنئي، ونقاش حي حول المزايا النسبية لرجال الدين المتنافسين على المنصب.
وسرعان ما ثبت أن التقارير عن وفاة خامنئي مبالغ فيها إلى حد كبير. في 17 سبتمبر، ظهر آية الله من خلال بث متلفز في مراسم عزاء الأربعين، الذكرى الوطنية لاستشهاد الإمام الحسين الذي تعتبر وفاته خلال معركة كربلاء في القرن السابع، حدثاً تأسيسياً في تاريخ الشيعة ودينهم. في الحفل، كان يمكن رؤية خامنئي جالساً منتصباً، لا بل حتى واقفاً، ويلوح بيده، ويتجول بميكروفون يحث جمهوره على تجاهل أكاذيب “قطاع الطرق” التي قد تقوض إيمانهم، إضافة إلى ذلك، فالعصا التي استخدمها خامنئي في الأماكن العامة لأكثر من 40 عاماً لم يكن لها أي أثر.
لكن في غضون ساعات، خفتت الأضواء المسلطة على عودة ظهور خامنئي المحبوكة بعناية، إذ طغت عليها احتجاجات اندلعت في شمال غربي إيران ذلك الصباح في جنازة الفتاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 سنة التي أثارت وفاتها غضباً واسع النطاق بعد اعتقالها من قبل الشرطة الدينية في طهران بسبب حجابها المربوط بشكل غير صحيح، وانتشرت تلك الاحتجاجات إلى المدن المجاورة. وقد شكل ذلك مفاجأة لحكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي التي كان انتباهها مشتتاً بأول ظهور للرئيس على المسرح العالمي، في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. على مدار الأيام القليلة التي أعقبت ذلك، فيما ظهر خامنئي في إطلالات علنية أخرى، غطتها وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية بشكل كامل، انتشرت التظاهرات إلى أكثر من 80 مدينة في جميع أنحاء إيران، وتولت نساء شابات قيادة عدد منها، وقام بعض منهن بإحراق غطاء الرأس من دون خجل في الأماكن العامة احتجاجاً على إلزامية ارتداء الحجاب. واستمرت الاحتجاجات في التصاعد، وأدت المناشدات المطالبة بإلغاء الشرطة الدينية إلى إفساح المجال أمام هجمات عنيفة على المؤسسة الدينية وعلى المرشد الأعلى نفسه. ويعتقد الآن أن الاحتجاجات الحالية هي أخطر تحد واجهته الحكومة الإيرانية منذ احتجاجات الحركة الخضراء في عام 2009. في الواقع، يواجه النظام الإيراني سلسلة من التحديات، على غرار الإحباط المتزايد على نطاق واسع بسبب القيود الاجتماعية، والحنق الناجم عن الانهيار الاقتصادي وسوء الإدارة، والغضب العارم على خامنئي والمؤسسة الدينية التي أظهرت قليلاً من الاهتمام بحاجات الشعب، وقد تحولت تلك التحديات الآن إلى أزمة تتعلق بشرعية [مشروعية] الجمهورية الإسلامية.
عملية الخلافة غير واضحة
بالنسبة إلى النظام الإيراني، تشكل الاحتجاجات أزمة أكثر إلحاحاً بكثير من اختيار خليفة خامنئي الآتي، لكن عملية الخلافة الغامضة، والأسئلة الأساسية عن شرعيتها وانعدام المساءلة، ستطارد النظام السياسي الإيراني لفترة طويلة بعد قمع الاضطرابات. اختير خامنئي خليفة لآية الله روح الله الخميني في عام 1989، وأصبح يعتبر اليوم الزعيم الأطول حكماً لدولة في الشرق الأوسط، وستشكل وفاته مقدمة لتحول مهم في كل من إيران والمنطقة الأوسع. ستكون المنافسة على خلافته شديدة، ومهما كانت النتيجة، فإن الطريقة التي ستتجلى بها المرحلة الانتقالية ستؤدي إلى عواقب واسعة النطاق على علاقة إيران بجيرانها العرب وخصومها الغربيين.
تتألف عملية الخلافة في إيران من مكونات رسمية وغير رسمية تترجم من خلال الهيئات المنتخبة وغير المنتخبة في نظامها الديني الهجين الذي يترفع فيه المرشد الأعلى عن الصراع، ولكنه يحتفظ في الوقت نفسه بالسلطة والنفوذ الشامل. وينص دستور إيران على أن مجلس خبراء القيادة هو الذي يرشح الزعيم التالي وينتخبه. وعندما يموت خامنئي أو يصبح عاجزاً، سيعقد المجلس جلسة طارئة. بعدئذ، كما كان الحال في عام 1989، ستتم تسمية المرشحين، على الأرجح من المجلس نفسه، تليها الخطابات والتصويت. وبالاسترجاع، تم الاعتراف بخامنئي رسمياً بعد حصوله على أغلبية الثلثين التي جاءت في حالته بدعم من رجال دين رفيعي المستوى ومباركة الخميني الذي كان على فراش الموت.
