شي جين بينغ يشجع الخليجيين على اختراق المحظور: اليوان بدل الدولار

شي جين بينغ يشجع الخليجيين على اختراق المحظور: اليوان بدل الدولار

بكين – يسعى الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الاستفادة أكثر ما يمكن من رغبة العرب في التعاون مع بلاده للدفع نحو اتخاذ قرارات مهمة يعرف أنها ستثير غضب الأميركيين على شركائها التقليديين. ومن هذه القرارات الدعوة إلى الاستفادة الكاملة من بورصة شنغهاي للبترول والغاز كمنصة لتسوية تجارة النفط والغاز باليوان بدل الاعتماد الخليجي على الدولار.

يأتي هذا في الوقت الذي بدا فيه قادة الدول العربية الفقيرة الذين حضروا قمة الرياض متعلقين بالصين كمنقذ سحري لإخراجهم من الأزمات وإنقاذ اقتصاداتهم من الانهيار.

وقال الرئيس الصيني “ستواصل الصين استيراد كميات كبيرة من النفط الخام من دول مجلس التعاون الخليجي، وتوسيع واردات الغاز الطبيعي المسال، وتعزيز التعاون في تطوير قطاعات النفط والغاز والخدمات الهندسية والتخزين والنقل والتكرير، والاستفادة الكاملة من بورصة شنغهاي للبترول والغاز كمنصة لتسوية تجارة النفط والغاز باليوان”.

دول الخليج لن تقبل بوقف التعامل بالدولار واعتماد اليوان، وإنْ مثّلت الفكرة ورقة ضغط على إدارة بايدن

ويعرف الرئيس الصيني أن الولايات المتحدة تراقب ما يجري في الرياض بشكل دقيق وتتخوف من نجاح بكين في جذب العرب، وخاصة دول الخليج الثرية التي كانت على مدى عقود شريكا فوق العادة لواشنطن ومنطقة حيوية لشركاتها.

ويقول مراقبون إن دول الخليج لن تقبل بأن تخرق المحظور من خلال وقف التعامل بالدولار واختيار اليوان، حتى وإن بدت لها الفكرة ورقة ضغط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التي لا تراعي مصالح الخليجيين في سياساتها المتعلقة بالمنطقة.

ويأتي عرض شي في وقت يشهد فيه تحالف الرياض طويل الأمد مع واشنطن توترا بسبب سياسة الطاقة والعلاقة مع روسيا، وخاصة في ظل تشكُّك دول الخليج في التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة.

وفي مسعى لطمأنة واشنطن قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بعد انقضاء القمة إن بلاده تريد التعاون مع كل من الولايات المتحدة والصين، مضيفا أن المنافسة أمر جيد لكن الاستقطاب ليس كذلك.

وفي خطابه اقترح شي مجالات مختلفة للتعاون في السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، بما في ذلك الطاقة والتمويل والاستثمار والابتكار والتقنيات الجديدة، فضلا عن الفضاء والثقافة.

وقال شي “الصين مستعدة لتعاون تنظيمي مالي مع دول مجلس التعاون الخليجي، وتسهيل دخول الشركات الخليجية إلى سوق رأس المال الصينية، وإنشاء رابطة استثمارية مشتركة مع دول مجلس التعاون الخليجي، ودعم صناديق الثروة السيادية على الجانبين للتعاون في مختلف المجالات”.

وأشار إلى أن الصين ستؤسس أيضا آليات عمل ثنائية في مجالي الاستثمار والتعاون الاقتصادي، وستمضي في التعاون على مقايضة العملات المحلية وتعزيز التعاون بشأن العملات الرقمية.

كما دعا شي في خطابه أمام القمة الخليجية – الصينية إلى أن تكون بلاده ودول مجلس التعاون شركاء في تعزيز الوحدة والتنمية والأمن.

وفي بداية القمة أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن القمة تؤسس “لمرحلة تاريخية جديدة في التعاون الخليجي – الصيني”.

وكان قد تعهد في وقت سابق بأن تظل دول الخليج مصدرا آمنا وموثوقا لتزويد العالم بما يحتاجه من الطاقة، مؤكدا أن النفط والغاز سيظلان مصدرين مهمين للطاقة على مدى عقود.

وفي خطاباتهم بالقمة، أو خلال لقاءات ثنائية مع نظيرهم الصيني، حرص قادة الدول العربية غير الخليجية على إظهار الرغبة في بناء علاقات أكثر فاعلية مع الصين. وتُظهر هذه الرغبة أن هذه الدول لم تجد الدعم الكافي من الشركاء الغربيين التقليديين، خاصة الولايات المتحدة.

وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إن “الأزمات أثقلت كاهل دولنا وموازناتها مما يتطلب حوكمة الاقتصاد الدولي ليكون أكثر عدالة. هذه القمة هي نقطة انطلاق جديدة للتعاون العربي – الصيني”.

وأشار إلى أن “السياسات الصينية المتوازنة تجاه قضايانا محل تقدير واحترام بالغين في العالم العربي”.

واقترح السيسي خفض الديون على الدول الأكثر تضررا من أزمتي الطاقة والغذاء، مؤكدا ضرورة إنشاء صندوق الخسائر لتعويض الدول الأكثر تضررا.

وقال إن بلاده لم تدخر جهدا لتطوير الشراكة العربية – الصينية، وعلى رأسها دعم مبادرة الحزام والطريق، مشددا على ضرورة زيادة التنسيق مع الصين لمعالجة الأزمات الدولية والإقليمية.

وخلال لقائه مع الرئيس الصيني أكد الرئيس التونسي قيس سعيد على أهميّة مواصلة العمل مع بكين، لاسيما وأن تجارب التعاون الثنائي بين البلدين كانت مثمرة وبنّاءة مما يُشجّع على استشراف فرص جديدة للشراكة وتنفيذ برامج تنموية واستثمارية في تونس.

وشدّد شي جين بينغ على دعم الصين لتونس واحترامها لسيادتها الوطنية ولخيارات شعبها وثقتها في قدرتها على إدارة شؤونها وتجاوز الصعوبات التي قد تعترضها.

وأعرب رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان عن تطلع الخرطوم إلى مشروع زراعي عربي – صيني في السودان يحقق قدرا من الخطة الإستراتيجية للأمن الغذائي العربي بالاستفادة من الخبرات والإمكانيات الصينية.

وقال في كلمته أمام القمة العربية الصينية إن “العلاقات السودانية – الصينية تاريخية وقديمة، وتمثل بكين أكبر شريك للخرطوم في كافة المجالات الاقتصادية”.

العرب