السعودية تستخدم حقل الدرة كأداة في الصراع الإقليمي مع إيران

السعودية تستخدم حقل الدرة كأداة في الصراع الإقليمي مع إيران

الرياض- بعد توقف دام سنوات طويلة علقت السعودية الفيتو الذي كانت ترفعه في وجه مساعي الكويت للعمل في حقل الدرة المشترك. وبعد اتفاق ثنائي بين المملكة والكويت حول كيفية إدارة الحقل، تحركت إيران لتقول إن لديها هي أيضا الحق في استغلال هذا الحقل.

ولا تبدي السعودية تحمّسا كافيا لتسريع العمل في هذا الحقل الغازي الكبير لأنها تمتلك ما يكفيها من الغاز، وهو ما يوفر لها فرصة أن تتخذ من الحقل ورقة تفاوض مع إيران حول القضايا الإقليمية.

وعكست تحركات بكين في العام الماضي فكرة أن الصين كانت تحاول تليين العلاقات بين السعودية وإيران، وهو ما قوبل بتعنت البلدين.

◙ التقديرات المتعلقة بكمية الغاز الموجودة في حقل الدرة تتراوح بين 10 و60 تريليون قدم مكعبة من الاحتياطيات

ويشير المراقبون إلى أن المملكة يمكن أن تتخذ من حقل الدرة ورقة ضغط لجلب إيران إلى التفاوض والتخلي عن التصريحات الدبلوماسية المستفزة والحملات الإعلامية التي تحمّل السعودية مسؤولية أزمات إيران في الداخل.

وستحتاج طهران إلى عائدات الحقل لمواجهة العقوبات المفروضة عليها وزيادة الإنفاق على أجنداتها الإقليمية والسباق نحو تطوير برامج التسليح، ولأجل ذلك يمكنها أن تقدم التنازلات الظرفية للسعودية بهدف ضمان تشغيل الحقل والاستفادة من عائداته.

ولا تحتاج المملكة حاليا إلى الغاز الذي سيأتي من الدرة، حيث تتمتع باحتياطياتها النفطية الكبيرة وبغاز مصاحب للنفط وغاز غير مصاحب، بما في ذلك ما يُستخرج من حقل الجافورة الكبير. وكانت أرامكو قد أعلنت في فبراير 2020 عن حصولها على الموافقة على تطوير الحقل العملاق في المنطقة الشرقية الذي يُعد أكبر مصدر للغاز غير المصاحب وغير التقليدي يتم اكتشافه في المملكة حتى الآن.

وتتمتع إيران بموارد حقل غاز الشمال، والعديد من حقول الغاز الرئيسية الأخرى غير المصاحبة، ما يجعل من الحصول على غاز حقل الدرة أمرا غير عاجل، وإن كانت طهران ستحتاج إلى عائداته لمواجهة أزماتها المختلفة داخليا وخارجيا.

في المقابل لا تمتلك الكويت سوى كميات محدودة للغاية من الغاز المصاحب للنفط أو غير المصاحب، ما يجعلها أكثر المتضررين من التأجيل.

ويستبعد المحلل سيمون واتكينز في تقرير لموقع أويل برايس الأميركي أن يكون الهدف الوحيد لقرار السعودية استئناف العمل في حقل الدرة -وباستثمارات تقدّر بنحو 70 مليون دولار- هو تأسيس نقطة اشتعال جديدة لتعاملاتها المستقبلية مع طهران.

وبمجرد أن أعلنت السعودية والكويت أنهما اتفقتا على استثمار حقل الدرة، تحركت إيران سريعا لتطالب بحصتها من الحقل، وهو ما سيجعله ساحة التقاء جديدة بين الخصمين، فإما أن يعطي دفعة للحوارات القائمة بينهما في العراق وسلطنة عمان، أو أنه سيكون ساحة للي الذراع. ويمكن للرياض أن تعيق حصول طهران على حصتها إذا قررت الأخيرة شنّ المزيد من الهجمات على منشآت النفط السعودية بالاعتماد على الحوثيين.

وكان الحقل مثار خلاف بين الكويت وإيران منذ عقود، ولم تتفقا بعدُ على ترسيم حدودهما البحرية في شمال الخليج.

وفي يونيو الماضي أعلنت إيران عن مناقشات تجري بينها وبين المملكة العربية السعودية والكويت بشأن حقل الدرة للغاز. ونقلت وكالة “إيرنا” الإيرانية عن وزير النفط جواد أوجي، على هامش اجتماع لمجلس الوزراء، قوله “إن وزارة الخارجية تتشاور مع الكويت والسعودية لحلّ الخلافات المتعلقة بالحقل”.

وبرز الخلاف بين إيران من جهة والسعودية والكويت من جهة أخرى حول الحقل، بعد أن أعلنت الدولتان الخليجيتان في أبريل الماضي عن تفعيل اتفاقية لتسريع أعمال تطوير واستغلال حقل الدرة الموجود في المنطقة المغمورة والمقسومة بين البلدين.

وسارعت إيران إلى رفض الخطوة السعودية – الكويتية التي وصفتها بغير القانونية، معتبرة أن لديها الحق في استغلال الحقل الذي تطلق عليه اسم “آرش”.

وقابلت الرياض والكويت موقف طهران بدعوتها إلى مفاوضات مشتركة، مصرّتيْن في الآن ذاته على أحقيتهما في استغلال الحقل.

◙ الكويت لا تمتلك سوى كميات محدودة للغاية من الغاز المصاحب للنفط أو غير المصاحب، ما يجعلها أكثر المتضررين من التأجيل

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان “سنمضي قدما في ما يتعلق بهذا الحقل، وقد أصدرنا بيانا مشتركا نحث فيه إيران على الحضور إلى طاولة المفاوضات، إذا كانت تزعم أن لها حصة (في الحقل) وهو ما يظل زعما”.

وأضاف أن السعودية والكويت ترغبان في العمل معا كفريق في أي مفاوضات، لأن لهما مصلحة مشتركة في هذه الموارد.

وتختلف التقديرات المتعلقة بكمية الغاز الموجودة في حقل الدرة من حوالي 10 تريليونات قدم مكعبة من الاحتياطيات الموجودة إلى حوالي 60 تريليون قدم مكعبة، كما هو الحال بالنسبة إلى تقديرات مستويات الإنتاج التي قد يصل إليها هذا الحقل، حيث تتراوح من حوالي 800 مليون قدم مكعبة يوميا إلى ما يزيد قليلا عن مليار قدم مكعبة.

ويبلغ متوسط ​​كمية النفط في المنطقة حوالي 300 مليون برميل، حيث يصل متوسط ​​تقدير الإنتاج اليومي إلى حوالي 84 ألف برميل في اليوم. أما المكان الذي يقع فيه الحقل جغرافيا على وجه التحديد، فهو في شمال الخليج العربي، إلى شمال شرقي السعودية، وشرق الكويت، وغرب إيران.

وعلى خارطة الغاز والنفط يقع حقل الدرة شرق حقل برقان النفطي الضخم في الكويت، وكذلك حقل الوفرة النفطي، وهو جزء من المنطقة المحايدة المقسمة التي تشترك فيها مع السعودية. كما أنه يقع شمال شرق حقل الفوارس البري السعودي وحقول حمى (وهي جزء من أراضي المنطقة المحايدة)، وفوق حقلي الحوت والخفجي البحريين.

العرب