اكتشافات مهمة من الغاز تمهد طريق المغرب لعضوية نادي المنتجين

اكتشافات مهمة من الغاز تمهد طريق المغرب لعضوية نادي المنتجين

النتائج التي حققها المغرب في مونديال قطر كانت مبهرة، ولكنها ليست النتائج الوحيدة التي حققها خلال عام 2022. فإلى جانب مشاريع الطاقة المتجددة المتمثلة بأكبر مزرعة للطاقة الشمسية والرياح، فإن المغرب في طريقه ليصبح دولة مصدرة للطاقة بعد نجاحات حققتها شركة “ساوند إنرجي” للتنقيب عن الغاز في المملكة.

أكد الرئيس التنفيذي لشركة “ساوند إنرجي” البريطانية (المكلفة بالتنقيب عن الغاز والنفط بالمغرب) غراهام ليون أن المغرب يمتلك ثروة كبيرة من احتياطات الغاز الطبيعي، وأن ذلك سيساعده على أن يحقق اكتفاء ذاتيا، بل وسيتجه لتصدير الغاز نحو أسواق عالمية.

ولفت ليون إلى أن هناك مشروعين محوريين قيد الدراسة والتنفيذ يتعلق أحدهما بتزويد الأسواق الصناعية الكبرى بالغاز الطبيعي المسال، بينما الآخر يتضمن تطوير خط أنابيب لإمداد أسواق الكهرباء بالغاز، ومن المتوقع أن يحظى المشروعان بالدعم والتأييد واتخاذ قرار استثماري نهائي في العام الوشيك.

ونوه غراهام، في حوار مع موقع “بتروليوم إيكونوميست” المتخصص في الاقتصاد الطاقي، إلى أن “المشروع الأول سوف يوفر حوالي 100 مليون متر مكعب سنويا من الغاز المسال للأسواق الصناعية، مستهدفا بدء الإنتاج والبيع في الربع الأول من عام 2024″، موضحا أن المغرب يمتلك أكثر من 20 تريليون قدم مكعبة من احتياطات الغاز الطبيعي ما يعتبر رقما قياسيا.

ووضع المغرب خارطة طريق وطنية في ثلاث مراحل لتطوير الغاز الطبيعي تمتد بين 2021 – 2050، خدمة للإستراتيجية الطاقية الوطنية، وفق بلاغ وزارة الطاقة والمعادن والبيئة، لتحديد بنية السوق والفاعلين وتحفيز التطور التدريجي للطلب، وتطوير البنية التحتية، والوصول إلى طاقة تنافسية، وتحسين القدرة التنافسية للمصدرين الصناعيين، وتنمية أنشطة المناولة الأخرى للقطاع.

وفي هذا الإطار أكد رشيد ساري المحلل الاقتصادي، لـ”العرب”، أن المغرب يستفيد من خبرات الشركات البريطانية خاصة لمجموعة من الأسباب أهمها المرونة في العقود حيث سيتمكن المغرب في مرحلة أولى من الاستفادة من نسبة 25 في المئة، لمدة متوسطة غالبا لا تتعدى 20 سنة، كما أن الشركات البريطانية معروفة بانضباطها وكفاءتها، أضف إلى ذلك فاتورة التنقيب التي تبقى منخفضة بالمقارنة مع شركات عالمية أخرى.

واعتبر ليون أنه بالرغم من أن المغرب مازال يعتمد على الفحم كمصدر للكهرباء، إلا أن ذلك لا يثنيه عن المضي قدما في مشاريع التحول لمصادر الطاقة النظيفة منخفضة الانبعاثات الكربونية، مؤكدا أن حقل تندرارة المغربي سيمثل دورا جوهريا في تحقيق مستهدفات المغرب، كما تطمح البلاد لتوسيع الأسواق والمعاملات الدولية.

وكانت شركة ساوند إنرجي، (المكلفة بالتنقيب عن الغاز والنفط بالمغرب)، قد وقعت سابقا مع المكتب الوطني للماء والكهرباء (ONEE) اتفاقية ملزمة لبيع الغاز الطبيعي من امتياز تندرارة، على مدى عشر سنوات، حيث التزمت الشركة بإمداد المكتب بـ350 مليون متر مكعب من الغاز سنويا عبر الأنبوب المغاربي – الأوروبي.

ووقعت ذات الشركة البريطانية مع شركة “أفريقيا غاز” التابعة لمجموعة “أكوا” المغربية عقدا لبيع الغاز الطبيعي المسال المستخرج من مشروع تندرارة بإقليم فجيج، وذلك لمدة عشر سنوات.