ومن أجل التحضير لعملية الخلافة المقبلة، أعلن قادة مجلس خبراء القيادة في عام 2016 أنهم شكلوا لجنة لتحديد مؤهلات المرشح المثالي وتحضير قائمة بأفضل المتنافسين، بيد أن تلك القائمة لم توزع أو تناقش علناً. وفي ذلك الإطار، قال خامنئي سابقاً إن المرشح القادم يجب أن يكون “ثورياً” بكل المقاييس، ويحدد الدستور الخصائص التالية: “عادل، تقي، يحترم سنه، شجاع، واسع الحيلة، وذو قدرة إدارية”.
ستكون المنافسة على خلافة خامنئي شديدة، والطريقة التي ستتجلى بها المرحلة الانتقالية ستكون لها عواقب واسعة النطاق.
في عام 1989، قبل بدء عملية التصويت، ناقش مجلس خبراء القيادة أولاً إمكانية انتخاب مجلس قيادي بدلاً من اختيار خلف واحد. في ذلك الوقت، صوت مجلس خبراء القيادة ضد تلك النتيجة، معتقداً أن المجلس القيادي من شأنه أن يرسخ الشقاق والتحزبات بشكل أكبر في النظام السياسي الإيراني. وجرى تعديل الدستور لكي يزيل من مناقشات الخلافة المستقبلية إمكانية إنشاء مجلس قيادي مشترك. وعلى رغم ذلك، يوضح الدستور أنه إلى حين انتهاء الانتخابات، سيتولى مهام القيادة مؤقتاً مجلس مؤلف من الرئيس الإيراني، ورئيس القضاء الإيراني، وممثل واحد من مجلس صيانة الدستور، أي الهيئة التي تتمتع بحق نقض التشريعات.
وعند النظر في السيناريوهات المستقبلية، غالباً ما يتم ذكر فكرة المجلس القيادي باعتبارها تطوراً محتملاً في مرحلة ما بعد خامنئي. على رغم أن ذلك المجلس قد يقدم حلاً وسطاً يجمع شخصيات حزبية مهمة لإدارة النظام السياسي الإيراني المتصدع، فإن التعديلات الدستورية ضرورية من أجل تحويل هذا السيناريو إلى احتمال حقيقي. في الوقت الحالي، من دون إجماع على المسار المستقبلي، يبدو من المرجح أن المنافسة ستسفر عن مرشح مقبول بالنسبة إلى كل من المؤسسة الدينية و”الدولة العميقة” في إيران التي اكتسبت سلطة كبيرة في عهد خامنئي.
في الواقع، بعيداً من الواجهة الرسمية، فإن الدولة العميقة الإيرانية هي التي تقود عملية الخلافة بشكل غير رسمي. على رغم أن الحرس الثوري الإسلامي (IRGC)، الكيان العسكري المخول حماية الأمن القومي الإيراني، غالباً ما يعتبر مرادفاً لدولة إيران العميقة، إلا أن الأمر لا يقتصر على ذلك فحسب. فالبنية الفوقية الأمنية والاستخباراتية والاقتصادية المعقدة تجمع بين أفراد ومؤسسات تهدف إلى الحفاظ على الطبيعة الثورية الأساسية والرؤية والأمن التي تتمتع بها الجمهورية الإسلامية. كذلك، تشمل الدولة العميقة القضاء، وبعض أعضاء البيروقراطية الدينية، والمؤسسات الخيرية شبه الحكومية، وعدة كيانات شبه بخاصة تعتبر ضرورية للتمويل، والأهم من ذلك، المكتب القوي للمرشد الأعلى، وهو كيان يمارس رقابة دقيقة على جميع الأنظمة والعمليات السياسية في إيران.
يدقق مكتب خامنئي في المعلومات المتعلقة بوزراء الخارجية والاستخبارات والداخلية والدفاع، وبسفراء إيران في العراق وروسيا وسوريا وحلفاء مهمين آخرين، قبل إرسال أسمائهم إلى البرلمان للموافقة عليها، إضافة إلى ذلك، يتضمن مكتب المرشد الأعلى جهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري الإيراني المتمتع بصلاحية اتخاذ إجراءات أمنية ضد أي اختراق. لقد سمح هذا الترتيب المريح للحرس الثوري الإيراني باحتجاز المواطنين وعشرات من الذين يحملون جنسيتين بسبب انتهاكات مزعومة للأمن القومي.
