الرباط- قرر المغرب في خطوة غير مسبوقة رفع الميزانية المخصصة للدفاع العسكري بالمغرب لما يقارب 120 مليار درهم (11 مليار دولار) بزيادة قدرها 5 مليارات درهم عن السنة الماضية، في وقت يقول خبراء إن الهدف الأول للمغرب هو التكنولوجيا العسكرية المتطورة لتحديث قواته ضمن سباق التسلح الذي تشهده المنطقة.
ويأتي القرار المغربي بزيادة ميزانية القوات المسلحة الملكية بعد أيام قليلة من عرض ميزانية جزائرية تضاعف ميزانية الجيش من 12 إلى 23 مليار دولار ضمن إستراتيجية لتغيير مصادر أسلحة الجزائر بالانفتاح على الصين ودول أخرى مثل تركيا وإيران.
وجاء في قانون المالية المغربي لهذه السنة أن تخصيص 11 مليار دولار يهدف إلى اقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية ودعم وتطوير صناعة الدفاع، وهو ما لم يشهده أيّ قانون مالية سابق، إذ تمثل ميزانية إدارة الدفاع في المغرب أكثر من 3.5 في المئة من الناتج الداخلي الخام.
◙ التجديد لمستوى تسليح المغرب مطلوب وضروري كون المملكة دخلت مرحلة الردع البحري والجوي وذلك بتعزيز القدرة النارية غير التقليدية لحماية الحدود
ومن خلال نقاشات لجنة الخارجية بمجلس النواب يتضح أن هذه الميزانية تتماشى مع المهام المتعددة التي تضطلع بها القوات المسلحة الملكية، لاسيما أمام التهديدات الأمنية التي تعرفها المنطقة والتي تتطلب يقظة مستمرة لجميع مكونات القوات المسلحة الملكية.
ويقول محللون إن المغرب يعمل على تأهيل قواته المسلحة لتكون جاهزة لأيّ تطورات إقليمية خاصة في ظل إصرار الجزائر على الدفع بجبهة بوليساريو إلى المغامرة عسكريا للتغطية على فشلها الدبلوماسي وعلى عزلة الجزائر الإقليمية.
ويعتقد هشام معتضد الأكاديمي والخبير المغربي في العلاقات الدولية المقيم بكندا أن الدافع الرئيسي وراء رفع الميزانية الدفاعية للمغرب يكمن في الخيار الإستراتيجي الجديد للجيش المغربي في تأهيل جميع الفرق العسكرية والقطاعات الدفاعية بأحدث التكنولوجيات الحربية التي تعد أبرز العوامل في إحداث الفارق على مستوى الميدان.
وأكد معتضد في تصريح لـ”العرب” أن الميزانية الجديدة للقوات المسلحة الملكية ستمكن كذلك الترسانة الدفاعية للمملكة من تأهيل قطاعاتها الدفاعية للرفع من تنافسيتها الحربية وتجديد آلياتها اللوجستية والتي تعتبر من أكبر نقاط قوة الجيش المغربي في المنطقة وعلى المستوى القاري.
وستمكن هذه الزيادة في الميزانية أيضًا الجيش المغربي من مواكبة التوجهات الإستراتيجية الدفاعية للقيادة العليا للقوات المسلحة الملكية من المضي قدما في تمكين مختلف الهيئات الدفاعية من تجديد ترسانتها الدفاعية عبر إستراتيجية تنويع الشركاء وتكثيف المبادرات المشتركة من أجل الرفع من المستوى التكتيكي والتقني لمختلف الوحدات.
وسبق للعاهل المغربي الملك محمد السادس، بصفته القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، أن دعا إلى التركيز على برامج البحث العلمي والتقني والهندسي والعمل على تعزيزها وتطويرها في جميع الميادين العسكرية والأمنية، وتبادل الخبرات على المستويين الإفريقي والدولي، ومواكبة التطور المتسارع في ميادين الأمن والدفاع، إلى جانب تصنيع الأسلحة ومعدات الدفاع، ومنح تراخيص تسمح بتصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية المستخدمة من قبل القوات المسلحة وقوات الأمن.
