تقدمت البوسنة والهرسك بطلب للانضمام للاتحاد الأوروبي قبل سبعة أعوام، وقد تلقت تأييد جميع الدول الأعضاء قبل أيام. والآن، يتعين على الجمهورية التي تقع غربي البلقان إجراء إصلاحات متنوعة.
بروكسل – بعثت حرب روسيا على أوكرانيا، بعد سنوات من الجمود، حياة جديدة في استعداد الاتحاد الأوروبي للنظر في ضم المزيد من جيرانه في الشرق إليه.
ووافقت الدول الأعضاء بالتكتل يوم الخميس الماضي، 15 ديسمبر، رسميا، على منح البوسنة والهرسك صفة “دولة مرشحة” لنيل العضوية، مما يضع البلاد، التي تفتقد للاستقرار، على بداية طريق طويل نحو الانضمام للاتحاد.
وكان وزراء الشؤون الأوروبية لدول الاتحاد الأوروبي قدموا توصيات في هذا الشأن في بروكسل يوم الثلاثاء الماضي، مدفوعين جزئيا بمخاوف من أن تتجه البلاد على نحو متزايد صوب روسيا أو الصين.
وعقب قرار منح صفة “دولة مرشحة” لأوكرانيا ومولدوفا في يونيو الماضي، دعت دول أعضاء في الاتحاد، مثل النمسا وسلوفينيا، بصفة خاصة، التكتل إلى منح صفة مرشح للبوسنة والهرسك.
سكان البوسنة والهرسك أصيبوا بخيبة أمل واسعة في السابق بسبب تجاهل طلبهم الانضمام للاتحاد الأوروبي لسنوات
وكان سكان البوسنة والهرسك أصيبوا بخيبة أمل واسعة في السابق بسبب تجاهل مسألة انضمام بلادهم للاتحاد الأوروبي، بعد أن عُرِضَ عليها إمكانية الحصول على العضوية في عام 2003، ثم تقدمها بطلب رسمي في عام 2016.
وصرح المفوض الأوروبي لسياسة الجوار والتوسع أوليفر فارهيلي بأن القرار الأخير بعث برسالة واضحة إلى مواطني البوسنة والهرسك، مؤداها أن الاتحاد الأوروبي يقف إلى جانب بلادهم.
وأضاف فارهيلي أنه صار الآن من الضروري للبوسنة والهرسك أن تبدي استعدادا للوفاء بالشروط التي جرى تحديدها في وقت سابق، مشيرا إلى أن “أوروبا تفي بوعودها، ونريد من البوسنة والهرسك الآن الوفاء هي الأخرى”.
والشروط التي أشار إليها المفوض الأوروبي عبارة عن 14 من الإصلاحات الرئيسية، قدمتها المفوضية الأوروبية للبوسنة في مايو 2019 وتشمل هذه الإصلاحات عدة مجالات من بينها الديمقراطية وسيادة القانون والإدارة العامة.
ويعتقد المعلقون السياسيون في البوسنة والهرسك أنه كان يتعين على الاتحاد الأوروبي منح البلاد صفة “دولة مرشحة” في نفس الوقت الذي جرى فيه منح هذه الصفة لغالبية الدول الأخرى في غرب البلقان، فربما كان ذلك ساعد في تسهيل تسوية العديد من المشكلات الداخلية بالجمهورية.
وعلى سبيل المثال، احتفظت جمهورية ”صربسكا”، وهي جزء من البوسنة والهرسك، بعلاقات اقتصادية وسياسية وثيقة مع روسيا، وشجع تأخر منح البلاد صفة “مرشح” للعضوية في تنامي النفوذ الروسي.
كما أن منح البوسنة وضع “دولة مرشحة” لعضوية الاتحاد الأوروبي مفيد للجانبين وقال رئيس وزراء لاتفيا كريسيانيس كارينس، قبل تصويت القمة الأوروبية على مسألة انضمام البوسنة، في 15 من شهر ديسمبر الجاري، إن القرار سيفيد دول غرب البلقان، والاتحاد الأوروبي ككل، مضيفا “للاتحاد الأوروبي مصلحة جيوسياسية في البلقان”.
وقال منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن التصويت أعطى القيادة البوسنية فرصة جيدة للدفع باتجاه إجراء إصلاحات.
وأضاف بوريل “هذه هي المناسبة كي تنطلق البلاد حقا على المسار الأوروبي. إنها خطوة مهمة جدا للبوسنة والهرسك، وللمنطقة برمتها”.
ولم يتم بذل جهد كبير في البوسنة والهرسك لتنفيذ الشروط الموضوعة، وذلك بسبب الأزمة السياسية المتواصلة في البلاد.
وتظهر استطلاعات الرأي أن عضوية الاتحاد الأوروبي تشكل أحد الأهداف النادرة التي تؤيدها الأعراق الثلاثة (البوشناق والصرب والكروات)، وجميع أنحاء البوسنة بقوة.
ووضعت جميع الأحزاب البرلمانية المشاركة في جهود تشكيل حكومة جديدة عقب الانتخابات التي شهدتها البوسنة في أكتوبر الماضي، مواصلة البوسنة المسار الأوروبي على رأس أولوياتها، رغم أن لا أحد يعرف كم ستستغرق هذه الرحلة.
وبذلت سلوفينيا، بشكل خاص جهدا بالغا كي توضح لشركائها لماذا يتعين منح البوسنة صفة “دولة مرشحة”، بالنظر إلى الوضع الجيوسياسي.
ووصفت ليوبليانا قرار منح صفة مرشح للبوسنة بأنه “نجاح كبير للسياسة الخارجية السلوفينية”. وفي الوقت نفسه، أكدت ليوبليانا التزامها بانضمام كامل دول غرب البلقان إلى الاتحاد الأوروبي في أقرب وقت ممكن.
وقال رئيس وزراء سلوفينيا روبرت جولوب لدى صدور القرار الوزاري في 13 من شهر ديسمبر الجاري إن البوسنة انتظرت هذه اللحظة عشرين عاما، مضيفا أنه يجب على الاتحاد الأوروبي بناء الثقة مع شعب البوسنة.
عقب قرار منح صفة “دولة مرشحة” لأوكرانيا ومولدوفا في يونيو الماضي، دعت دول أعضاء في الاتحاد، مثل النمسا وسلوفينيا التكتل إلى منح صفة مرشح للبوسنة والهرسك
وتصدر الدفاع عن البوسنة والهرسك أولويات جدول أعمال السياسة الخارجية لكبار مسؤولي سلوفينيا، وحذر الرئيس السلوفيني بوروت باهور من أن توسع الاتحاد الأوروبي في غرب البلقان يسير ببطء شديد.
كما يبعث منح البوسنة وضع “دولة مرشحة” رسالة واضحة إلى المؤسسة السياسية في سراييفو، التي تحظى الآن بتفويض كامل لتنفيذ أكبر عدد من الإصلاحات، وأن تظهر للناخبين أنها تشاركهم رؤيتهم بشأن مستقبل البلاد في الاتحاد الأوروبي.
وقال وزير الدولة بوزارة الخارجية السلوفينية ماركو ستيوشين “كانت هناك شكوك عديدة لدى الدول الأعضاء بشأن هذا الأمر، وكذلك لدى المفوضية الأوروبية، ولكنني أعتقد أننا تمكنا في نهاية المطاف من أن نثبت، بالبراهين، أن البوسنة والهرسك أحرزت تقدما كبيرا بمرور الوقت”.
ويعتقد فارس كوشان الباحث بكلية ليوبليانا للأعمال والاقتصاد أن سلوفينيا قامت بدور رئيسي في صدور القرار، وقال إنه بالنظر إلى تاريخها فإن هذه البلاد تشكل جسرا بين الاتحاد الأوروبي ودول غرب البلقان، مع كرواتيا والنمسا.
وأضاف “وفي هذا السياق، كان من المهم أن تضع سلوفينيا وشركاؤها، النمسا على وجه الخصوص، وكرواتيا أيضا، البوسنة في صدارة جدول أعمال الاتحاد الأوروبي”.
العرب