السوداني وإعادة الحقوق للإزيديين

السوداني وإعادة الحقوق للإزيديين

بعد تعاون بين جهات عراقية ومنظمة الأمم المتحدة، حيث وافق مجلس الوزراء العراقي، الأربعاء الفائت، على أن يتمتع نحو ربع مليون إيزيدي بتملك الأراضي والمنازل. إذ وضعت الحكومة العراقية حداً لمعاناة المكون الإيزيدي في قضاء سنجار استمرت 47 عاماً من الاضطهاد والتهميش والإقصاء من أبسط حقوقهم، إذ لم يكن مسموحاً لنحو ربع مليون مواطن عراقي إيزيدي في قضاء سنجار بمحافظة نينوى، من تملك منازلهم وأراضيهم السكنية منذ عام 1975.

ويمنح المرسوم ملكية الأراضي السكنية والمنازل في 11 مجمعاً سكنياً لشاغليها، وهي مجمعات: خانصور (التأميم) ودوﮔري (حطين) وبورك (اليرموك) وﮔوهبل (الأندلس) في ناحية الشمال/قضاء سنجار وتل قصب (البعث) في ناحية القيروان/ قضاء سنجار، وتل عزير (القحطانية) وسيبا شيخدري (مجمع الجزيرة) وكرزرك (العدنانية) في ناحية القحطانية/ قضاء البعاج وزورافا (العروبة) ودهولا (القادسية) في ناحية الشمال/ قضاء سنجار وتل بنات (الوليد) في ناحية القيروان/ قضاء سنجار.

وقال رئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني “يأتي قرار الحكومة العراقية بتمليك العراقيين الإيزيديين لمنازلهم في سنجار، التي حرموا من تملكها منذ أكثر من 47 عاماً بسبب السياسات الإقصائية الظالمة التي أنتهجها النظام الديكتاتوري السابق، كما يأتي في سياق سعي الحكومة العراقية الواضح والصريح، إلى رعاية حقوق المكوّنات العراقية، وخصوصاً المكوّن الإيزيدي الكريم في سنجار وسهل نينوى”، مؤكداً أن هذا القرار، “كان من ضمن المتبنيّات الراسخة للدولة العراقية، وتم العمل على دراسته وتقديمه بالتشارك مع موئل الأمم المتحدة (هابيتات)”. وأكد السوداني، “أن هذا التوجه كان واضحاً ومؤكداً في سياق البرنامج الحكومي، والمنهاج الوزاري الذي قدّمه، والذي صوّت عليه مجلس النواب العراقي”، مشددا على أن “هذا القرار، ومعه قرارات أخرى ستُتخذ لاحقاً ضمن جدول عمل رئاسة الوزراء، تصب كلها باتجاه رعاية حقوق أبناء هذه المكوّنات العراقية الكريمة، واحتضانهم، وضمان حقوقهم ضمن مبدأ المواطنة الكاملة والعدالة والمساواة”. ورحبت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، جينين هينيس-بلاسخارت “بالخطوة الحاسمة التي اتخذها مجلس الوزراء، والتي أدت أخيراً إلى ضمان الحيازة للآلاف من الإيزيديين فيما يتعلق بحقوقهم في السكن والأرض والملكية”.

وأضافت: “ويشكل المرسوم اعترافاً رسمياً بملكية أراضيهم ومنازلهم وينهي عقوداً من التمييز، ونأمل أن يسهّل عودة الإيزيديين إلى نينوى ويشجعهم عليها”. فيما أشادت المديرة التنفيذية لموئل الأمم المتحدة، ميمونة محمد شريف، بإقرار مجلس الوزراء للمرسوم الذي طال انتظاره. وقالت “إن هذه الخطوة التي اتخذتها الحكومة واعدة ومشجعة، حيث تعزز الحصول على حقوق ملكية الأراضي للفئات السكانية الأكثر ضعفاً في العراق، وتخلق زخماً قوياً لحصول سكان بلدات سنجار على حقوق مليكة الأراضي لأول مرة. وسيستمر موئل الأمم المتحدة في دعم حكومة العراق والمؤسسات المختلفة لتسهيل تسجيل حقوق ملكية الأراضي، وإضفاء الطابع الرسمي على شهادات الإشغال التي أصدرها موئل الأمم المتحدة، لتصبح سندات ملكية كاملة”. وقد أوضح المتابعون للشأن العراقي النواحي القانونية والدستورية لهذا القرار، حقوق الإيزيديين كمواطنين بالتملك، سواء العقاري أو الأراضي الزراعية، أو غيرها من أجل بناء منازل، أنها جزء من حقوق كل عراقي من الناحية الدستورية والقانونية. والحرمان الذي استمر سنوات غير شرعي وغير قانوني، ويخالف كل الدساتير وحقوق الإنسان. ولا يوجد حتى في الدساتير المؤقتة حتى 2003 أي مادة تتعلق بحرمان الإيزيديين أو غيرهم من القوميات والأديان والمذاهب في العراق من حق التملك. والعودة إلى شرعية تمليك الإيزيديين للمنازل والأراضي هي تصحيح لخطأ كارثي ارتكب من الحكومات المتعاقبة بحق الإيزيديين، وهم من سكان العراق الأصليين، ويعكس شكلا من أشكال التمييز الديني والعرقي والاجتماعي الخطير. كما سينهي مكابدة المواطنين الذين تم تمليك منازلهم، وسيخفف معاناتهم في الحصول على سكن يأويهم ويساعد على تمسكهم بأراضيهم وعدم تركهم أرض العراق، وبالتالي خسارة العراق لكوادر وكفاءات وخبرات أبناء البلد من الإيزيديين. وأن القرار يصب في مصلحة العراق ككل، ويشكل تعزيزاً لحقوق الأقليات في العراق وإنهاء معاناة من عانى من أي نوع من التمييز وسلب للحقوق وإعطاءهم الحقوق الكاملة في السكن والتملك. وأن القرار يعد خطوة إيجابية ومشجعة للمواطنين في الانخراط في الحياة العامة والسعي إلى توظيف مداخيلهم في التعليم والصحة وتأمين ما يحتاجونه، بدلا من دفعها مقابل بدلات إيجار أو توفيرها للهجرة خارج العراق. وينم هذا القرار الصائب عن رغبة حكومية في توحيد درجات المواطنة ورد اعتبار المكون الإيزيدي الذي تعرض لأبشع أنواع الظلم والاضطهاد، وأن لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يستمر إلى دعم المكونات ذات التمثيل السكاني الصغير كي لا تشعر بالتمييز.
ويرى المتابعون للشأن العراقي أن المكون الإيزيدي يستحق المزيد من الدعم لتعويضه عن الأضرار التي لحقت به لدمج مواطنيه في المجتمع بالتمثيل الذي يستحقونه”. ويُفترض أن يتم احتواء هذا المكون والمكونات الأخرى من خلال دعم أبنائها للحصول على فرصة عمل والعيش الكريم ومنعاً لهجرتهم، مثلما يحصل اليوم. وأن يتم تمثيل تلك المكونات في الحكومة الحالية من أجل منحهم الفرصة للمشاركة في بناء مؤسسات الدولة وكذلك لاستحصال حقوقهم عبر ممثليهم، فمهما كانت النوايا صادقة والجهود كبيرة فإنها لن تستطيع استحصال حقوقهم مثلما يفعل ممثلوهم.

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية