يقوم وفد من حكومة إقليم كردستان الثلاثاء بزيارة إلى بغداد للقاء رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لبحث الملفات العالقة بين الإقليم والسلطة المركزية، مع بروز إشكاليات إضافية على صعيد العلاقة بين الجانبين، على غرار عمليات تغيير ديموغرافي تجري بوتيرة متسارعة في مناطق متنازع عليها في محافظة ديالى شرق العاصمة بغداد.
ويقول مسؤولون أكراد إن الوفد الذي يزور بغداد سيحرص على إثارة قضية المناطق المتنازع عنها ولاسيما قضاء خانقين، والتي باتت مصدر قلق واسع بالنسبة إلى السلطات في الإقليم لما يجري من عمليات حثيثة لتهجير المكون الكردي وإحلال أسر عربية فيها.
وكشف مسؤول قسم التنظيمات في المركز الخامس عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني في ديالى شيركو توفيق الاثنين أن 52 قرية كردية، منها 36 في قضاء خانقين والبقية موزعة في نواحي السعدية وجلولاء وقره تبه، أفرغت من الأكراد وحلت محلها أسر عربية وافدة من مناطق ومحافظات أخرى ضمن مخططات ديموغرافية منظمة.
52
قرية كردية، منها 36 في قضاء خانقين والبقية موزعة في نواح أخرى، أفرغت من الأكراد
وأكد توفيق، في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن أكثر من 12 ألف أسرة كردية نزحت من المناطق المتنازع عليها في ديالى منذ العام 2014 وحتى الآن.
وبدأت عمليات تغيير ديموغرافي في مناطق ديالى المتنازع عليها منذ اجتياح تنظيم داعش لأجزاء واسعة في العراق، وشهدت هذه العمليات تسارعا في العام 2017، عقب الاستفتاء الذي جرى في الإقليم بشأن الاستقلال.
واستمرت العمليات بذات الوتيرة المتسارعة خلال العامين الماضيين، ما دفع أحزابا كردية إلى التلويح بالتحرك العسكري لوقف ما تعتبره اعتداء على المكون الكردي في ديالى، ومحاولة إجبار القوات الكردية على الانسحاب من خانقين.
وهدد رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني محمد الحاج محمود الشهر الماضي بتدخل مسلح في قضاء خانقين، فيما طالب حكومة إقليم كردستان بالسماح لقوات حزبه بالتحرك صوب القضاء المتنازع عليه بين إربيل وبغداد وذلك بعد مطالبة قيادة عمليات ديالى القوات الكردية المتواجدة هناك بالانسحاب إلى خارج القضاء.
وقال الحاج محمود الذي يُعرف لدى الأوساط الكردستانية بـ”كاكه حمه”، في بيان “إذا كان لدى حكومة الإقليم التزام، ولا يمكنها استخدام القوة، نطلب منهم السماح لقوات الحزب الاشتراكي بالوصول إلى خانقين في غضون ساعات”.
وذكر توفيق أن عمليات التعريب سلبت أكثر من 2500 دونم من الأراضي الزراعية للأكراد في أطراف خانقين حيث استولت عليها قوميات أخرى، منتقدا تمويع واندثار لجنة نزاعات الملكية في خانقين والتي دامت لعامين فقط بعد عام 2003 ونقلت إلى بغداد واختفت تماما رغم وجود أكثر من 17 ألف دعوة نزاعات ملكية في خانقين وتوابعها لم تحسم بعد وتتطلب جهودا وإجراءات معقدة.
واعتبر المسؤول السياسي في الحزب الديمقراطي الكردستاني أن “الأكراد ضحية ضائعة بين بطش الإرهاب والمشاكل الطائفية والخدمية في المناطق المتنازع عليها بديالى رغم النداءات والاستغاثات والمطالب المستمرة لمعالجة مشاكلهم وضمان حقوقهم المسلوبة وأبرزها تجريدهم من المسؤوليات الأمنية والإدارية في ديالى باستثناء منصب قائم مقام خانقين ‘الرمزي’”.
وكشف أن القوى الكردية قدمت لحكومة رئيس الوزراء الجديد السوداني مطالب وخارطة طريق لإنهاء مشاكل المناطق المتنازع عليها في ديالى تتضمن عودة قوات البيشمركة لتولي حماية المناطق بالاشتراك مع قوات الجيش وإخراج الحشد من المدن المشمولة بالمادة 140 وتسليم الملف الأمني الداخلي للشرطة المحلية.
ومن أبرز المطالب عودة المقار الحزبية والسياسية للأكراد في عموم الوحدات الإدارية المشمولة بالمادة 140 لتحقيق ما سماها توفيق بـ”شراكة حقيقية منصفة للمكون الكردي الذي يعمل جاهدا لحماية وحدة العراق والحفاظ على حقوق واستحقاقات جميع المكونات”.
وكان مصدر حكومي رفيع في خانقين حذر في وقت سابق من استمرار ما وصفه بـ”مخطط التعريب الديموغرافي في خانقين”، مشيرا إلى أن “المئات من الأسر العربية نقلت نفوسها من قرى خانقين إلى مركز المدينة”.
وقال المصدر الذي لم يكشف اسمه لدواع أمنية إن “500 عائلة نقلت سجلات نفوسها من القرى والأطراف إلى مركز خانقين منذ عام 2021، من خلال استمارة إلكترونية، وبموافقة وزير الداخلية العراقي”.
وأوضح المصدر لوكالة شفق نيوز العراقية أن “4280 عائلة كردية كانت تسكن في أكثر من 20 قرية بأطراف خانقين، تركت قراها، فيما حل محلها العرب المستقدمون، الذين رحلوا بعد سقوط النظام السابق وعادوا مرة أخرى إلى خانقين للاستيلاء على أراضي الأكراد”.
واعتبر أن استمرار عملية التعريب يحمل نتائج مستقبلية وخيمة تستهدف هوية خانقين وتركيبها السكاني.
ويستند الأكراد في مطالبتهم بوقف ما يعتبرونه استهداف للمكون الكردي في خانقين على المادة 140 من الدستور العراقي التي تنص على إزالة سياسات التغيير الديموغرافي التي قام بها نظام الرئيس الراحل صدام حسين في المناطق المتنازع عليها لصالح العرب على حساب الأكراد، ومن ثم إحصاء عدد السكان قبل الخطوة الأخيرة التي تتمثل في إجراء استفتاء يحدد السكان بموجبه فيما إذا كانوا يرغبون بالانضمام لإقليم أكرادستان أو البقاء تحت إدارة بغداد.
وكان من المقرر الانتهاء من مراحل تنفيذ المادة حتى نهاية 2007، لكن المشكلات الأمنية والسياسية حالت دون ذلك. وقضت المحكمة الاتحادية العليا في عام 2019 ببقاء سريان المادة 140 من دستور جمهورية العراق، مؤكدة أن ذلك يستمر لحين تنفيذ مستلزماتها وتحقيق الهدف من تشريعها.
صحيفة العرب