بدأ حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان استعداداته المكثفة لإطلاق حملته للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقرر إجراؤها في 18 يونيو (حزيران) المقبل. فيما يتصاعد الجدل حول المرشح المحتمل الذي ستدفع به أحزاب المعارضة كمنافس لإردوغان على الرئاسة.
وكشف «العدالة والتنمية» عن شعاره الجديد في المرحلة المقبلة، والذي استند في تصميمه إلى شعار الرئاسة التركية. بينما واصل إردوغان جولاته الانتخابية وعقد مؤتمرا جماهيريا، أمس الأحد، في ديار بكر كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرق البلاد.
وافتتح إردوغان عددا من المشاريع التنموية في ديار بكر. وتعهد باستمرار الحرب على «حزب العمال الكردستاني»، المصنف منظمة إرهابية. وأكد أن حكومته تسعى لجعل تركيا واحة سلام، ولن تتمكن التنظيمات الإرهابية ولا البغاة الإمبرياليين من عرقلة ذلك.
وهاجم إردوغان حزب «الشعوب الديمقراطية» المؤيد للأكراد وثالث أكبر أحزاب المعارضة بالبرلمان، قائلا: «إن وجه ديار بكر لا يمثله استغلال تنظيم العمال الكردستاني ولا انحراف حزب الشعوب الديمقراطية، بل تمثله مشاعر الأخوة والمحبة والتآزر التي يتم إظهارها اليوم تجاه سكان الولاية».
ويتهم إردوغان «الشعوب الديمقراطية» بأنه الذراع السياسي لـ«العمال الكردستاني». ويواجه الحزب دعوى أمام المحكمة الدستورية لإغلاقه وتجميد النشاط السياسي لمئات من قياداته وأعضائه البارزين بتهمة الضلوع في الإرهاب.
وبينما ينتظر أن يطلق حزب العدالة والتنمية رسميا، الاثنين، برنامج عمله استعدادا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في منتصف العام المقبل، كشف عن شعاره الجديد، المستوحى من شعار الرئاسة التركية، وركز على الاحتفال بمئوية الجمهورية التركية في عام 2023 بعبارة «قرن تركيا» . وكان إردوغان أكد من قبل أن شعار حزبه الجديد في انتخابات عام 2023 سيكون «قرن تركيا». وقال: «نحن نستعد لاستقبال الذكرى المئوية لجمهوريتنا مع اختراق قرن تركيا، الذي يتجاوز بكثير الاحتفالات بالذكرى السنوية العادية».
واستوحى الشعار الخاص بنهج ورؤية القرن التركي شعار الرئاسة التركي، فيما اعتبره الكثيرون دلالة على التمسك بالنظام الرئاسي الذي بدأ تطبيقه عام 2018 والذي تسعى أحزاب المعارضة لإلغائه وإعادة النظام البرلماني بعد تعزيزه بسبب تركيزه السلطات في يد رئيس الجمهورية وإضعاف السلطات الأخرى، وفي مقدمتها السلطة التشريعية.
وحمل الشعار الجديد 16 نجمة ترمز إلى العناصر الأساسية للتاريخ التركي القديم، بينما النجمة الكبيرة في العلم التركي تعني تكامل التراث المشترك، بحسب مصادر من حزب العدالة والتنمية.
وأشارت المصادر إلى أنه يتم التأكيد، من خلال الشعار الجديد، على الطابع العالمي لرؤية تركيا للقرن من خلال المحيط الدائري للشعار، وتمثل كل أشعة الشمس المنبعثة من جميع أنحاء الهلال كل عام من سنوات الجمهورية التركية ومجموعها 100، كما أن الشكل الدائري واللون الخاص ذو التأثير الذهبي يؤسسان العلاقة في العالم بأن القرن التركي ولد كالشمس.
وفي إطار حالة التسخين المبكر استعدادا للانتخابات، أعاد إردوغان إلى الواجهة مسألة الحجاب، متحديا زعيم المعارضة رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كليتشدار أوغلو، الذي تطرق، مؤخرا، إلى إصدار قانون لرفع أي قيود على الحجاب.
واقترح إردوغان، خلال تجمع لأنصار حزبه في مالاطيا (شرق تركيا) ليل السبت- الأحد، إجراء استفتاء لوضع ضمانة دستورية للحق في ارتداء الحجاب في مؤسسات الدولة والمدارس والجامعات. وقال موجها خطابه إلى كليتشدار أوغلو: «إذا كانت لديك الشجاعة، تعال، فلنخضع ذلك للاستفتاء… دع الأمة تتخذ القرار».
وتساءل إردوغان: «هل هناك تمييز بين المحجبات وغير المحجبات اليوم في الوظيفة العامة؟ في المدارس؟ لا… لقد نجحنا في إزالة ذلك… سنرسل قريبا تعديلا دستوريا إلى البرلمان، لكن إذا لم يحل الأمر في البرلمان، فسنعرضه على الشعب (يقصد الاستفتاء)».
ويتطلب إقرار أي تعديل دستوري في البرلمان الحصول على أغلبية الثلثين أي 400 من أصوات نواب البرلمان وعددهم 600، بينما يتطلب مقترح التعديل الحصول على 360 صوتا، ولدى «العدالة والتنمية» 286 مقعدا بالبرلمان إضافة إلى 48 مقعدا لحليفه «الحركة القومية».
ورد كليتشدار أوغلو على إردوغان، وطالبه بدعم اقتراح القانون المقدم من «الشعب الجمهوري» قائلا: «ادعم اقتراح القانون وليس الاستفتاء… هل لديك الشجاعة لذلك؟».
واحتدم النقاش في تركيا حول الحجاب من جديد في أجواء التحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بينما كانت حكومة إردوغان رفعت القيود المفروضة على ارتداء الحجاب في عام 2013.
وبحسب مراقبين، أراد كليتشدار أوغلو من خلال إثارة موضوع الحجاب مرة أخرى طمأنة الناخبين المحافظين الذين يصوتون تقليديا لـ«العدالة والتنمية» بأن المعارضة لن تمس موضوع الحجاب والمكتسبات التي حصلوا عليها حال فوزها بالانتخابات واعتلاء السلطة عام 2023 وأنها ترغب في تقنينه بالبرلمان.
الشرق الاوسط