وازدادت الدولة العميقة قوة تحت قيادة خامنئي، في وقت مبكر من فترة ولايته، من أجل التعويض عن نقاط ضعفه المتصورة باعتباره سلطة دينية، بالتالي تعزيز قوته داخل النظام السياسي المنقسم في إيران. على مر السنين، نجح خامنئي في تهميش خصومه السياسيين على غرار الفائز السابق الرئيس أكبر هاشمي رفسنجاني الذي لعب دوراً حاسماً في انتخاب خامنئي، وكذلك أعضاء المؤسسة الدينية الذين لم يدعموا قيادته. أصبحت الدولة العميقة أكثر وضوحاً خلال رئاسة محمد خاتمي الإصلاحية، من عام 1997 إلى 2005، حينما نظرت إلى الإصلاح من الداخل على أنه تهديد مشابه لأفكار الرئيس ميخائيل غورباتشوف عن الغلاسنوست والبيريسترويكا في الاتحاد السوفياتي. طوال فترة رئاسة خاتمي، بدأت الدولة العميقة في فرض نفسها خارج قاعدتها الأمنية والاقتصادية، وتدخلت تدريجاً في السياسة بهدف إحباط المعارضة الداخلية، مثل تلك التي شوهدت أثناء التظاهرات التي قادها الطلاب في عام 1999. بعد خاتمي، استخدمت الحكومة الإيرانية نفس قواعد اللعبة من أجل قمع احتجاجات الحركة الخضراء عام 2009 والاحتجاجات الاقتصادية بين 2017 و2019 وكذلك لتقييد أجندات الرؤساء المتعاقبين. واليوم، بلا شك، تقود الدولة العميقة مرة أخرى حملة سحق للاحتجاجات الجارية حالياً.
وفي إطار التحضير لخلافة المرشد الأعلى الجديد، تسعى الدولة العميقة، قبل كل شيء، إلى الحفاظ على الوضع الراهن. ومن المتوقع أن يأتي المرشحون المحتملون من داخل دائرة الثقة. ويتوقع أيضاً أن تكون لديهم ميول أيديولوجية محافظة وأن يتمتعوا بعلاقة وثيقة مع خامنئي.
أبرز المرشحين
في السنوات الأخيرة، غالباً ما احتل اسم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مركز الصدارة في قوائم المرشحين المتنافسين على منصب خامنئي التي حضرها المحللون. والجدير بالذكر أن مؤهلات رئيسي الدينية ومواقفه السياسية السابقة تشير بوضوح إلى قربه من الدائرة الداخلية لرجال الدين الأقوياء. في عام 2016، عينه خامنئي رئيساً لـ “أستان قدس رضوي” (Astan Quds Razavi)، التكتل الاقتصادي القوي الذي يتخذ من مدينة مشهد مقراً له، وفي عام 2019، تم تعيينه رئيساً للسلطة القضائية الإيرانية. وعلى رغم ذلك، كان اسم رئيسي غير معروف بين الناخبين، بيد أن ذلك تغير مع انتخابه للرئاسة في عام 2021، ما منحه منصة وطنية، وأعده ليمشي على خطى خامنئي في طريق الانتقال من موقع الرئيس إلى موقع المرشد الأعلى.
في الوقت نفسه فإن شعبية رئيسي تجعله أكثر عرضة للتدقيق العام، ما قد يضعف مكانته داخل الدولة العميقة. في الواقع، فاز رئيسي في الانتخابات الرئاسية التي شهدت أدنى مستوى من المشاركة العامة في تاريخ إيران. وتولى منصبه في أوج عقوبات الضغط الأقصى الأميركية التي تسببت في خسائر كبيرة في الاقتصاد الإيراني. وحتى الآن، لم يحقق رئيسي أي انتصارات سياسية. وعلى رغم أشهر من المفاوضات، لم تتوصل المحادثات النووية الإيرانية إلى نتيجة إيجابية من شأنها تخفيف العقوبات وإعادة إيران إلى الامتثال النووي. وما أحرج رئيسي، كان تسلل إسرائيل إلى إيران وقتل أبرز عالم نووي فيها. وقد كشفت موجات الاحتجاجات المتتالية عن تأثير سوء الإدارة الاقتصادية والبيئية على حياة المواطنين الإيرانيين، وعمق غضبهم من صرامة الدولة الأمنية. في ظل هذه التحديات، قد يفقد رئيسي الصدقية مع اشتداد المنافسة على موقع المرشد الأعلى.
