فيلادلفيا (الولايات المتحدة) – يعتمد توازن القوى في مجلس الشيوخ على الأرجح على مقعد وحيد يتنافس عليه كل من الجرّاح المليونير محمد أوز المدعوم من الرئيس السابق دونالد ترامب، ورئيس البلدية السابق جون فيترمان الذي يوصف بـ”الأصلع ضخم البنية”.
وخلال الانتخابات النصفية المقررة في الثامن من نوفمبر الجاري، دُعي الأميركيون إلى تجديد كامل مقاعد مجلس النواب. وهناك سلسلة من المناصب على المحك لنواب منتخبين محليًا يقررون سياسة ولايتهم بشأن الإجهاض والقوانين البيئية.
الولايات المتحدة تشهد حاليا أسوأ تضخم منذ 40 عاما، وأدى ارتفاع الأسعار إلى إعاقة خطط الديمقراطيين
وتتجه الأضواء نحو بنسلفانيا التي يتنافس فيها الحزبان الأميركيان الديمقراطي والجمهوري وتستقبل الرئيسين السابقين ترامب وباراك أوباما إضافة إلى الرئيس جو بايدن بهدف تعبئة الناخبين قبل عملية الاقتراع التي تعتبر حاسمة في وضع أسس الانتخابات الرئاسية القادمة في العام 2024.
من جهته تجنّب الرئيس جو بايدن اعتلاء المنصّات ضمن الحملة لجمع تبرّعات لحزبه، إلا أنه هذه المرة يشارك في مهرجان كبير في بنسلفانيا، معقل الديمقراطية الأميركية، إلى جوار أوباما المعروف بمهاراته البلاغية أمام الحشود.
وبينما يسعى ترامب لتحقيق انتصار لهم، أمام بحر من القبعات الحمر في مدينة لاتروب الصغيرة القريبة من بيتسبرغ، يبدو الجمهوريون واثقين أكثر فأكثر بفرصهم في حرمان بايدن من أغلبيّته في الكونغرس، بعد حملة شرسة تمحورت حول التضخم. وإذا تأكّدت توقّعاتهم، فإن الملياردير الجمهوري سوف يستفيد من هذا الزخم ليقدم رسميًّا وفي أسرع وقت ترشحه للانتخابات الرئاسية، ربما اعتبارًا من الأسبوع الثالث من هذا الشهر.
ويقول بايدن حتى الآن إنه ينوي الترشّح، لكنّ هذا الاحتمال لا يُسعد بالضرورة جميع الديمقراطيين، بسبب تراجع شعبيّته وعمره نظرًا إلى أنه يقترب من الثمانين. وسيحاول بكل ما في وسعه إقناع الأميركيين بأن هذه الانتخابات هي “خيار” بشأن مستقبل الإجهاض وزواج المثليين، ومواضيع كثيرة وعد بتشريعها من خلال أغلبية متينة في الكونغرس.
وشكل الحقّ في الإجهاض الذي نسفته المحكمة الأميركية العليا في يونيو الماضي موضوعًا محوريًا في السابق في بنسلفانيا. وقدّمت منظمة “بلاند بارنتهود” للتخطيط العائلي مرات عدة دعمها للديمقراطي جون فيترمان خلال الحملة.
إلا أنّ ارتفاع الأسعار، بمعدّل 8.2 في المئة على أساس سنوي في الولايات المتحدة، لا يزال مصدر القلق الرئيسي بالنسبة إلى الأميركيين وجهود بايدن لإظهار نفسه بأنه “رئيس الطبقة الوسطى” لا تؤتي ثمارها حاليًا.
ويقول أوز الذي قام بحملة تركّزت على إدارة التضخّم الذي اعتبره “خارجا عن السيطرة” إن “الديمقراطيين قلقون”. وسبق وأن أكد في رسالة وجهها إلى مناصريه أن “اليسار الراديكالي يدرك أن الدينامية لصالح الجمهوريين”.
فيما شدد بايدن على أن الديمقراطيين سيفوزون في انتخابات التجديد النصفي الأسبوع المقبل، لكنه حذّر من صعوبة العامين المقبلين إذا صحت توقعات استطلاعات الرأي التي تؤشر حتى الآن إلى فوز محتمل للجمهوريين، على الرغم من تفاؤله بانتصار حزبه. وقال أمام حشد في شيكاغو “أنا لا أعتقد مطلقا أننا في ورطة. أعتقد أننا سنفوز حقا”.
ويقول بايدن “إذا خسرنا الكونغرس ومجلس الشيوخ، فسيكون أمامنا عامان مروّعان” في تحذير رسم صورة قاتمة في حال انتصر الجمهوريون، لكنه بشّر أنصاره بالقول “النبأ السار هو أنني سأمتلك حق الفيتو”، الذي يتيح للرئيس عرقلة أي تشريعات جمهورية مستقبلية، مشدّداً على أن “الديمقراطية على المحك حقا”.
وفي وقت سابق من يوم الجمعة دافع بايدن عن إنجازاته الاقتصادية، في محاولة لتجنب هزيمة محتملة للديمقراطيين. وقال خلال جولة له في سان دييغو في كاليفورنيا “أحرزنا تقدما كبيرا خلال الأشهر العشرين الماضية لتقوية الاقتصاد، وبرأيي علينا فقط أن نُواصل ذلك”.
يذكر أن الولايات المتحدة تشهد حاليا أسوأ تضخم منذ 40 عاما، وأدى ارتفاع الأسعار إلى إعاقة خطط الديمقراطيين الذين يحاولون الحفاظ على غالبيتهم. غير أن بايدن وعد بـ”خفض” التضخم، والتركيز على الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها إدارته، ولاسيما في أشباه الموصلات والمناخ.
ارتفاع الأسعار لا يزال مصدر القلق الرئيسي بالنسبة إلى الأميركيين وجهود بايدن لإظهار نفسه بأنه رئيس الطبقة الوسطى
ولا تزال الولايات المتحدة، كما يقول بايدن، تحتفظ بـ”نقاط قوة”. ففي سوق الشغل على سبيل المثال، تم توفير 261 ألف فرصة عمل في أكتوبر الماضي، رغم ارتفاع أسعار الفائدة الذي يثير مخاوف من حدوث ركود.
أما ترامب فقد أثار كعادته حماس أنصاره خلال اجتماع في ولاية أيوا، حين أعلن أنه من المرجّح أن يترشّح للانتخابات، مخاطباً إياهم بالقول “استعدوا، هذا كل ما يمكنني قوله. سوف نستعيد أميركا، والأهم من ذلك، في العام 2024 سوف نستعيد بيتنا الأبيض الرائع”.
وستحدد هذه الانتخابات من يسيطر على مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، وهو سيكون الحزب المتحكّم بالبرنامج السياسي للولايات المتحدة في العامين المقبلين، فحزب الأغلبية هو المعني بتحديد من الذي يقود اللجان المهمة في الكونغرس، وحتى لو امتلك بايدن الفيتو كما يقول، فإن قدرته على إنجاز برنامجه ستكون مقيدة هي الأخرى في حال انتصر الجمهوريون.
وسوف تشهد العديد من الولايات تنظيم انتخابات وانتخابات محلية في يوم الانتخابات النصفية نفسه، وتشمل انتخاب حاكم الولاية أو المجلس التشريعي لها، بالإضافة إلى اختيار رؤساء البلديات والقضاة والمسؤولين المحليين.
العرب