وأشار الرئيس التنفيذي لشركة “ساوند إنرجي” إلى أن المغرب فقد في وقت سابق تدفقات الغاز الطبيعي الجزائري في نوفمبر من عام 2021، والتي كانت تُعد أكبر مصدر لها للغاز المستورد إثر اندلاع أزمةٍ دبلوماسية بينهما، واصفا اكتشافات العملاق البريطاني في المغرب بأنها سوف تُحدث تغييرا حقيقيا في قواعد اللعبة، وتضع المملكة في الصدارة وتخلق لها ثروة محلية بل وفائضا للتصدير.

وجدير بالذكر أن المغرب يستهلك حوالي 1 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، ويعتبر من أقل معدلات استهلاك الغاز. وسيخول استغلال غاز تندرارة الحصول على جزء من حاجياته لتشغيل محطتي الطاقة الحرارية لعين بني مطهر وتاهدارت. فيما قد يكون ميناء الناظور غرب المتوسط محطة لاستقبال وتخزين الغاز المسال المستورد مستقبلا، لتتم فيه إعادته إلى حالته الغازية قبل نقله إلى المناطق الصناعية ومحطات إنتاج الكهرباء.

وأكد إدريس الفينة المحلل الاقتصادي والأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، في تصريح لـ”العرب”، أن المغرب يسعى بالتعاون مع الشركة البريطانية لتطوير الغاز المسال ووضع بهذا الصدد إستراتيجية خاصة تسمح بتحديد الواردات وموانئ التخزين كميناء الناظور وأسفي.

وحسب مذكرة التفاهم التي جرى توقيعها بين الدولة، ممثلة في المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، وشركة ساوند إنرجي البريطانية، بخصوص حقل تندرارة، أظهرت أن المغرب سيتمكن من تقليص نسبة استيراد الغاز المستعمل في الكهرباء بنسبة تصل إلى 30 في المئة، أي أنه سيربح حوالي 800 مليون درهم، (83 مليون دولار).

وفي بلاغ للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، (مؤسسة رسمية)، فإن الشركة البريطانية تمتلك رخصة التنقيب، قبالة سواحل مدينة أغادير، جنوب المغرب، بشراكة مع المكتب.

وحسب عدد من الدراسات الجيولوجية يتوفر المغرب على احتياطات من الغاز الطبيعي تقدر بـ1.44 مليار متر مكعب، وهو ما قد يخول للمغرب الانضمام إلى منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، مبرزة في ذات السياق أن المكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن قد عمل مؤخرا على تقديم شروط استثمار جذابة لفائدة شركات التنقيب وإنتاج النفط والغاز.

20 تريليون قدم مكعبة من احتياطات الغاز الطبيعي يمتلكها المغرب

وتدير شركة ساوند إنرجي ثلاث مناطق في شرق المملكة، حيث تمتلك 47.5 في المئة من رأس المال الاستثمارات في الشرق، مقابل 27.5 في المئة لشلمبرغير و25 في المئة للمكتب الوطني للهيدروكربونات والمناجم.

وأعلنت الشركة خلال عام 2018 عن اكتشاف حقل للغاز الطبيعي في عملية تنقيب عن الهيدروكربونات غرب حوض واد سبو بالقنيطرة، إذ يلامس حجم الاحتياط النفطي بالبئر 10200 متر مكعب من الغاز الطبيعي، بإنتاج صاف يصل إلى 55 ألف برميل، مضيفة أن المخزون الذي تم اكتشافه هو الأكبر في المنطقة.

ومعروف أن المغرب يبدي اهتماما فائقا بالطاقة المتجددة أيضا، مستفيدا من أشعة الشمس ومستويات الرياح التي تعد من بين أعلى المستويات لدى أي دولة في العالم.

وفي مدينة ورزازات السياحية المغربية، التي تعد بوابة المغرب إلى الصحراء الكبرى، تشكل أكثر من نصف مليون مرآة تدور هذه المرايا كل بضع دقائق لتوجيه أشعة الشمس بشكل أفضل نحو الأنابيب المليئة بالزيت الاصطناعي، مما يجعله يسخن بشدة متحولا إلى بخار. هذا البخار يستخدمه التوربين لإنتاج طاقة تكفي لـ1.3 مليون شخص. والمجمع يعتبر أكبر مزرعة للطاقة الشمسية المركزة في العالم.

وفي بلدة ساحلية في جنوب شرق المغرب يوجد مشروع ضخم آخر للطاقة المتجددة، هو مزرعة الرياح في مدينة طرفاية، بعدد توربينات قدره 131 توربينا، وتعد هذه المزرعة واحدة من أكبر مزارع الرياح من نوعها في قارة أفريقيا.

العرب