السياسة الأميركية في الخليج في حالة ضياع

السياسة الأميركية في الخليج في حالة ضياع

لندن- تؤكد المقارنة بين الحفاوة التي حظي بها الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال زيارته إلى السعودية والاستقبال المتواضع الذي لقيه الرئيس الأميركي جو بايدن أن العناد الأميركي مع دول الخليج لا يخدم سوى خطط تمدد الصين في الشرق الأوسط.

ويبدو أنه من الصعب أن يسامح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بايدن على تحميله مسؤولية مقتل الصحافي جمال خاشقجي سنة 2018، وعلى رد الإدارة اللفظي القاسي على رفض المملكة دفع أوبك+ إلى زيادة إنتاج النفط.

ومنذ فترة حُكْم الرئيس الأسبق باراك أوباما أثارت الولايات المتحدة الشكوك من خلال حديثها عن “المحور نحو آسيا” ومن ثم تركيز بايدن على المحيطيْن الهندي والهادئ في ظل غياب أي مبادرة نحو الشرق الأوسط والخليج.

◙ شي أظهر تفهما لمخاوف الخليج عندما وافق على بيان مشترك شدد على الحاجة إلى تعزيز التعاون لضمان الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي

ويصف محللون السياسة الأميركية في الخليج بـ”الضياع” وينصحون واشنطن بإيجاد طريقة لطمأنة دول الخليج من خلال الالتزام بسياسات واضحة، تتجاوز الخطوط الحمراء المتعلقة بالبنية التحتية الحيوية مثلما فعل نائب وزير الدفاع الأميركي كولين كال في مؤتمر أمني عقد مؤخرا في البحرين.

وكان المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش قد حدد بوضوح في تصريحات صُحفية قبل أسابيع من زيارة الرئيس الصيني ما تريده دول الخليج من الولايات المتحدة.

وقال إن “العلاقة الأمنية الإستراتيجية الأساسية لأبوظبي تظلّ بشكل لا لبس فيه مع الولايات المتحدة”، لكنه دعا إلى التزامات أوضح من الجانب الأميركي.

وأضاف “هذه شراكة بين دولتين ذاتيْ سيادة… يمكننا الاستمرار في تقديرها بشكل كبير، ومع ذلك من الضروري أن نجد طريقة حتى نتأكد من أنه يمكننا الاعتماد على هذه العلاقة لعقود قادمة… من خلال التزامات واضحة”.

ويرى الخبير في شؤون الخليج جيمس دورسي أن للولايات المتحدة أوراقا رابحة يمكن أن تلعبها.

وبحسب دورسي فإن واشنطن وليس الصين هي التي تساعد السعودية على استكمال إصلاح هيكلها الدفاعي والأمن القومي، وهو الإصلاح العسكري الأكثر جذرية منذ تأسيس المملكة في 1932.

وتهدف الإصلاحات إلى تمكين السعودية من الدفاع عن نفسها واعتماد أنظمة الأسلحة الأميركية وتقديم إسهامات عسكرية ودفاعية ذات مغزى للأمن الإقليمي.

ويقول المحلل السياسي والعسكري والمسؤول السابق في البنتاغون بلال صعب إن “لدى إدارة بايدن فرصة لإشراك السعوديين في مسائل الأمن القومي الحرجة مع حماية مصالح الولايات المتحدة الإستراتيجية من خلال أداة الإصلاح الدفاعي”.

وأضاف “هذا نموذج من المساعدة الأميركية غير مثير للجدل على المستوى السياسي، ولا يكلف دافعي الضرائب الكثير من الأموال، ولا يتطلب وجودا أميركيا كبيرا على الأرض”.

وأظهر شي تفهما لمخاوف الخليج عندما وافق خلال زيارته على بيان مشترك شدد على الحاجة إلى “تعزيز التعاون المشترك لضمان الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي” وأن تحترم إيران “مبادئ حسن الجوار”.

وكان البيان متماشيا مع السياسة الصينية، لكنه مثّل طمأنة للسعودية نظرا إلى علاقات الصين الوثيقة مع إيران.

ومن المرجح أن تكون المبيعات العسكرية الصينية والتعاون النووي والتكنولوجيا وتطبيقاتها النووية والعسكرية والمزدوجة خطوط المواجهة الرئيسية في المنافسة الإقليمية بين الولايات المتحدة والصين.

ويظهر ذلك من خلال توقيع شركة هواوي التكنولوجية اتفاقية أثناء زيارة شي تتعلق بالحوسبة السحابية ومراكز البيانات وبناء مجمعات عالية التقنية في المدن السعودية رغم التحذيرات الأميركية من أن الشبكات والمعدات التي تنتجها الشركات الصينية يمكن أن تتضمّن تقنيات لجمع المعلومات الاستخبارية المضمنة بطرق تجعلها غير قابلة للكشف.

العرب