بدأت قصة «مجموعة السفير كروكر» التي تسمى رسمياً «مجموعة عمل مستقبل العراق» التابعة للمجلس الأطلسي للشرق الأوسط ومقره المركزي في واشنطن، بالتفاعل والانكشاف إعلامياً منذ عدة سنوات. إن «مجموعة عمل مستقبل العراق» هي أقرب إلى الجهاز أو المنظمة السياسية والمعلوماتية الأكاديمية للدراسات والتخطيط الاستراتيجي.تضم في عضويتها سفراء وجنرالات أميركيين سابقين من بينهم اللواء المتقاعد مايكل باربيرو، نائب رئيس الأركان السابق لقوات الاحتلال الأميركية، إلى جانب الرائد في البحرية بن كونابل، وكتاب وخبراء أجانب من بينهم توبي دودج وعراقيين من بينهم الكاتب اليساري السابق فالح عبد الجبار. تقوم هذه المجموعة بتشيكل لجان لتقصي الحقائق تعمل داخل محافظات العراق وقام بعضها فعلاً بأعمال في إقليم كردستان ومحافظة بغداد ومحافظة النجف. فالتقرير الذي صدر في عام 2017م عن المجموعة، لا يزال يحظى بأهمية بالغة لواقعيته فيما يتعلق بالشأن العراقي.
فقد أوصت المجموعة الإدارة الأميركية بتبني استراتيجية في العراق تقوم على ضمان مصالح الأمن القومي الأميركي على المدى الطويل بعد هزيمة داعش الإرهابي . ودعت المجموعة إلى الالتزام علناً بالانخراط في العراق في ظل التصورات العراقية بأن المشاركة الأميركية سطحية وعابرة تقوض سياسة الولايات المتحدة في العراق.
وقالت المجموعة إنه بات للولايات المتحدة تأثير إيجابي كبير على العراقيين بفضل المساهمات العسكرية الأميركية في جهود مكافحة الإرهاب، مشيرة إلى أنه يمكن لواشنطن البناء على ذلك من أجل زيادة نفوذها وتحقيق جداول أعمال اقتصادية وإدارية.
التقرير رأى أنه يمكن للولايات المتحدة التصدي للتطرف العنيف على نحو فعال على المدى الطويل عن طريق الضغط على حكومتي بغداد وأربيل لتلبية احتياجات الشعب العراقي على نحو أفضل وعلى المدى القصير عن طريق دعم انتخابات برلمانية حرة ونزيهة.
ومن التوصيات التي تضمنها التقرير المؤلف من 14 صفحة تتضمن ملخصاً تنفيذياً، دعم الاقتصاد العراقي من خلال المساعدات المالية المباشرة أو عبر الصناديق الدولية والدول المانحة من أجل الحدّ من التدخل الإيراني. ورأى التقرير أنه ينبغي على واشنطن تقديم قدر معقول نسبياً من المساعدة الاقتصادية المباشرة بما من شأنه إعطاء رئيس الوزراء حيدر العبادي النفوذ ضد العناصر الأكثر راديكالية داخلياً وإعطاء نفوذ للولايات المتحدة تقوم من خلاله بالضغط على الأوروبيين ودول مجلس التعاون الخليجي وغيرهم من أجل الحصول على مزيد من المساعدة.
التقرير أوصى من جهة ثانية بالإبقاء على تدريب القوات العراقية من خلال الحفاظ على عدد مناسب من القوات الأميركية بعد تحرير الموصل والاضطلاع بمهمة طويلة الأمد. ودعا الحكومة الأميركية إلى زيادة دعمها لتدخل الأمم المتحدة في الوساطة بين بغداد وأربيل معتبراً أن أي نزاع عسكري بين بغداد وحكومة إقليم كردستان من شأنه أن يقوض بشكل خطير الجهود الأميركية الرامية إلى إلحاق هزيمة دائمة بالتطرف.
