عقد قطري مع اليابان للتخفيف من آثار التقارب مع الصين

عقد قطري مع اليابان للتخفيف من آثار التقارب مع الصين

الدوحة- تحاول قطر أن تقنع المتنافسين الدوليين على الطاقة بأنها قريبة منهم، من خلال عقد صفقات متنوعة تهدف إلى تبديد الشكوك حول انحيازها إلى هذا الطرف أو ذاك خاصة بعد اتفاقها بعيد المدى مع الصين، والذي أعطى إيحاء بأن الدوحة قد وقفت في وجه مطالب حلفاء الولايات المتحدة الذين يريدون المزيد من الغاز للتعويض عن الغاز الروسي، وهو انحياز قد يثير غضب واشنطن.

ويعد الاتفاق الأخير لقطر مع اليابان دليلا على رغبتها في تبديد مخاوف الجميع، وخاصة تخفيف آثار تقاربها مع الصين الذي بدا وكأنه موقف رافض لوساطات أميركية لدى الدوحة من أجل تمكين الأوروبيين من كميات ذات وزن من الغاز للتغطية على توقف الغاز الروسي.

◙ الاتفاق مع اليابان وقبل ذلك مع ألمانيا قد يكون فاتحة لاتفاقيات جديدة بين قطر ودول أوروبية أخرى لإنجاح مسار وقف الاعتماد على الغاز الروسي

والصفقة مع اليابان التي عقدتها قطر قبل نهاية 2022 هي اتفاقية جديدة مدتها خمس سنوات بين شركة قطر للطاقة وشركة كوزمو إنيرجي اليابانية، ما يمكّن الشركة، وهي ثالث أكبر شركة لتكرير النفط في اليابان، من مواصلة عملياتها لتطوير النفط الخام وإنتاجه في الحقول الواقعة قبالة سواحل قطر، وفقا لاتفاق سابق لمدة 25 سنة منذ إبرام العقد الحالي في 1997.

ويرى خبراء في مجال الغاز أن تمديد الاتفاق مع اليابان يهدف إلى إظهار حسن النية من جانب القطريين تجاه الولايات المتحدة وحلفائها، خاصة أن المسؤولين القطريين قد قالوا في السابق إن اتفاقياتهم طويلة المدى مع بلدان آسيوية لا تسمح لهم بعقد اتفاقيات محدودة مع الأوروبيين. وفُهم هذا الموقف وقتها على أنه رفض مقنّع لمساعي واشنطن لدى الدوحة لتعويض الغاز الروسي بما في ذلك تدخل الرئيس جو بايدن لدى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حين استقبله بواشنطن في يناير من العام الماضي.

وفي نوفمبر الماضي، وقّعت شركة قطر للطاقة اتفاقية بيع مع مؤسسة الصين للبترول والكيماويات (سينوبك) لتوريد 4 ملايين طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال إلى الصين لمدة 27 عاما بداية من 2026.

وقال وزير الدولة لشؤون الطاقة سعد بن شريدة الكعبي إن “الاتفاقية ستعزز العلاقات الثنائية المتميزة بين جمهورية الصين الشعبية ودولة قطر، وستساعد على تلبية احتياجات الصين المتزايدة من الطاقة”.

وبعد أسبوع فقط من الإعلان عن الاتفاقية مع الصين، بادرت قطر إلى إعلان اتفاقية جديدة مع ألمانيا لتزويدها بالغاز لمدة 15 عاما تبدأ اعتبارا من 2026. وبدت هذه الاتفاقية أقرب إلى الترضية السياسية بعد التساؤلات التي أثيرت في الغرب عن تمسّك الدوحة باتفاقياتها مع الصين على حساب حلفاء الولايات المتحدة، التي تعتبر حليفا مهما لقطر على واجهات مختلفة خاصة على المستوى العسكري والأمني.

وعبّر وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك عن رضاه وقال “15 عاما أمر رائع… لم أكن لأعارض عقودا مدتها 20 عاما أو أطول.. المحادثات السياسية كانت دائما مجرد محادثات إطار، ظلت الشركات على اتصال بعد ذلك”.

وستزود هذه الصفقات ألمانيا بمليوني طن متري سنويا من الغاز الطبيعي المسال، تصل من رأس لفان في قطر إلى محطة الغاز الطبيعي المسال في برونسبوتل بشمال ألمانيا.

ويرى الخبراء أن الاتفاق مع اليابان وقبل ذلك مع ألمانيا قد يكون فاتحة لاتفاقيات جديدة بين قطر ودول أوروبية أخرى لإنجاح مسار وقف الاعتماد على الغاز الروسي الذي تضغط واشنطن لإنجاحه بمختلف الطرق رغم قلق الأوروبيين منه.

ويقول سايمون واتكينز الكاتب بموقع أويل برايس الأميركي المتخصص في مجال الطاقة إن من الممكن رؤية المزيد من صفقات الغاز التي تتوسط فيها الولايات المتحدة لأوروبا لسنة 2023.

ويلفت واتكينز إلى أن قطر تبدي مرونة أكبر لمثل هذه الترتيبات مما كانت عليه في وقت سابق عندما صرح الكعبي في أكتوبر الماضي بأن بلاده لن تحوّل الغاز الموجود ضمن عقد مع مشترين آسيويين إلى أوروبا هذا الشتاء.

وتريد دول الاتحاد الأوروبي ضمانات من قطر لتأمين ما يكفي من واردات الغاز الذي تحتاجه، لكن الأمر لا يخلو وفق متابعين من صعوبات، لاسيما وأن الدوحة لا تملك فائضا كبيرا بعد بيع معظم الغاز مسبقا بموجب عقود طويلة الأجل.

وكانت الدوحة أشارت في وقت سابق إلى أن على الولايات المتحدة والدول الأوروبية إقناع المشترين بالسماح بإعادة توجيه الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا “كحلّ على المدى القصير”.

العرب