الأمم المتحدة تحذّر الحكومات من التقشّف مع توقع تراجع النمو العالمي

الأمم المتحدة تحذّر الحكومات من التقشّف مع توقع تراجع النمو العالمي

قالت الأمم المتحدة، في تقرير الأربعاء، إن التوقعات المتشائمة للنمو لعام 2023 يجب ألا تؤدي إلى “تفكير قصير الأجل أو تقشف مالي متسرّع”، قد يفاقم عدم المساواة ويهدد أهداف التنمية.

يأتي ذلك في وقت واجه فيه الاقتصاد العالمي سلسلة من الصدمات العام الماضي، من بينها تداعيات وباء كورونا “كوفيد-19” وحرب روسيا على أوكرانيا وارتفاع التضخم.

ومن المتوقع أن يتراجع النمو الاقتصادي العالمي من 3% عام 2022 إلى 1.9% هذا العام، وهو ما يمثل أحد أدنى معدلات النمو في العقود الأخيرة، حسب ما ذكرت الأمم المتحدة في تقريرها حول وضع الاقتصاد العالمي وآفاقه.

لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال إن هذا ليس الوقت المناسب للتفكير قصير الأجل أو التقشف المالي المتسرع الذي يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة، ويزيد المعاناة ويمكن أن يجعل أهداف التنمية المستدامة بعيدة المنال، وأضاف في بيان “هذه الأوقات غير المسبوقة تتطلب تحركا غير مسبوق”.

واعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 2015 أهداف التنمية المستدامة الـ17 التي تشمل تحقيق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر وتوفير الوصول إلى طاقة نظيفة بأسعار معقولة بحلول عام 2030.

وستقيّم قمة في نيويورك في وقت لاحق من هذا العام التقدم المحرز نحو تحقيق هذه الأهداف، لكنّ الكثير منها يبدو بعيد المنال.

ومن المتوقع أن يرتفع النمو بشكل معتدل عام 2024 إلى 2.7%، لكن هذا يعتمد بشكل أساسي على وتيرة وتسلسل المزيد من التشديد النقدي، ومسار الحرب في أوكرانيا وعواقبها، وإمكانية حدوث مزيد من الاضطرابات في سلسلة التوريد، حسب الأمم المتحدة.

تعميق الآثار السلبية
أفاد تقرير الأمم المتحدة بأن “تباطؤ النمو وارتفاع التضخم وتزايد مواطن الضعف المتعلقة بالديون تهدد بمزيد من التراجع عن إنجازات أهداف التنمية المستدامة التي تحققت بشق الأنفس، ما يعمّق الآثار السلبية بالفعل لوباء كوفيد-19”.

وقال المشرف على التقرير حميد رشيد إنه في ظلّ الظروف الاقتصادية الحالية، فإن “الوصفة النموذجية” للاقتصاديين هي خفض الإنفاق، وأضاف في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: “سيطلب من الحكومات في أحيان كثيرة شدّ أحزمتها”.

وتابع “رسالتنا الرئيسية في التقرير هي أن الحكومات في البلدان النامية على وجه الخصوص… يجب أن تتجنب التقشّف”، معتبرا أن ذلك سيكون ضارا للغاية لأهداف التنمية.

ووفق التقرير، فقد استنزفت خدمة الديون أكثر من 25% من الإيرادات الحكومية في 8 بلدان نامية عام 2022. وفي حالة سريلانكا، استهلكت خدمة الدَّين نحو 80% من الإيرادات الحكومية.

وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء مخاطر انخفاض مساعدات التنمية، وقال رشيد إن الحرب في أوكرانيا وإعادة الإعمار في المستقبل “ستحول وجهة بعض الموارد”، محذرا من انتكاسة كبيرة للبلدان منخفضة الدخل.

وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قد قدّر في سبتمبر/أيلول الماضي أن مجموعة غير مسبوقة من الأزمات أعادت التقدم البشري 5 سنوات إلى الوراء.

وحسب تقرير الأمم المتحدة تضاعف عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد عام 2022 مقارنة بفترة ما قبل الجائحة، حيث وصل إلى ما يقرب من 350 مليون شخص.

وتوقعت الأمم المتحدة أن تتعرض البلدان غير المنتجة للنفط إلى ضغوط مالية كبيرة، الأمر الذي يفرض استنفادا للحيز المالي ويقوّض النمو المستدام فيها بشكل كبير.

وقالت إن هذه البلدان عانت من التأثير السلبي لشروط التبادل التجاري الناتج عن الارتفاع الحاد في أسعار السلع الأساسية، مما أدى إلى خسائر فادحة في النمو.

وبينما شهدت دول الخليج والعراق توسعا اقتصاديا سريعا بسبب ارتفاع أسعار النفط والزيادة الكبيرة في إنتاجه -يقول تقرير الأمم المتحدة- فإن التباطؤ الاقتصادي الذي يلوح في الأفق قد يضعف الطلب على النفط، مما قد يؤثر سلبا على هذه الاقتصادات.

المصدر : الفرنسية + مواقع إلكترونية