لندن- لا تهمّ انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركيين وحدهم، بل تتابعها دول تتأثر مصالحها إيجابا أو سلبا بسيطرة الجمهوريين أو الديمقراطيين.
وبينما تتزايد التكهنات بشأن فوز الجمهوريين، يفكر محللون في انعكاسات ذلك على جملة من الملفات، في مقدمتها الحرب الروسية – الأوكرانية وملف إيران النووي وعلاقة الولايات المتحدة مع الصين ودول الخليج وخاصة السعودية.
ورغم أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان طمأن أوكرانيا، خلال زيارة إلى كييف الجمعة، على مواصلة الولايات المتحدة دعمها العسكري لأوكرانيا بعد الانتخابات، يعتقد مراقبون أن الأوكرانيين قلقون وسيراقبون المعركة الانتخابية عن كثب.
وقالت الكاتبة في مجلة “فورين بوليسي” إيمي ماكينون إن “انتخابات التجديد النصفي للكونغرس ستُراقب عن كثب في كييف وفي موسكو أيضا”.
وأضافت في مقابلة مع عدد من الكتاب نشرتها المجلة “لاحظت من التحدث إلى الأوكرانيين أنهم يشعرون بأن الدعم هنا في العاصمة هو إلى حد كبير من الحزبين، وهناك قدر كبير من الثقة في أن المساعدة العسكرية التي حصلوا عليها حتى الآن ستستمر. لكن مسألة المساعدات العسكرية الأميركية المقدمة إلى أوكرانيا هي مسألة وجودية إلى حد كبير؛ ذلك أن الولايات المتحدة هي أكبر مانح عسكري لكييف على المدى الطويل. لا توجد دولة أخرى يمكنها تعويض النقص إذا تراجعت الولايات المتحدة. بالنظر إلى هذا الحجم أعتقد أنهم سيراقبون الانتخابات النصفية عن كثب”.
وقال جيك سوليفان “إن الدعم الأميركي لأوكرانيا سيظل ثابتا وقويا بعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس يوم الثلاثاء”.
وجاءت تطمينات سوليفان على خلفية تصاعد دعوات من بعض الجمهوريين تنادي بتقليص المساعدات الأميركية الموجهة إلى كييف إذا نجحوا في السيطرة على الكونغرس.
وقال كيفين مكارثي، العضو الجمهوري البارز في مجلس النواب، “يجب على الأميركيين ألا يقدموا إلى أوكرانيا شيكا على بياض”.
وتتصدر الولايات المتحدة الدول الغربية من حيث حجم الأموال والأسلحة التي تم تقديمها إلى أوكرانيا منذ بداية الحرب في فبراير الماضي، إذ بلغ حجم هذه المساعدات 13.6 مليار دولار، منها ما هو عسكري ومنها ما هو إنساني.
وتوترت علاقة الولايات المتحدة بالإمارات والسعودية منذ وصول جو بايدن إلى السلطة لعدة أسباب من بينها تعليق صفقة شراء مقاتلات أف – 35 مع أبوظبي وتجاهل واشنطن للهجمات الحوثية على السعودية والإمارات.
وزادت حدة التوتر بعد رفض أوبك+ زيادة إنتاج النفط والحياد الخليجي بشأن الحرب الروسية – الأوكرانية، لكن التوتر بلغ ذروته عندما قرر تحالف أوبك+ بقيادة السعودية خفض إنتاج النفط، ما دفع واشنطن إلى التلويح بفرض عقوبات على الرياض.
واستبعد الكاتب في مجلة “فوريين بوليسي” جاك ديتش تحسّن العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة، سواء فاز الجمهوريون أو الديمقراطيون.
وأوضح قائلا “أعتقد أنه من الآمن القول إنك لن ترى مصافحة أخرى بين بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان”.
واستدل ديتش بالضغط الذي مارسه الجمهوريون والديمقراطيون على إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب لوقف دعم التحالف العربي في اليمن.
وتوقع أن يستمر الضغط الأميركي بخصوص ملف حقوق الإنسان في السعودية، وهو ما سيؤثر على سعي الولايات المتحدة لاستكمال مسار التطبيع بين الرياض وتل أبيب.
وأضاف “بالطبع، يبدو منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك قائدا لأمور مثل اتفاقيات أبراهام، التي كانت دائما موضع جدل داخل إدارة بايدن. لكنهم أرادوا حقا دفع هذا التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. هذا أصعب بكثير الآن، حتى عندما يتولى الأمير محمد بن سلمان السلطة كملك. لذلك سيكون هذا مؤلما لإدارة بايدن”.
أما بالنسبة إلى العلاقة مع إيران فيعتقد محللون أن سيطرة الجمهوريين على السلطة ستعيق التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني الذي يبدو أن المحادثات بشأنه قد فشلت بسبب انخراط طهران في دعم موسكو خلال الحرب الروسية – الأوكرانية.
ويقول الكاتب في مجلة “فورين بوليسي” روبي غرامر “الاتفاق النووي في هذه المرحلة ميت قبل ولادته من جديد. قال كبير مبعوثي بايدن لإيران قبل يومين فقط إننا لن نضيع وقتنا في الاتفاق النووي في هذه المرحلة. أعتقد أن الجمهوريين سيستخدمون إيران دائما كنقطة حوار لضرب بايدن، قائلين إنه متساهل جدا معها. لكن من المثير للاهتمام أن إيران وضعت نفسها في زاوية مع جزء آخر من إدارة بايدن الآن في أوروبا، وهي تثير حفيظة كل صقور روسيا”.
وأضاف “تعتمد روسيا بشكل متزايد على الطائرات دون طيار والذخائر الإيرانية في جهودها الحربية المتعثرة في أوكرانيا. وأعتقد أن هذا يغير حقا حسابات إدارة بايدن بشأن مدى استعدادها للتنازل في المفاوضات المتعلقة بالاتفاق النووي. هذا بالإضافة إلى الاحتجاجات الحاشدة وواسعة النطاق والتي تجري في إيران الآن ضد القمع الوحشي الذي يمارسه النظام ضد حقوق المرأة”.
العرب