وهناك منافس آخر كثيراً ما يذكر، ولكن يتعرض للتهميش والتجاهل بشكل مستمر، وهو مجتبى، ثاني أكبر أبناء خامنئي. على رغم التقارير التي تفيد بأن مجتبى قد أكمل ما يكفي من التعليم الديني والدراسة ليصبح آية الله، خطوة من شأنها أن تمنحه مؤهلات دينية مهمة، فالشخصيات المعارضة داخلياً تستخدم فكرة أن القيادة الوراثية قادمة إلى الجمهورية الإسلامية من أجل زيادة تقويض شرعية المؤسسة الدينية، لكن مجتبى مرتبط بشكل وثيق بالمؤسسة الأمنية التابعة للدولة العميقة، ووالده يصغي إليه ويتأثر فيه، كما أن الدولة العميقة تدرك تماماً أن إبقاء أفراد عائلة خامنئي قريبين قد يكون ضرورياً من أجل احتواء معارضة محتملة في المستقبل.
يعتبر كثير من الإيرانيين أن فكرة الحكم المتوارث خيانة أخرى للثورة.
في الوقت نفسه يشكك الكثيرون في إمكانية إدخال الحكم الوراثي في النظام الديني الإيراني بعد ثورة 1979 الدرامية التي أطاحت آخر شاه في إيران، وسلالة بهلوي، والنظام الملكي الوراثي بحد ذاته. لوقت طويل، شعر الإيرانيون بالغضب من فكرة أن خامنئي كان يعد ابنه ليكون خلفاً له، ويعتبر عدد كبير منهم أن فكرة الحكم المتوارث خيانة أخرى للثورة. وفي الاحتجاجات التي اندلعت في أنحاء إيران في الأيام الأخيرة، عبر عشرات الآلاف من المتظاهرين عن غضبهم من خامنئي وابنه مستعملين عبارات بذيئة تستهدفهما شخصياً بشكل غير مسبوق.
كذلك، شوهت سمعة مرشحين آخرين تم تداول أسمائهم في الماضي، مثل صادق لاريجاني، سليل أسرة لاريجاني ذات النفوذ، بسبب اتهام بالفساد. إذاً، مع تحول كل من رئيسي وخامنئي الابن إلى مرشحين ضعيفين قد لا يحققان إجماعاً، من المحتمل أن يكون هناك اختيار مفاجئ. في الواقع، قد تظهر شخصية رفيعة المستوى كانت مجهولة سابقاً من داخل مجلس خبراء القيادة كمرشح اللحظة الأخيرة، شخص يمكن أن تديره الدولة العميقة. ومن المهم أن نتذكر أنه في عام 1989، لم يكن خامنئي متصدراً واضحاً لقائمة المرشحين.
وكبديل لذلك، في محاولة لإنقاذ العملية، يمكن إعادة إحياء تسمية مجلس قيادي يضم ثلاث شخصيات رئيسة. وإذا بقيت حالة عدم اليقين هذه مخيمة من دون وجود مسار مستقبلي واضح قائم على الإجماع أو مجموعة قوية من المرشحين، ستظل الخلافة غارقة في المؤامرة والغموض، ما يسلط الضوء أكثر على عجز الدولة عن اتخاذ إجراءات في القضايا الحاسمة مثل الاتفاقية النووية الإيرانية. وإحدى نتائج ذر الرماد في العيون [الوعود والأكاذيب] هي الركود السياسي والمنافسة الحزبية التي لا تزال تثقل كاهل النظام السياسي الإيراني. وكما تشير الاحتجاجات الأخيرة، قد لا تتمكن الطرق القديمة من الصمود أمام التدقيق المستمر والمتزايد من جانب الإيرانيين العاديين.
وتجدر الإشارة إلى أن القوة المطلقة والسرعة والجرأة التي اتسمت بها الحركة الاحتجاجية الأخيرة، والقلق على صحة خامنئي التي أفسحت الطريق بسرعة لدعوات عامة غير مسبوقة تطالب بإطاحته، والغضب الذي وجهه كثير من المتظاهرين إلى النظام الديني الأوسع بحد ذاته، قد أثارت الصدمة لدى عدة مراقبين. وحتى وقت قريب، ربما كانت النخبة الدينية تأمل في أن تتكشف عملية الخلافة بالكامل وراء الكواليس [بمنأى عن الأنظار]، كما كان يحصل في الماضي، لكن الغضب العام يركز الآن بشكل مباشر على شرعية خامنئي وشرعية النظام الذي يمثله. في جميع أنحاء إيران، يردد الآلاف من المتظاهرين الغاضبين باستمرار “الموت للخميني” و”فليسقط رجال الدين” و”نتمنى أن تموت يا مجتبى قبل أن تصبح المرشد الأعلى”. وبينما تطلق الدولة العميقة العنان كاملاً لقوتها القسرية مرة أخرى من أجل إخماد الاحتجاجات، فالإيرانيون العاديون من شتى الخلفيات يراقبون عن كثب. وإذا مات خامنئي في الوقت الذي تهتز إيران فيه وتتخبط بسبب حركة احتجاجية بهذا الحجم، فإن التحدي الذي يواجه النظام الديني يمكن أن يصبح وجودياً.
اندبندت عربي