نحن على أعتاب الذكرى الأولى للحرب الأوكرانية الروسية ولا تزال الحرب تراوح مكانها دون أفق قريب للحل أو بصيص أمل للسلام وتوقف القتال…
عندما نستذكر الأيام الأولى لها كان الكثيرون يعتقدون أن الحرب هي فقط ضربة روسية أو نوع من الحرب القصيرة على أوكرانيا ولكن الأيام تطول لتصبح بعد شهر سنة كاملة….
إعادة التسليح
هذه الأيام لا تسمع سوى عن إعادة تسليح الجانب الأوكراني بأسلحة ثقيلة من قبل حلفائها في الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بغية دفع أوكرانيا لحسم المعركة وتحقيق النصر ولكن على ما يبدو أن ليس كل الحلفاء على اتفاق واحد، ألمانيا مثلاً لاتزال تفكر في تقديم الدعم الجديد لأوكرانيا مع النيتو وتواجه انتقادات من الحلفاء على ترددها هذا…
كما أن الروس يعارضون وينتقدون هذه الخطوة يعتبرونها فتح باب في الحرب وإدخال أسلحة ثقيلة وممكن أن تكون مدمرة….
السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل نحن على أبواب حرب تحالفات جديدة ونقترب من السلاح النووي؟
إن المتتبع لمسار هذه الحرب منذ بدايتها وقبل أن تبدأ سوف يجد أن الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) لديه فكر لمسار الصراع ويقرأ هذا الفكر في اتجاهين:
الأول: هو أن هناك نوايا من الغرب لتوسع النيتو وبوتين على يقين في هذه الخطوة ويسعى من خلال دخوله في الحرب مع أوكرانيا إلى قطع الطريق عن النيتو لتنفيذ هذا المخطط وأنه يرى أن أوكرانيا هي رأس حربه في هذا السيناريو، وما محطات الحرب التي نشاهدها وسير مجرياتها وآخرها هو الحديث عن الدعم العسكري بالأسلحة الثقيلة ما هي إلا محطة من محطات هذا المخطط وفرض واقع جديد بالقوة.
القاني: إن الرئيس الروسي وبسبب طول مدة الحرب إلى حدود عام كامل هو استنزاف الجانب الأوكراني وداعميه حتى يكسب الصراع وتحقيق الهدف الذي ممكن أن يكون من الأساس هو محاولة منه لإحياء الإرث السوفييتي وقلب موازين العالم من سياسة القطب الواحد والهيمنة الأمريكية…
الموقع الجغرافي
تختلف التحليلات القراءات والتكهنات القائلة لماذا أوكرانيا دون غيرها من دول القارة العجوز تكون رأس حربة للحرب بين الشرق والغرب؟
التفاسير تقول إن الموقع الجغرافي لأوكرانيا هو السبب الذي أدخلها في هذا الصراع كونها تقع على حدود روسيا وأيضاً هي واحدة من تركة الإمبراطورية السوفييتية قديماً، أو قد يقول قائل إن الروس اختاروا غزو أوكرانيا بحجة توسع النيتو على الحدود الروسية حتى يكملوا سيناريو ضم الجمهورية الأوكرانية إليها بعد ضمهم لشبه جزيرة القرم في 2014 ولتغير الواقع هناك…
وهناك تفسير آخر يقول إن الغرب وواشنطن بشكل أو بآخر ادخلوا أوكرانيا في حربها مع الروس حتى يشغلوا الدب الروسي في حرب على حدوده لكبح جماح تدخله وتوسع نفوذه في مناطق أخرى من العالم منها منطقة الشرق الأوسط…
حرب نووية
ماذا بعد تسليح أوكرانيا في الأسلحة الثقيلة، هل سوف تنهي الحرب أو سوف تشعلها أكثر وتدخلها في المجهول ؟
هل تغامر القوى المتصارعة في حرب نووية لا تبقي ولا تذر؟
وما هو دور الصين وباقي الدول المؤثرة في هذا الصراع وهل هو مخاض لولادة عالم جديد؟
تساؤلات كثيرة تجعل العالم أمام واقع بلا ملامح وغير واضح المصير…
إن العالم اليوم شاخص النظر نحو تلك الحرب التي لم تدخر جهداً إلا وكان تأثيرها قد طال العالم بأسره والعامل الاقتصادي المجال الأكثر تأثراً.. منها قد تضاعف تضخم اقتصاديات العالم وأزداد عدد الفقراء وبعد الدول مهددة بالإفلاس و تراجع عملات البعض الآخر، صحيح إن جائحة كورونا كوفيد19 أنهكت الاقتصاد العالمي، ولكن كان من الممكن أن يعاود العالم التعافي ومحاولة استعادة توازنه من جديد، لولا تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية التي ضاعفت العبء ولو استمر الأمر أو تفاقم أكثر فالعالم مهدد في الدخول في كساد اقتصادي كبير..
في الأخير تبقى الأيام هي الحكم التي تحمل معها وضوح الواقع الجديد أما نهاية حرب لا رابح فيها، أو سلام الرابح منه العالم بأسره.
القدس العربي