تصاعدت حدة الخلافات مجددا بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية والنظام الإيراني بعد مشروع قرار اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا وبريطانيا يوم 15تشرين الثاني 2022 وتقدمت به إلى محافظي الوكالة يدين عدم تعاون طهران مع الهيئة الأمنية بخصوص تقديم الأدلة وإزالة الشكوك والسماح لمفتشي الوكالة الدولية بزيارة ثلاث منشآت تقع حول مدينة طهران غير معلن عنها استخدمت من قبل إيران في أنشطة داعمة لبرنامجها النووي ، واعتبر محمد سلامي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن هذا المشروع ذات أبعاد وأعراض سياسية ولا يساعد على البدأ بحوار قادم لحلحلة المواضيع المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني مؤكدا عدم وجود أي بوادر لزيارة ميدانية قادمة لمفتشي الوكالة وان اعتماد سياسة الضغوط القصوى والترويح للأتهامات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية هو من طبيعة مدمني العقوبات .
تعود أوليات هذا الخلاف الى البيان الذي صدر من قبل محافظي الوكالة الدولية في منتصف هذا العام وبعده في شهر أيلول الفائت وفيه ادين النظام الإيراني لعدم السماح بتفتيش ثلاث مواقع تستخدم لتحصيل اليورانيوم وزيادة الكميات المخزونه منه وهذا ما اعتبره خروجا على اتفاقية العمل المشترك الموقعة في أب 2015 .
سبق للمفاوض الإيراني ان طلب في جلسات الحوار التي عقدت في العاصمة النمساوية فيينا ضرورة إيقاف التحقيقات التي تجريها الوكالة الذرية حول تطور البرنامج النووي الإيراني وهذا ما يرى فيه المفاوضون الأوربيين والأمريكان مجالا واسعا ليجعل إيران تحتفظ بكل التقنيات الحديثة والتكنلوجيا العلمية التي توصلت إليها والخبرات الميدانية لعلمائها والتي تعتبرها ثروة قومية وهذا ما تخشاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بسعي النظام الإيراني لامتلاك السلاح النووي ودعم قول المرشد الأعلى علي خامنئي الذي يؤكد أن امتلاك القوة يجعل من بلاده ذات تأثير إقليمي ودعم لسياسة بلاده في منطقة الشرق الأوسط والمشرق العربي ، وكذلك الإدارة الأمريكية التي تعمل على تقويض هذه المحاولات الإيرانية والتغلب على سياسية التعنت والتسويف وإظهار القوة التي دائما ما يتمسك بها أعضاء الوفد الإيراني المفاوض ومنع أي تطور ميداني في زيادة تخصيب اليورانيوم والحفاظ على مصالحها واهدافها في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي وتحاشي زيادة حالة التوتر والخوف خاصة في مسألة سباق التسلح النووي بعد الإشارة التي وردت من الرياض ورغبتها في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية بالتعاون مع الحكومة الصينية وروسيا الاتحادية، ويمكن اعتبار الإجراءات والشروط الإيرانية بمنع مفتشي الوكالة الدولية من القيام بمهامهم رسالة واضحة من طهران وتهديد مبطن للإدارة الأمريكية وحلفائها في المنطقة بانها لديها القدرة على الوصول للعتبة النووية والتهئ التعامل معها كقوة نووية إقليمية.
يمتلك النظام الإيراني سياسية واقعية ثابتة تتميز بالاستمرار في إتمام المفاوضات لتحقيق الغاية في رفع العقوبات الاقتصادية وعن الأموال المجمدة والبدأ بتصدير النفط والغاز وإعادة مكانته وتأثيره في السوق العالمية وهو يدرك الآن حاجة المجتمع الدولي وخاصة الأوربيين للطاقة بعد النتائج التي افرزتها المواجهة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا إذ إن أي رفع لهذه العقوبات سيتيح للنظام رفع صادرات النفط الإيرانية من (881) الف برميل نفط يوميا إلى(2,5) مليون برميل نفط يوميا وهذا سيحقق له عائدات مالية كبيرة تساعده على التغلب على الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتحسين الحالة المعاشية للايرانيين ومعالجة نسب التضخم والبطالة ومواجهة ظاهرتي الفقر والجوع والحالات الأخرى التي تعصف بالمجتمع الإيراني خاصة مع استمرار التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي مضى عليها أكثر من شهرين وهي في اتساع دائم وأصبحت تحتوي جميع ابناء المجتمع على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم وطوائفهم وسعيها للتغيير والإصلاح .
كما وان الأهداف الأمريكية محددة وفق المعايير والمصالح القومية للإدارة الأمريكية لتقويض القدرات الايرانية النووية واستمرار المفاوضات غير المباشرة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية لدعم سياسية الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد الانتخابات التصفية التي جرت قبل أيام ، وتبقى المصالح المشتركة والأهداف السياسية قائمة لجميع أطراف الحوار سعيا منهم لتحقيق غايتهم واهدافهم الإستراتيجية وتضمين أي اتفاق قادم سياسية تحديثية جديدة وتوجهات ميدانية كبيرة تتلائم وتطور الأحداث في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي والمحيط الهادئ والهندي.
وحدة الدراسات الايرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية