شرم الشيخ (مصر) – لم يكتف المدافعون عن المناخ بالتنديد بالممارسات المضرة بالتركيبة الحيوانية والكائنات الحية بل تعدّوها إلى التنديد بالطائرات الخاصة القادمة إلى مؤتمر المناخ المنعقد في شرم الشيخ المصرية، معتبرين أن العدد الكبير من الطائرات الخاصة واستخدامها خلال المؤتمر وخارجه من شأنه مفاقمة الأزمات البيئية.
وانتقدت منشورات كثيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي موفدين لاستخدامهم طائرات خاصة للوصول إلى شرم الشيخ للمشاركة في مؤتمر الأطراف حول المناخ في أحدث انتقاد لـ”كوب 27″ الذي تنظمه الأمم المتحدة في مصر.
وتضمنت منشورات وتقارير تقديرات مختلفة لعدد هذه الطائرات التي تقل موفدين إلى اللقاء المقام في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر.
وفي اليوم السابق لبدء المؤتمر، أوقف مئات من الناشطين البيئيين الطائرات الخاصة التي تغادر مطار سخيبول في أمستردام من خلال الجلوس أمام عجلاتها والتجول في المدرج على الدراجات.
وقالت مجموعة العمل المناخي ضد المعلومات المضللة التي تحلل الميول في الأخبار الكاذبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي في تقرير الخميس إن الكلام عن “نفاق ونخبوية” مزعومين كان من بين مواضيع التركيز الرئيسية في رسائل المشككين في الأزمة المناخية خلال “كوب 27”.
وأكدت مصادر رسمية ادعاءات واسعة الانتشار تفيد بأن حوالي 400 طائرة خاصة حطت خلال “كوب 27”. وذكرت بعض وسائل الإعلام أرقاما أقل من جانب أطراف تتعقب حركة الطيران، إلا أن ثمة رحلات خاصة لم تدرجها أجهزة المراقبة الجوية.
وجاء في منشور مضلل بالإسبانية أن 1500 طائرة خاصة حطت في شرم الشيخ. وأرفق بصورة قديمة لطائرات خلال منتدى للطيران في لاس فيغاس.
وقال مصدر مصري مقرب من سلطات الطيران طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس الخميس “حطت أكثر من 400 طائرة خاصة في الأيام القليلة الماضية في مصر”.
وأضاف “كان هناك اجتماع قبل ‘كوب 27’ توقع خلاله مسؤولون مجيء هذه الطائرات واتخذوا بعض التدابير في مطار شرم الشيخ لاستقبالها”.
وفي السادس من نوفمبر قال أحمد موسى وهو مقدم برنامج حواري مقرب من السلطة “استقبل مطار شرم الشيخ أكثر من 300 طائرة خاصة. تم تأهيل ممر إضافي يستقبل الرحلات المختلفة”.
وليست هذه الانتقادات الأولى للاستخدام المكثّف للطائرات، بل سجلت انتقادات كثيرة أيضا لاستخدام الطائرات الخاصة خلال “كوب 26” السابق في غلاسغو في نوفمبر 2021. وجاء في تقديرات أوردتها وسائل الإعلام حول عدد الطائرات الخاصة المستخدمة في ذلك الحدث أنه تراوح بين أقل من 200 و400 تقريبا.
وتحققت وكالة فرانس برس من صحة منشورات في تلك الفترة بلغات عدة تضمنت صورة طائرات رابضة على مدرج مدعية أنها استخدمت من جانب القادة في “كوب 26”. إلا أن التفتيش عن الصورة عبر محركات البحث أظهر أن الصورة ملتقطة قبل سنوات وهي لطائرات في مطار في نيو أورلينز في الولايات المتحدة.
من جانب آخر، لم يقتصر انتقاد المندوبين المشاركين في “كوب 27” على ناشري الأخبار الكاذبة. ففي الخامس من نوفمبر احتل مئات من ناشطي المناخ بعضهم على دراجات هوائية باحة مخصصة للطائرات الخاصة في مطار سخيبول في أمستردام مطالبين بمنع مثل هذه الطائرات. ونظمت الحركة الاحتجاجية منظمتا غرينبيس وإكستنشن ريبيليون المدافعتان عن البيئة.
وتقول إحصائيات إن الطائرات الخاصة تسهم في التغيرات المناخية حيث ينتج الركاب في طائرات خاصة انبعاثات مسببة للاحترار المناخي للفرد أكثر من ركاب الرحلات التجارية.
وتنتج الرحلات الجوية غازات الدفيئة – بخاصة ثاني أكسيد الكربون – من حرق الوقود. وتساهم هذه الغازات في ظاهرة الاحتباس الحراري. وتعد الانبعاثات لكلّ كيلومتر تجتازه الطائرة أسوأ بكثير من أي شكل آخر من وسائل النقل. ويختلف ذلك اختلافاً كبيراً اعتماداً على حجم الطائرة، ومدى كفاءة محركاتها، وعدد الركاب على متنها، لكن الطائرات الخاصة تنتج عموماً انبعاثات أكثر بكثير لكلّ راكب من الرحلات الجوية التجارية.
وهناك العديد من النماذج المختلفة للطائرات الخاصة، لكن المواقع المخصصة لرصد حركة الطيران تفيد بأن الطائرات التي كانت تتجه في أغلب الأحيان إلى مصر قبل قمة المناخ هي غلفستريم جي 650 والتي تستخدم حوالي 500 غالون (1893 لتر) من الوقود في الساعة.
الركاب في طائرات خاصة ينتجون انبعاثات مسببة للاحترار المناخي للفرد أكثر من ركاب الرحلات التجارية
وتفيد الحملة الأوروبية للنقل النظيف بأن انبعاثات الطائرات الخاصة قد تصل إلى طنين من ثاني أكسيد الكربون في الساعة وهي أكثر تلويثا بين خمس مرات و14 مرة للفرد من طائرة تجارية.
وتشير أداة إلكترونية لاحتساب الانبعاثات وفرتها المنظمة الدولية للطيران المدني إلى أن طائرة ركاب تجارية تتسبب بنصف طن من ثاني أكسيد الكربون بالإجمال خلال رحلة من لندن إلى شرم الشيخ.
وثمة أكثر من 33 ألف شخص مسجلين للمشاركة في “كوب 27” حيث يجري المندوبون مفاوضات لتوفير مساعدات للدول النامية لإضفاء طابع أكثر مراعاة للبيئة على اقتصاداتها وتحسين مقاومتها لتداعيات الاحترار المناخي.
ويقول علماء إن التغير المناخي الناجم عن استهلاك البشر للوقود الأحفوري يفاقم الكوارث المدمرة والقاتلة ومنها الفيضانات وموجات الحر والجفاف التي يرجح أن تزداد وتتفاقم آثارها المدمرة في العقود المقبلة في حال لم تخفض الانبعاثات.
وليس أمام البشرية من حل للحد من آثار التغيرات المناخية وضمان استدامة العيش إلا اتباع توجيهات الخبراء والمختصين ووفاء الحكومات بوعودها وتعهداتها للتقليل من الانبعاثات الكربونية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في افتتاح المؤتمر إن “البشرية أمام خيارين؛ إما التعاون وإما الهلاك”.
العرب