كلا، ليس جديداً قيام المليشيات المرتبطة بايران بتنفيذ حملة جديدة في معسكر (سجن) ليبيرتي الذي يضم اللاجئين السياسيين الإيرانيين. فقبل هذه الحملة نفذ المالكي والمليشيات سلسلة مذابح مروعة في معسكر أشرف وثم ليبيرتي، في نقض لكل المواثيق الدولية عن حقوق وسلامة اللاجئين وتعهدات حكام العراق انفسهم. القضية هنا ليست من اية خلفيات سياسية او الموقف من أيديولوجيا سياسية بعينها،وإنما هو ما يمس بصلب حقوق الانسان والقانون والمواثيق الدولية وايضا يمس سيادة القانون وهيبة اية دولة تحترم نفسها ان كان في العراق اليوم ما يمكن وصفها بالدولة…..
وكلا، ليس جديداً ان يجرء الحكام والبرلمان على اصدار قانون للهوية الوطنية فيه تحريض على تغيير غير المسلم لدينه. حين سمعت ان في النية إصدار هوية وطنية موحدة تعوض عن الأوراق الرسمية الشخصية الأخرى، ومنها شهادة الجنسية، شعرت بارتياح، ولكن القانون الجديد يشف عن هوس اجتثاث الاخرين، أي الاجتثاث الديني، الذي بدأوا به مع القاعدة ضد المسيحيين والصابئة المندائين، واليوم قانون يشجع غير المسلم على تغيير دينه وان يصبح مسلماً. ولو كانت النية بريئة لقال القانون ان من حق أي مواطن تغير دينه، ايماناً بالحرية الدينية.. ولكن….شهادة الجنسية كانت لعنه اصابت مئات الالاف من الكرد الفيلية وأيضا عرب الوسط والجنوب من الشيعة.
من تهجير وحشي وسلب للممتلكات والأوراق الشخصية والفصل داخل العائلة الواحدة، واليوم نفاجأ بنوع جديد من هوس الاجتثاث في تشريع رسمي، قبل ذلك، في زمن المالكي اريد امرار قانون باسم (القانون الجعفري للأحوال المدنية) وفيه طائفية ماسخة وعمياء، ولم يمر المشروع لحسن الحظ. هم أنفسهم من صاغوه وهم أنفسهم من جاؤوا بالقانون الجديد…. وايضاً ليس جديدا ان تغرق بغداد ومدن أخرى ومنها النجف. فبعد كارثة الكوليرا تأتي كارثة الغرق وانهدام المساكن على ساكنيها، وهو دليل اخر على انهيار الخدمات في بلد تحول الى بلد الفساد ونهب المليارات والأراضي والعقارات، وانهيار الخدمات الطبية…. الطبقة الحاكمة، ولاسيما خلال عهدي المالكي، لم تقم مشاريع صناعية ولا عالجت مشاكل المجاري ولا بنت مسارح وسينمات ومكتبات عامة.. وماسمي بحكم الشيعية لم يبخل بجناياته على أكثرية الشيعة أنفسهم ومناطقهم. انه حكم استفحل فيه النهابون السلابون وزعماء المليشيات المرتبطة بفيلق القدس، والمتزلفون وأبواق الحاكمين، فلنقارن ذلك بعهد عبد الكريم قاسم، حيث كانت الميزانية شحيحة جداً ومع ذلك فقد بنيت المدن للكادحين وتوسعت بغداد… المظاهرات خفتت ومسؤلون وشخصيات كانوا يتظاهرون بتأييد الإصلاح تراجعوا عن حقوق المظاهرات الشعبية وذلك عندما مست الاجراءات بعضا من امتيازاتهم الاسطورية ومنهم برلمانيون اشاوس.
وبعد هذا وذاك اين الجديد، ان لم يكن تكراراً لحدث او إجراء سيء قد مرر من قبل. واما الجديد والمثير حقاً، ولكنه ايضا برهان لمشاكل مزمنه، فهو نشر وثائق السرقات والنهب الأسطورية، وهي وثائق أودعها المرحوم الدكتور احمد الجلبي لدى صحيفة المدى وأيضا لدى جهات اخرى منها الحوزة العلمية الشيعية. إنها تكشف وقائع مرعبة ومقززة عن عمليات نهب منظم لأموال العراق دون ان ينال العقاب، أي واحد من هؤلاء الحرامية (الرسميين). مئات المليارات تختفي بقدرة قادر وميزانية زادت عن 100 مليار دولار تسلم العبادي منها اقل من مليار فقط.
لقد أدى الدكتور الجلبي خدمة مهمة بتوثيق ونشر هذه الوقائع. وإزاء ضعف الحكومة فان المظاهرات الشعبية يجب ان تواصل مسيرتها وان تقوى للمطالبة بإصلاحات حقيقية وفي المقدمة اعتقال ومحاكمة رؤوس الفساد وتنظيف القضاء واسترجاع الأموال والممتلكات المنهوبة.
عزيز الحاج
موقع إيلاف