التقرير وصف الوجود الأميركي الراهن في العراق بالانخراط الإيجابي الذي بالإمكان البناء عليه في المستقبل، مشيراً إلى أن الغالبية العظمى من العراقيين الذين أشركتهم مجموعة العمل سواء كانوا شيعة أو سنة أو كرداً أو أقليات دينية أعربت عن رغبتها في استمرار الوجود العسكري والدبلوماسي الأميركي في العراق.
التقرير أكد على أهمية الضغط على شركاء التحالف لمواصلة دعم العراق عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وإقناع دول الخليج بالانخراط بشكل إيجابي في العراق، واصفاً زيارة وزير الخارجية السعودي إلى العراق بالعلامة المشجعة. ورأى التقرير أن من شأن ذلك أن يوفر لدول مجلس التعاون الخليجي فهماً أكبر لما وصفها بـ”التغيرات داخل النخبة الشيعية وتقدير المقاومة التي يبديها بعضهم تجاه الجهود الإيرانية للسيطرة على نظامهم السياسي”.
مجموعة العمل تحدثت في تقريرها عن ضرورة ضمان حصول حكومات الأقاليم على الميزانيات والقدرات التقنية من أجل القيام بالوظائف المنوطة بها. وأشارت إلى أن الإطار القانوني لهذا الامر موجود في الدستور العراقي وما تبقى هي عقبات سياسية أكثر منها تشريعية لجهة ميل العاصمة إلى احتكار عملية صنع القرار.
نقل السلطات إلى السلطات المحلية يشمل وفق التقرير إدارة الأمن أيضاً قائلاً إن الأمر سيكون بمثابة خطوة إيجابية نحو إصلاح الثقة بين المواطنين العراقيين والحكومة.
وأشار إلى ضرورة أن تدير الشرطة المحلية التي تعكس التركيبة الاثنية والطائفية للمدن التي تعمل فيها، الأمن الداخلي بالتعاون الوثيق مع وحدات مكافحة الإرهاب الاتحادية وأجهزة الاستخبارات، معتبراً أنه يمكن لقوات الشرطة المدربة جيداً وذات الجذور المحلية أن تصبح أولى وأفضل خطوط الدفاع ضد تمرد داعش الارهابي المستمر.
التقرير رأى أن من مصلحة الولايات المتحدة تدفق النفط بحرية إلى الأسواق العالمية وأن تظل أسعاره مستقرة نسبياً لما من شأن ذلك من تقليل اعتماد العراق على واردات الغاز الإيرانية مشيراً إلى أن العراق يمكن أن يكون مصدراً كبيراً للبلدان التي تعاني من نقص الغاز في المنطقة.
وتابع أن أفضل طريقة لضمان التدفق الحر للنفط والغاز من العراق إلى الأسواق العالمية هي دعم الحكومة العراقية في جهودها الرامية إلى الحكم بشكل فعال.
من جهة ثانية أكد التقرير على ضرورة أن تواصل الحكومة العراقية إعطاء الأولوية للاستثمار في قطاع الغاز والنفط والعمل على تعظيم كفاءة المؤسسات التي تتعامل مع الشركات الأجنبية العاملة في هذا القطاع.
التقرير رأى أن بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية التعلم من تجربتها في السنوات التي تلت الغزو الاميركي للعراق من أجل تعزيز فاعلية مشاركتها فضلاً عن العمل مع البلدان الشريكة والأمم المتحدة للحدّ من تكلفة مساهمتها.
وأشار التقرير إلى الاستفادة من التقرير النهائي للمفتش الخاص لإعادة إعمار العراق الصادر في آذار/ مارس 2013، الذي من بين ما يتضمنه تقسيم مراحل المشروع إلى أجزاء أصغر وقابلة للقياس وإشراك أصحاب المصلحة المحليين من العراقيين في جميع مشاريع إعادة الإعمار، بحيث أن الاستعانة بالمقاولين غير العراقيين لا تتم إلا في حالة وجود فجوات في المهارات محلياً.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية