أبوظبي- حث وزير النفط الهندي هارديب سينغ بوري الاثنين تحالف أوبك+ النفطي على النظر في تأثير قراره المتوقع في ديسمبر على المستهلكين، في خطوة تظهر بأن الهند قد انضمّت إلى الولايات المتحدة في معارضة قرار أوبك+ القاضي بتخفيض الإنتاج.
وقال خبراء إن الموقف الهندي يعتبر بمثابة نسخة مهذبة من التصريحات الأميركية حول أوبك+، وفيه أول إشارة لكارتل المستهلكين الذي تحدثت عنه واشنطن، وإن هذه التصريحات قد تكون مقدمة لتفعيل هذا التحالف ضد تحكم كارتل المنتجين الذين باتوا يتحكمون في السوق وبتحالف أكثر صلابة مما كان عليه في سنوات ماضية فيما لا يزال كبار المستهلكين يتحركون بشكل فردي.
ولم يستبعد الخبراء أن يكون إعلان الموقف الهندي، وإن كان بشكل مرن وأقل حدة، يأتي ضمن تحرك أميركي لدفع بقية كبار المستهلكين للوقوف في وجه احتكار أوبك+ للقرارات المصيرية التي تهم السوق، وتشكيل أرضية للتفاهم بقطع النظر عن الخلافات الدبلوماسية بين كارتل المستهلكين في قضايا أخرى، ولأجل هذا من المتوقع أن تصدر مواقف شبيهة للموقف الهندي من دول أخرى حتى لا يبدو الخلاف حول قرارا أوبك+ خلافا ثنائيا بين واشنطن والرياض.
وقال هارديب سينغ بوري على هامش مؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك 2022) إن قرار أوبك+ قرار “سيادي”. لكنه استطرد ليؤكد أن “عليهم أن يأخذوا في الحسبان ما يحدث في العالم، وما هو تأثير قراراتهم”.
ومضى قائلا إن الهند تعتمد على الواردات لتوفير 85 في المئة من احتياجاتها من النفط كما تستهلك البلاد نحو خمسة ملايين برميل من النفط يوميا، وهو ما يمثل خمسة في المئة تقريبا من الاستهلاك العالمي.
ويمكن أن تمثل تصريحات الوزير الهندي إشارة إلى كبار المنتجين لمراجعة موقفهم الذي أخذ في الاعتبار مصالح دول أوبك+ ولم يراع مصالح شركاء بارزين على مستويات متعددة مثلما يتعلق الأمر بالهند ودول الخليج.
وأولى مؤشرات التفهم جاءت من سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي الذي قال في المؤتمر نفسه إن مجموعة أوبك+ حريصة على تزويد العالم بإمدادات النفط التي يحتاجها ومستعدة لذلك، وإذا ما احتاج المستهلكون أكثر فالأمر لا يتطلب سوى اتصال هاتفي.
ويرى محللون أن تصريحات الوزير الإماراتي تظهر وجود استعداد لدى أوبك+ للحوار مع كارتل المستهلكين دون شروط مسبقة، وتوفير الكميات الكافية من الإنتاج بما يوفر التوازن في السوق، معتبرين أن هذا الموقف لا شك أنه قد تم بتنسيق مع السعودية التي قد تجد في الدعوة الهندية فرصة لحوار يمتص حالة التوتر مع واشنطن ويوفّر لها مدخلا لتعديل قرار أوبك+ وسحب البساط من تحت اللوبي المعادي للمملكة في الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة، الذي يريد تحميلها لوحدها مسؤولية الأزمة.
◘ إعلان الموقف الهندي، وإن كان بشكل مرن، يأتي ضمن سعي أميركي لدفع كبار المستهلكين للوقوف في وجه أوبك+
وقال المزروعي إن أوبك+ ستظل دائما منظمة فنية موثوقة لتحقيق التوازن بين العرض والطلب على النفط. وتجمع أوبك+ بين دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء من بينهم روسيا.
وأضاف أن الأمر لا يتطلب سوى اتصال هاتفي حال وجود متطلبات.
واتفقت مجموعة أوبك+ في أكتوبر على تخفيضات حادة في إنتاج النفط، مما يقلّص الإمدادات في سوق تعاني شحا بالفعل ويسبب أحد أكبر المصادمات مع الغرب، إذ وصفت الإدارة الأميركية القرار المفاجئ بأنه قصير النظر.
والتفّ منتجو أوبك+ حول السعودية بعد أن اتهمت الولايات المتحدة، حليفة الرياض لفترة طويلة، المملكة بأنها دفعت الدول الأعضاء في أوبك دفعا إلى خفض الإنتاج.
ويقول الأميركيون إن قرار تمديد اتفاق أوبك+ في جانب كبير منه قرار سياسي إن لم يكن كذلك بالكامل، في إشارة إلى تحالف السعودية مع روسيا، وهو ما من شأنه أن يحبط خيار العقوبات الغربية عليها بسبب حرب أوكرانيا، في المقابل ينفي المسؤولون في الدول المنتجة أن يكون القرار مسيسا، وأن أوبك+ تحالف تقني لن يتخذ قراراته بناء على توجهات.
ومن المتوقع أن تعقد أوبك+ اجتماعها المقبل في فيينا في الرابع من ديسمبر القادم، قبل يوم واحد من دخول اتفاق مجموعة الدول السبع للحد من مبيعات النفط الروسية عبر فرض حد أقصى للسعر حيز التنفيذ.
وفي تلك الأثناء، اجتمع وزراء الطاقة والرؤساء التنفيذيون لكبرى شركات النفط في أبوظبي لمناقشة الاستثمارات في النفط والغاز وأسواق الخام وأسعار الطاقة والنمو الاقتصادي في وقت تسبب فيه الغزو الروسي لأوكرانيا في هزة قوية لتجارة النفط العالمية.
وأشار مبعوث الطاقة الأميركي آموس هوكشتاين إلى أنه يجب تسعير الطاقة بطريقة تتيح النمو الاقتصادي، وإن قطاع النفط والغاز في حاجة إلى المزيد من الاستثمار.
وقال إن الاستثمارات من الولايات المتحدة ودول أخرى ليست كافية وشدد قائلا “علينا جميعا أن نستثمر ونبتكر أيا كان موقعنا في مشهد الطاقة”.
وفي كلمته خلال المؤتمر، أضاف هوكشتاين أن العلاقة بين الولايات المتحدة والإمارات “قوية وقديمة ودائمة”. وقال هوكشتاين، في تعليقات تعكس الخلاف بشأن سياسة النفط، للصحافيين “مسموح بالاختلاف. الأمر أقل درامية بكثير مما يعتقده الناس”.
وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان الاثنين إن المملكة والإمارات تعززان الإنتاج والتكرير وتعملان على مشروعات للهيدروجين النظيف.
العرب