كشف الهجوم الإسرائيلي على مخيم جنين أن السلطة الفلسطينية لا تمتلك أيّ تأثير داخلي أو خارجي يساعدها في التحرك لوقف العمليات الإسرائيلية، في وقت يتساءل فيه محللون سياسيون ماذا بقي للسلطة الفلسطينية للدفاع عن شعبها خاصة أن العمليات تتم في الضفة الغربية التي تقع تحت سيطرتها.
وبيّن الهجوم أن السلطة باتت على هامش الموضوع الفلسطيني، حيث يفترض أن تتحرك بسرعة باتجاه إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا والوسطاء العرب من أجل وقف العمليات، لكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يقدر على فعل أي شيء خاصة بعد أن بات خارج لقاءات السلام التي جرت الأشهر الماضية في المنطقة.
كما أن الوسطاء الذين يتحركون من أجل وقف العمليات باتوا يتجهون مباشرة إلى الفصائل الفلسطينية التي تمتلك نفوذا على الأرض وتمتلك الأسلحة والتي تقدر على الالتزام بوقف إطلاق النار وتنفيذه، فيما تتابع السلطة الفلسطينية ورئيسها هذا الحراك عن بعد.
ومن شأن عجز السلطة عن إنقاذ الفلسطينيين من الهجمات أن يزيد من غضب الشارع عليها.
وتقول المحللة في مجموعة الأزمات الدولية تهاني مصطفى إنها تتوقع “استمرار تصاعد العنف مع تعمّق الغضب الفلسطيني من العمليات الإسرائيلية المتكررة وتزايد الإحباط من السلطة الفلسطينية التي ينظر إليها الكثيرون على أنها بيدق بيد إسرائيل”.
وتضيف مصطفى أن العملية الأخيرة “ستؤجّج الإحباط والغضب اللذين يشعرون بهما بالفعل تجاه السلطة الفلسطينية والإسرائيليين”.
ويشير المراقبون إلى أن السلطة حصرت نفسها في زاوية حتى بدت عنصرا ثانويا بالنسبة إلى إسرائيل وبقية الأطراف المتدخلة في الملف الفلسطيني، بالرغم من أنها تتواصل مع الإسرائيليين وتنسق معهم، ولكن من موقع ضعيف.
وكانت السلطة الفلسطينية أعلنت الخميس قطع التنسيق الأمني مع إسرائيل للمرة الأولى منذ العام 2020، في خطوة للفت الأنظار إليها
وأسفرت عملية عسكرية إسرائيلية في الضفّة الغربية المحتلّة الخميس عن مقتل 10 فلسطينيين.
وبحسب وزارة الصحّة الفلسطينية فقد سقط تسعة من القتلى العشرة خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيّم جنين للاجئين الفلسطينيين، في حين سقط القتيل العاشر في بلدة الرام قرب القدس برصاص إسرائيلي خلال مواجهات أثناء احتجاجات على العملية العسكرية في جنين.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنّه ردّاً على صواريخ أطلقت ليل الخميس من غزّة باتّجاه الدولة العبرية، شنّ فجر الجمعة غارات جوية على ثلاثة مواقع في القطاع الفلسطيني تابعة لحركة حماس التي يحمّلها المسؤولية عن أيّ صاروخ ينطلق من هذا الجيب المحاصر بحكم أنّه واقع تحت سيطرتها.
ولم يتسبّب القصف الفلسطيني ولا الغارات الإسرائيلية بسقوط قتلى، لكنّ أضراراً جسيمة وقعت في المواقع المستهدفة في غزة وفي عدد من المنازل القريبة، وفق مصدر أمني في القطاع.
وأعلنت حركة الجهاد بشكل غير مباشر مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ، بينما أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس أنّها استهدفت بصواريخ أرض – جو وبمضادات أرضية، الطائرات الحربية المغيرة.
وكان مسلحون فلسطينيون أطلقوا في منتصف الليل صاروخين في اتجاه البلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع، لكن نظام البطاريات المضادة الإسرائيلي اعترض الصاروخين.
وأثناء الغارات الجوية، أطلق مقاتلون فلسطينيون ستة صواريخ من مناطق متفرقة باتجاه المناطق الإسرائيلية القريبة من القطاع.
وتوالت الدعوات إلى التهدئة، حيث قال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي للصحافيين إنّ بلاده “قلقة للغاية من تصاعد العنف في الضفة الغربية، وكذلك أيضاً من الصواريخ التي تمّ إطلاقها على ما يبدو من غزة”. وأضاف “نعتقد أنّه يتعيّن على جميع الأطراف المعنية أن تسعى بشكل عاجل لنزع فتيل الأزمة”.
وفي باريس، قالت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن – كلير لوجاندر إنّ “فرنسا تعرب عن قلقها العميق إزاء مخاطر التصعيد، بما في ذلك في قطاع غزة، في أعقاب العملية التي نفّذها الجيش الإسرائيلي”.
وأعربت لوجاندر عن أسفها كون أعمال العنف في الضفّة الغربية أسفرت في شهر يناير لوحده عن مقتل 30 فلسطينياً.
وشدّدت المتحدّثة على أنّ فرنسا تؤكّد تمسّكها باحترام القانون الإنساني الدولي و”بواجب حماية المدنيين في الأراضي المحتلّة والذي يقع على عاتق إسرائيل”. وأضافت أنّ باريس “تدعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس والامتناع عن تأجيج التصعيد”.
وفي نيويورك، أكّد السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور أنّ مجلس الأمن الدولي سيعقد “جلسة مغلقة لمناقشة التصعيد الإسرائيلي”.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا” عن منصور قوله إنّه “تمّ تجهيز مذكرة حول التصعيد الإسرائيلي، وجرى التواصل مع دولة الإمارات العربية المتحدة، الممثل العربي في مجلس الأمن، وقد قامت الإمارات بالتقدّم بهذا الطلب بشكل رسمي، نيابة عن الجانب الفلسطيني، وأيّدته الصين وفرنسا”.
صحيفة العرب
.