أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، إعجاب بعض الدول العربية والغربية عندما تحدث عن حل الدولتين، لكنه لم ينجح في نيل ترحيب فلسطيني.
وعمليا يعني حل الدولتين إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل.
ولكن الهوة ما بين الموقفين الفلسطيني والإسرائيلي بشأن تطبيق ذلك على الأرض واسعة جدا.
حل الدولتين
تحول حل الدولتين الى إجماع دولي عندما طرحته اللجنة الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وروسيا، ضمن خارطة الطريق في 2003.
ومنذ ذلك الحين جرت عدة محاولات للتوصل إلى آلية تنفيذية لخطة خارطة الطريق، ولكنها دائما ما كانت تصطدم بحائط المواقف المتباعدة ما بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 سبتمبر/أيلول الماضي، قال لابيد، إن “الاتفاقية مع الفلسطينيين، المبنية على أساس دولتين للشعبين، الأمر المناسب لأمن إسرائيل ولاقتصادها ولمستقبل أطفالنا”.
وأضاف: “رغم كل العوائق، اليوم أيضا الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين يدعمون رؤية حل الدولتين. أنا واحد منهم”.
وتابع لبيد: “لدينا شرط واحد فقط، الدولة الفلسطينية المستقبلية ستكون مسالمة”.
واستطرد: “يجب عليها ألا تتحول إلى قاعدة إرهاب أخرى تهدد سلامة ووجود إسرائيل. يجب أن تكون لدينا القدرة على الدفاع عن أمن مواطنينا بأي لحظة كانت”.
وفي كلمته أمام مجلس الشراكة الإسرائيلي-الأوروبي، في 3 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قال لابيد: “في خطابي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عبرت مرة أخرى عن التزامي بحل الدولتين”.
ولم يكن لبيد، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول الذي يعلن التزامه بحل الدولتين، بل سبقه إلى ذلك بنيامين نتنياهو، وإيهود أولمرت.
ولكن لبيد، لم يشرح على أساس أي حدود ستقام الدولة الفلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل وما هي عاصمتها.
وقال الفلسطينيون مرارا وتكرارا إن مفهومهم لحل الدولتين هو إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، مع استعداد لتبادل طفيف ومتفق عليه للأراضي.
المبدأ والالتزام السياسي
ويشير باروخ يديد، المحلل الإسرائيلي في القناة الإخبارية 14 العبرية، إلى أن الهوة بين الموقفين الفلسطيني والإسرائيلي من مفهوم حل الدولتين واسعة.
وقال يديد: “الموقف الفلسطيني من حل الدولتين كما أفهمه: دولة فلسطينية للشعب الفلسطيني، وإلى جانبها دولة إسرائيل، التي هي لكل مواطنيها”.
ويوضح “بالتالي فإن القيادة الفلسطينية، وكما أعلنت مرارا وتكرارا ترفض أن تكون دولة إسرائيل دولة يهودية”.
وأضاف: “عندما يتحدث لبيد عن حل الدولتين فإنه يقصد دولة للفلسطينيين وإلى جانبها دولة إسرائيل اليهودية”.
واستبعد يديد، أن يكون لبيد، على استعداد لقبول دولة فلسطينية على حدود 1967 مع القدس الشرقية عاصمة لها.
وقال: “لبيد، تحدث عن المبدأ، وهو الالتزام بحل الدولتين، ولكن لم يقرن التزامه ببرنامج سياسي وإعلان عن استئناف للمفاوضات مع الفلسطينيين”.
وأردف: “كما هو معروف فإن الجانب الفلسطيني يطالب بمفاوضات مع إسرائيل من أجل ترسيخ حل الدولتين على الأرض، ولكن لبيد، لم يطرح أي مبادرة سياسية من أجل استئناف المفاوضات”.
وأشار المحلل الإسرائيلي، إلى أن “لبيد، تحدث باقتضاب عن الجانب الأمني، ولكنه لم يتحدث عن الحدود وغيرها من التفاصيل، مثلا المستوطنات والقدس”.
وليس ثمة فلسطينيين أو إسرائيليين يعلقون آمالا على استئناف المفاوضات قريبا لتطبيق حل الدولتين.
لا معنى لتأييد لبيد للدولتين
وكتب أمير تيبون، المحلل في صحيفة “هآرتس” العبرية، “في الواقع السياسي الحالي لإسرائيل، لا معنى لتأييد لبيد للدولتين”.
وتابع “تُظهر جميع استطلاعات الرأي أن الحكومة المقبلة ستكون إما حكومة يمينية متطرفة متدينة بقيادة نتنياهو، أو ائتلافًا واسعًا بقيادة لبيد، الأمر الذي سيتطلب دعم الأحزاب اليمينية المناهضة لنتنياهو”.
وأضاف: “بعبارة أخرى، يستطيع لبيد، أن يتحدث كل ما يريد عن حل الدولتين، لكن حتى لو بقي رئيسا للوزراء بعد الانتخابات المقبلة، فلن يكون لديه القوة السياسية لتنفيذه”.
وأشار تيبون، إلى أنه “لكي يحدث ذلك، يجب تغيير شيء دراماتيكي في السياسة الإسرائيلية”.
وقال: “في الدورات الانتخابية الأخيرة في البلاد، حصلت أحزاب يسار الوسط الصهيونية التي تدعم حل الدولتين على ما يقرب من 40 مقعدًا من إجمالي 120”.
ويرى تيبون، أن هذه الأحزاب “لن تنمو بشكل كبير في المستقبل المنظور، لأن السكان اليهود في إسرائيل ينتقلون إلى اليمين، وبدون دعم الأحزاب اليمينية التي تعارض نتنياهو، لا يملك يسار الوسط أي وسيلة للاحتفاظ بالسلطة”.
وتضم الحكومة الإسرائيلية الحالية ائتلافا حزبيا مشكلا من حزب “أمل جديد” اليميني، برئاسة وزير العدل جدعون ساعر، وحزب “إسرائيل بيتنا” اليميني، برئاسة وزير المالية أفيغدور ليبرمان، وكلاهما يعارضان إقامة دولة فلسطينية.
كما أن وزير الدفاع، زعيم حزب “أزرق أبيض” الوسطي بيني غانتس، يدعم الانفصال عن الفلسطينيين، ولا يعتبر الوضع موات لإقامة دولة فلسطينية.
رسالة للداخل
ويرى يديد، أنه “على الرغم من أن لبيد، تحدث في منصات دولية، فإنه بدون شك كان يوجه رسالة إلى الداخل الإسرائيلي عشية الانتخابات العامة في 1 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل”.
وقال: “بعض المحللين الإسرائيليين يرون أن لابيد، أراد من تصريحه هذا أن يعزز مواقع حزبه (هناك مستقبل) من خلال استقطاب أصوات من اليسار والوسط”.
ويعتقد يديد، أن “لبيد، أراد بذلك أن يزيد من عدد المصوتين العرب، لأنه في نهاية الأمر فإن تشكيله لحكومة قد يتطلب دعم القائمة المشتركة برئاسة أيمن عودة، وأحمد الطيبي، اللذين يطالبانه بدعم الحل السياسي مع الفلسطينيين”.
وفي هذا الصدد، كتب يوسي فيرتر، المحلل في “هآرتس”، أنه “في إعادة تأكيده على حل الدولتين، سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي للفوز بأصوات اليسار”.
واستدرك فيرتز، قائلا: “لكن حتى لو فاز (لبيد) في الانتخابات، فسيتعين عليه تشكيل ائتلاف مع أعضاء الكنيست المعارضين لقيام دولة فلسطينية”.
(الأناضول)