لماذا تنزعج أوروبا من الدور التركي في حرب أوكرانيا؟

لماذا تنزعج أوروبا من الدور التركي في حرب أوكرانيا؟

في الوقت الذي تلعب فيه تركيا دور الوسيط بين واشنطن وموسكو بشأن الصراع في أوكرانيا، لا سيما الاتصالات السياسية وقضية تصدير الحبوب، تنزعج الدول الأوروبية من الدور التركي، هذا الانزعاج عبّر عنه منسق السياسة الخارجية للاتحاد جوزيف بوريل. فما أسباب هذا الانزعاج والتخوف؟

كثّف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصالاته الهاتفية مع أطراف نزاع الحرب الروسية على أوكرانيا سواء لتأمين الاتفاق حول مرور الحبوب الأوكرانية، أو للتخفيف من أزمة الطاقة، أو الدعوة لإنهاء الحرب بين موسكو وكييف. وبحسب بيان للرئاسة التركية فقد أجرى أردوغان اتصالا هاتفيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أعرب خلاله عن أمله بإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن.

وأورد بيان صادر عن دائرة الاتصال في الرئاسة التركية أن المباحثات بين أردوغان وبوتين في آخر نسخة لها بحثت مجددا ملف الطاقة، كما تمت مناقشة القضايا الإقليمية بما في ذلك ممر الحبوب ومكافحة الإرهاب.

ويبدو أن التحرك التركي يثير حفيظة الأوروبيين، إذ عبّر منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن هذا الموقف في رسالة وجهها إلى البرلمان الأوروبي، وجاء فيها: “إن تعميق العلاقات الاقتصادية بين تركيا وروسيا يمثل مصدر قلق كبير” وفق ما أوردته مجموعة “فونك ميديا” الألمانية.

ودافع رئيس معهد الاستشراف والأمن في أوروبا، الدكتور إيمانويل دوبوي في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” عن الموقف الأوروبي إزاء الدور التركي ووصفه بالمبرر، معربا عن قناعته بأن الرئيس التركي أردوغان يلعب على جبهات مختلفة، ولا يدعم المجتمع الدولي في مسألة العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.

وقال إن أنقرة تلتف على هذه العقوبات وتستفيد من أنابيب الغاز التي تمر عبر البحر الأسود، رغم أنها دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتطمح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ولا يقر دوبوي بالدور التركي في اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، زاعما أن أنقرة تحمي تنفيذ الاتفاق لأنها تشرف على مضيقي البوسفور وهرمز اللذين تمر عبرهما ناقلات الحبوب، وهي -أي أنقرة- من عرضت خدماتها بشأن الوساطة بين الطرفين الروسي والأوكراني، وهي الوساطة التي لم تؤت ثمارها لأن الأمور غير واضحة والأجواء غير مهيأة للمفاوضات بين الجانبين.

تركيا ترفض العقوبات الأحادية

ورفض المحلل السياسي في مركز سيتا للأبحاث، الدكتور بيلجي هان أوزترك ما ذهب إليه رئيس معهد الاستشراف والأمن في أوروبا، مؤكدا أن الأوروبيين يعانون من أزمة طاقة بخلاف تركيا، وحاولوا قبل الحرب أن يتوسطوا بين موسكو وكييف لكنهم فشلوا، وحتى في مسألة العقوبات على روسيا كانت فرنسا وألمانيا قد عارضتا الموقف الأميركي لكنهما رضختا له في الأخير.

بالإضافة إلى أن الموقف المبدئي لتركيا -يتابع أوزترك- يقضي برفض العقوبات الأحادية التي فرضت على موسكو، وهي تلتزم فقط بالعقوبات التي يفرضها مجلس الأمن الدولي، ولو سارت عل نهج الأوروبيين والأميركيين لما كانت لديها فرصة الآن للحديث للطرفين الأوكراني والروسي بشأن تبادل السجناء واتفاق الحبوب، مؤكدا أن تركيا هي الجهة التي أنقذت العالم من أزمة الغذاء.

يشار إلى أنه تم توقيع وثيقة مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية بإسطنبول في 22 يوليو/تموز الماضي، بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة. وتضمنت الاتفاقية تأمين صادرات الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود إلى العالم، لمعالجة أزمة نقص الغذاء العالمي التي تهدد بكارثة إنسانية.

الجزيرة