نددت حكومة إقليم كردستان العراق، بالقصف الإيراني الجديد الذي طاول فجر الاثنين مناطق شمال أربيل وشرق السليمانية خلّف قتيلا واحدا على الأقل ونحو 8 جرحى، مطالبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بـ”موقف واضح وصريح من الاعتداءات الإيرانية المتكررة على الإقليم.
ويأتي القصف الإيراني الجديد والرابع من نوعه في أقل من شهرين بعد يوم واحد من إنهاء زعيم فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني زيارة له إلى بغداد واستمرت عدة أيام التقى فيها بالمسؤولين العراقيين وقادة أحزاب وفصائل مسلحة، وبحث فيها موضوع الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة الموجودة شمالي العراق ضمن إقليم كردستان، مطالبا بإخراجها وتفكيك تجمعاتها، وفي حال لم تنفذ بغداد ذلك سيكون هناك اجتياح بري.
وقال بيان لحكومة الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه مستقل عن بغداد منذ إقرار الدستور الجديد عقب الغزو الأميركي للبلاد عام 2003 “ندين بأشد العبارات الهجوم الذي شنته الجمهورية الإسلامية الإيرانية الليلة الماضية على إقليم كردستان.
وأضاف أن الانتهاكات الإيرانية المتكررة التي تمس سيادة العراق وإقليم كردستان العراق غير مبررة، وتشكل انتهاكاً صارخاً للأعراف الدولية وعلاقات حسن الجوار”.
ودعا البيان إيران إلى وقف هذه الحملة ضد إقليم كردستان، كما طالب الحكومة الاتحادية العراقية والأمم المتحدة والمجتمع الدولي باتخاذ موقف واضح وصريح تجاه الاعتداءات الإيرانية المستمرة، مؤكدًا أن الاستقرار لن يتحقق من خلال العنف على الإطلاق.
وشنّت إيران ليل الأحد الاثنين ضربات جديدة استهدفت فصائل معارضة كرديّة إيرانيّة متمركزة في كردستان العراق أدت لمقتل أحد عناصرها، بعد أقلّ من أسبوع على ضربات مماثلة استهدفت هذه الفصائل التي تتهمها طهران بإثارة التظاهرات التي تشهدها الجمهورية الإسلامية.
وتأتي هذه الهجمات وسط صمت السلطات العراقية التي لم تصدر إلى حد اللحظة أي بيان يظهر رفضها للاعتداءات الإيرانية والتركية على العراق، وهو أمر مثير للاستغراب، لاسيما وأن الولايات المتحدة قد دانت تلك الهجمات العشوائية.
وأعربت القيادة العسكرية الأميركية للشرق الأوسط “سينتكوم”، في بيان الاثنين، عن إدانتها للضربات الإيرانية بالصواريخ والطائرات المسيّرة قرب أربيل.
واعتبرت أنّ “هجمات عشوائيّة وغير قانونيّة كهذه تعرّض المدنيين للخطر وتنتهك السيادة العراقية، وتقوّض أمن العراق والشرق الأوسط واستقرارهما”.
كما دعت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، الاثنين، إلى وقف جميع الهجمات المتكررة من الجانب الإيراني.
وقالت في بيان إنه “يجب أن تتوقف الهجمات المتكررة التي تنتهك السيادة العراقية. مثل هذا العدوان لا يزيد التوترات على نحو طائشٍ فحسب، بل يتسبب أيضاً في وقوع مأساة. أياً كانت الحسابات الخارجية التي تسعى دولةٌ مجاورةٌ إلى تسويتها، فإن استخدام الأدوات الدبلوماسية المعمول بها هو السبيل الوحيد للمضي قدماً.
وتعرضت مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني – الإيراني، في كويسنجق وجزنيكان التابعة للحركة في أربيل، ومقرات جمعية الكادحين الثورية في زركويز بالسليمانية، الليلة الماضية وفجر الاثنين إلى هجمات بالصواريخ والمسيّرات.
