في الوقت الذي يواصل فيه المتظاهرون الإيرانيون مواجهة النظام الاستبدادي بهتافات “الموت للدكتاتور”، وهو شعار يستهدف حكم القبضة الحديدية للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، يتساءل مراقبون حول مآلات الحراك الاحتجاجي في إيران، وما بعده.
وواصل المحتجون الإيرانيون تحدّي السلطات في الأسبوع الرابع بتحرك مناهض لنظام الجمهورية الإسلامية، وقد سجّلت الاثنين اعتصامات طالبية وإضرابات عمّالية، على الرغم من حملة قمع يقول نشطاء إنها أسفرت عن العشرات من القتلى والمئات من الموقوفين.
ويرى خبراء أن الاحتجاجات الواسعة التي وصلت إلى نحو 140 مدينة وقرية إيرانية، ربما تؤدي بالنهاية إلى سقوط نظام حكم رجال الدين الذي يسيطر على السلطة منذ 43 عاما.
لكن السؤال الأكثر إلحاحا الذي يطرحه الخبراء في الوقت الحالي هو هل ستنهي هذه الاحتجاجات النظام المتشدد الذي يحكم البلاد؟
وتقول الخبيرة في الشؤون الإيرانية ورئيسة تحرير مؤسسة “ذي فورين ديسك” ليزا دفتري إن “الطريقة التي ستتم بها الإطاحة بهذا النظام ستكون عبر الشعب، وهي ذات الطريقة التي وصل بها إلى السلطة”، مضيفة أن “النظام على الرغم من وحشيته في التعامل مع الاحتجاجات، إلا أننا نرى المتظاهرين متحمسين أكثر من أي وقت مضى”.
وزارة الخزانة الأميركية فرضت مؤخرا عقوبات على “شرطة الأخلاق” الإيرانية، بسبب الإساءة والعنف ضد النساء
وتضيف دفتري أن “الشعب الإيراني يوصل رسالة إلى العالم بأنه قادر على تحمل عبء إسقاط النظام، لكنه بحاجة إلى المساعدة”، في حين ترى أن “الدعم يجب أن لا يقتصر على التصريحات، بل من خلال عمل الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، على دعم مهمة إزالة النظام الإيراني عبر فرض عقوبات على القطاعات التي تتعامل بشكل مباشر مع النظام الإيراني”.
وشددت الخبيرة في الشؤون الإيرانية أيضا على أن “الغرب مطالب بالتخلي عن مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي الذي سيمنح النظام الإيراني المليارات من الدولارات”، في الوقت الذي يواصل فيه وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان التقليل من أهمية الاحتجاجات.
وفرضت وزارة الخزانة الأميركية مؤخرا عقوبات على “شرطة الأخلاق” الإيرانية، بسبب الإساءة والعنف ضد النساء وانتهاك حقوق المتظاهرين الإيرانيين السلميين.
ويقول الخبير في شؤون إيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بهنام بن طالبلو إن “الغرب مطالب اليوم بتوفير الأموال ودعم التكتيكات اللازمة لتنشيط حركة المحتجين”، ويجب أن تشمل هذه التكتيكات، وفقا لبن طالبلو، “إرسال وتأمين الأجهزة اللازمة في إيران لجعل الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية حقيقة واقعة، وكذلك ضمان قدرة المحتجين على التواصل فيما بينهم، لاسيما عبر الهواتف المحمولة في حالة انقطاع الإنترنت”.
ودعا بن طالبلو واشنطن أيضا “إلى تكثيف العقوبات ضد نخب النظام والمسؤولين على المستوى الوطني، وكذلك القادة المحليين والمسؤولين السياسيين الذين يقمعون المتظاهرين أو يدعون إلى قتلهم”.
وترى مريم معمار صادقي، الزميلة في معهد ماكدونالد لوريير بكندا، أن “المحتجين أظهروا أنهم قادرون على الخروج إلى الشوارع في جميع المدن الكبيرة والصغيرة في وقت واحد، واحتلال معظم أجزاء المدن الكبيرة في وقت واحد أيضا”، وتقول إن “وحدة الشعب الإيراني غير مسبوقة منذ ثورة 1979، وكذلك غضبهم ضد النظام”.
وشددت معمار صادقي على أن “الديمقراطيات يجب أن تستثمر الآن في التخطيط الإستراتيجي لليوم التالي لسقوط النظام”.
وبناء على ذلك، فإن السؤال المطروح حاليا من قبل العديد من الخبراء الإيرانيين لم يعد يتعلق بإمكانية انهيار النظام، بل متى سيتم ذلك.
وأطلقت وفاة مهسا أميني (22 عاما)، وهي من أكراد إيران، شرارة احتجاجات في أنحاء إيران، شكلت أكبر تحدّ منذ سنوات لرجال الدين الذين يحكمون البلاد، وتخللت الاحتجاجات خلع نساء لحجابهن في تحد للمؤسسة الدينية، بينما دعت حشود غاضبة إلى إسقاط المرشد الأعلى علي خامنئي.
صحيفة العرب