ويرى خبراء في السياسات الأمنية أن التجديد لمستوى تسليح المغرب مطلوب وضروري كون المملكة دخلت مرحلة الردع البحري والجوي وذلك بتعزيز القدرة النارية غير التقليدية لحماية الحدود والسيطرة على عناصر التوازن العسكري في المنطقة.
ويعمل المغرب على تعزيز دوره كإحدى القوى الموجودة بمضيق جبل طارق، وخلق نوع من التوازن مع القوى البحرية في المنطقة، بخلق قوة رادعة.
وتقوم الخطة المغربية على تنويع مصادر التسليح من جهة، ومن جهة ثانية العمل على تطوير صناعة عسكرية محلية بتصنيع الذخائر والأسلحة، وخفض تكلفة الصيانة بإنشاء مواقع عديدة لصيانة المعدات العسكرية.
ويتزامن الرفع من ميزانية الدفاع مع توقيع المغرب على العديد من الاتفاقيات مع العديد من الدول لتطوير ترسانته العسكرية وذلك باقتناء أحدث الأسلحة العسكرية الإستراتيجية، سواء الطائرات والدبابات وغيرهما من الأسلحة التي أصبحت تفرض حضورها في الحروب النظامية وغير النظامية المعاصرة.
ووافق الكونغرس الأميركي الشهر الماضي على إدخال بعض التّغييرات في صفقات شراء وتطوير مقاتلات “إف – 16” المغربية، من خلال تزويد هذه الطائرات بنظام تبادل المعلومات اللاسلكي الخاص برابط البيانات، حتّى تستجيبَ لحاجيات القوّات الجوّية المغربية.
واختار المغرب عقد صفقات تسلح لاقتناء أسلحة نوعية باهظة الثمن، من قبيل المسيّرات والأباتشي على مستوى سلاح الجو.
كما يسعى لتقوية قوته البحرية بتحديث قدراته المضادة للغواصات الحربية بالتفاوض مع شركات غربية للحصول على صواريخ “فولكان 2000”، وفق ما نقله موقع “تكتيكال ريبورت” المتخصص في الصّناعات الدفاعية والصّفقات العسكرية.
◙ الميزانية تتماشى مع المهام المتعددة التي تضطلع بها القوات المسلحة الملكية، لاسيما أمام التهديدات الأمنية التي تعرفها المنطقة
وحسب “تكتيكال ريبورت” فإن البحرية الملكية المغربية مهتمة بشراء دوريات قاذفة للصواريخ طراز “كيليش 2” التركية في نسخة محدثة ومعدلة، كما تفاوض من أجل اقتناء طائرات للخفر البحري بقدرات لمكافحة الغواصات والاستطلاع والحرب الإلكترونية، وكذا البحث والإنقاذ.
وكان المغرب وإسرائيل قد اتفقا على تطوير مقاتلات “إف – 16″ و”إف 5” المغربية، من خلال دعمها بالتكنولوجيا الحديثة وتطوير قدراتها الجوية، وذلك على هامش زيارة قام بها أفيف كوخافي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إلى الرباط في يوليو الماضي.
وخصصت الجزائر 23 مليار دولار لميزانية الدفاع ولاقتناء الأسلحة تحت مبرر أن السلاح المتوفر لدى الجيش الجزائري لم يعد صالحا للاستخدام ووجب تطويره، لكن خبراء في السياسات الأمنية يرون أن الجزائر تحاول من خلال الأرقام الكبيرة جرّ المغرب إلى سباق تسلح على حساب التنمية بهدف خلق مشاكل اجتماعية واقتصادية في المملكة.
وقررت الجزائر تعزيز قدراتها العسكرية خاصة الجوية حيث أفاد موقع “ديفنيس إكسبريس”، وهو موقع روسي متخصص في الشؤون العسكرية والدفاع، أن السلطات الجزائرية اشترت في يناير الماضي سربا جديدا من الطائرات الصينية المسيّرة لضمها إلى الأسطول الذي يملكه الجيش ويستخدمه في مهمات دفاعية ومراقبة الحدود.
العرب