بعد 11 سنة من الحرب: النظام السوري لم يغير تعامله مع الاحتجاجات

بعد 11 سنة من الحرب: النظام السوري لم يغير تعامله مع الاحتجاجات

دمشق- فقد النظام السوري هدوءه إزاء الاحتجاجات المتقطعة في مدينة السويداء منذ فبراير الماضي بعد إطلاق قوات الأمن النار على محتجين على تدهور الأوضاع المعيشية، ما تسبب في مقتل شاب وجرح ستة أشخاص آخرين، الأمر يعيد إلى الأذهان ما حدث في بداية الثورة السورية قبل أكثر من 11 سنة.

وتشير الحادثة إلى أن النظام لم يغير بعدَ مرور سنوات طريقة تعاطيه العنيفة مع الاحتجاجات التي يقول مراقبون إنها سبب تفجّر الأوضاع سنة 2011.

وفي حين بررت قوات النظام حينئذ استخدام العنف بوجوب التصدي لمجموعات إرهابية، روّجت وسائل إعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مؤيدة للنظام، فكرةَ أن المحتجين “هاربون من العدالة” و”مخربون” ومأجورون”.

وتداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر اقتحام المحتجين مقرّ محافظة السويداء وإسقاط صورة الرئيس بشار الأسد ووالده الرئيس الراحل حافظ الأسد.

ورفع المحتجون شعارات تدعو إلى إسقاط النظام من بينها “سوريا لنا وما هي لبيت الأسد”، و”عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد”.

ويقول مراقبون إن احتجاجات السويداء جاءت لتنفي ما يتواتر من أن السوريين باتوا مستعدين للقبول باستمرار الأسد، ولتبيّن أن مطلب رحيله مازال قائما بعد 11 سنة من اندلاع الثورة، لافتين إلى أن ما يحدث في المدينة الدرزية يؤكد أن مطلب إسقاط النظام لم يكن مطلب السنّة وحْدهم.

وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن إن ما يجري في السويداء يعود أساسا إلى عيش أغلب السوريين في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، والبالغ عددهم حوالي 8 ملايين سوري، تحت خط الفقر.

وأضاف عبدالرحمن في تصريحات إعلامية الأحد أن معدل الرواتب لا يتجاوز 25 دولارا، وهي لا تكفي لتغطية مصاريف ثلاثة أيام، لافتا إلى أن “نظام بشار الأسد لا يستطيع القول إن أبناء جبل العرب هم من تنظيمات إرهابية مثل داعش أو القاعدة التي تم الزج بها في الثورة السورية بين 2012 و2013”.

وقتل محتج وشرطي خلال الاحتجاجات، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان وشبكة إخبارية محلية.

وقال الناشط ريان معروف من شبكة “السويداء 24” المحليّة للأنباء إن “المتظاهر توفي متأثرا بإصابته بعد نقله وأربعة مصابين إلى المستشفى”.

وفي وقت لاحق أفاد المرصد وشبكة “السويداء 24” بمقتل شرطي خلال أعمال الشغب.

من جهتها أفادت وزارة الداخلية، في بيان نقله الإعلام الرسمي، بمقتل عنصر أمن خلال محاولة متظاهرين اقتحام مبنى قيادة الشرطة المجاور لمبنى المحافظة.

ووصف البيان المتظاهرين بأنهم “مجموعة من الأشخاص الخارجين عن القانون”، مشيرا إلى أن “بعضهم يحمل أسلحة فردية”.

وتوتّر الوضع، بحسب معروف، “إثر إقدام عنصر أمني من قوات النظام على إطلاق الرصاص في الهواء لتفريق محتجين تجمعوا حوله، ما أثار غضب المتظاهرين الذين أحرقوا سيارته، لتحصل بعد ذلك أعمال شغب”.

وتعيش مدينة السويداء كما معظم المدن السورية الأخرى واقعا خدميّا متردّيا، ازداد سوءا في الأسابيع الماضية تزامنًا مع حدوث شحّ كبير في المحروقات دفع موظفين وطلابا إلى عدم التوجه إلى أماكن عملهم ودراستهم في العديد من المدن.

◘ احتجاجات السويداء جاءت لتنفي قبول السوريين باستمرار الأسد ولتبين أن مطلب رحيله مازال قائما بعد 11 سنة من اندلاع الثورة

وأصدرت الحكومة خلال الأيام الماضية عدة قرارات تقشفية مرتبطة بنقص المحروقات وزيادة ساعات التقنين الكهربائي.

وشكّلت مدينة السويداء استثناءً طيلة سنوات النزاع؛ إذ تمكن دروز سوريا (يشكلون 3 في المئة من إجمالي عدد السكان) من تحييد أنفسهم عن تداعيات هذا النزاع إلى حد كبير، فلم يحملوا السلاح ضد دمشق ولم ينخرطوا في المعارضة باستثناء القليل منهم. وتخلف عشرات الآلاف من الشبان عن التجنيد الإجباري، مستعيضين عن ذلك بحمل السلاح دفاعا عن مناطقهم فقط، بينما غضّت دمشق النظر عنهم.

وبقيت محافظة السويداء بمنأى عن الحرب باستثناء الهجمات المحدودة التي وقعت في الفترة بين 2013 و2015 والتي شنتها فصائل معارضة، بعضها إسلامي متطرف تصدت له مجموعات محلية، إضافة إلى هجوم واسع شنه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عام 2018 وتسبّب في مقتل أكثر من 280 شخصا.

وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعا داميًا أدى إلى مقتل نحو نصف مليون شخص وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وتسبب في تشريد الملايين من السكان ونزوحهم داخل البلاد أو هجْرها.

العرب