وقالت أجهزة مكافحة الإرهاب في كردستان العراق إنّ “الحرس الثوري الإيراني استهدف مجدّدا أحزابا كرديّة إيرانيّة”، من دون أن تعطي أيّ حصيلة للخسائر البشريّة من جرّاء هذه الضربات التي شُنّت عند حوالي منتصف الليل.
لكن وزير الصحة بإقليم كردستان سامان البرزنجي أكد في تصريح لوكالة الأنباء العراقية “واع” أن “حصيلة القصف الصاروخي الإيراني على قضاء كوية في أربيل، أدى إلى استشهاد شخص وإصابة 8 آخرين”.
وأضاف أن “الوزارة على خط المتابعة، من أجل إرسال تعزيزات بسيارات الإسعاف”، متوقعا “ارتفاع حصيلة الشهداء والجرحى”.
وفي الرابع عشر من نوفمبر، خلّف قصف صاروخي وضربات شنّتها إيران بطائرات بلا طيّار ضد جماعات المعارضة الكرديّة – الإيرانيّة قتيلا وثمانية جرحى في كردستان العراق. ووقعت ضربات مماثلة في الثامن والعشرين من سبتمبر.
وأكّد الحزب الديمقراطي الكردستاني – الإيراني وتنظيم “كومله” القومي الكردي – الإيراني أنّ الضربات استهدفت منشآتهما في هذه المنطقة بشمال العراق.
وأفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية قبل فجر الاثنين بـ”تعرّض مقار ثلاثة أحزاب إيرانية معارضة داخل إقليم كردستان لقصف بالصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية”.
وأكّد الحزب الديمقراطي الكردستاني – الإيراني على تويتر الاثنين أنّه استُهدِف في موقعين قرب أربيل، عاصمة إقليم كردستان، بـ”قصف صاروخي وطائرات انتحارية بلا طيار”.
وقال أقدم حزب كردي في إيران تأسس في العام 1945 إنّ “هذه الهجمات العشوائيّة تأتي في وقت يعجز النظام الإيراني الإرهابي عن وقف التظاهرات الجارية في كردستان”. ونشر على حسابه في تويتر مقاطع فيديو تظهر كرات نار تتصاعد في السماء ليلا.
وتتّهم الحكومة الإيرانية هذه الجماعات المعارضة بإثارة الاضطرابات التي تشهدها إيران منذ السادس عشر من سبتمبر، إثر وفاة مهسا أميني بعد توقيفها بأيدي شرطة الأخلاق.
وكان عدد من كبار المسؤولين الإيرانيين قد وجّهوا تحذيرات في هذا الشأن إلى السلطات في بغداد وأربيل، مطالبين إيّاها بتحييد هذه الجماعات المعارضة.
وكانت هذه الفصائل الكردية – الإيرانية تمركزت في العراق منذ ثمانينات القرن المنقضي، وتصفها طهران بأنّها “إرهابية” وتتهمها بشنّ هجمات على الأراضي الإيرانية.
لكنّ هذه المجموعات التي قادت تمرّدا مسلّحا لفترة طويلة، يقول خبراء إنّها أوقفت تقريبا أنشطتها العسكرية.
وأكّد تنظيم “كومله” على تويتر أنّه كان هدفا للضربات، لكنّه أكّد عدم تسجيل خسائر في صفوفه.
وسبق للحرس الثوري الإيراني أن أعلن أنّه سيواصل شنّ هجمات ضدّ الفصائل المعارضة الموجودة في إقليم كردستان.
وقال المحلّل السياسي العراقي الكندي حمزة حدّاد على تويتر إنّ “أيّا تكن نيّة طهران لاستهداف كردستان العراق، فإنّه لمن الفشل لكلّ من بغداد وأربيل أن تسمحا بأن تكون أرضهما عرضة لهجمات أجنبيّة”.
وكانت أنقرة أعلنت صباح الأحد أنّها شنّت عملية عسكرية جوية ضدّ المقاتلين الأكراد في سوريا والعراق، أسفرت عن مقتل نحو 30 شخصا، بعد أسبوع على اعتداء دام في إسطنبول اتّهمت كلا من حزب العمّال الكردستاني والقوّات الكردية في سوريا بالوقوف خلفه.
صحيفة العرب