بغداد- عزا مراقبون تزامن الزيادة في الاحتياطيات العراقية من الدولار مع انهيار الريال الإيراني إلى فاعلية الرقابة الأميركية المشددة على حركة الدولار في العراق، وهو ما حال دون تدفق المزيد من العملة الصعبة نحو إيران، وأدى إلى انهيار عملتها.
وكشف وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين الاثنين أن احتياطيات البنك المركزي العراقي من الدولار تجاوزت 100 مليار دولار. ويأتي هذا التصريح بعد عودة حسين من الولايات المتحدة على رأس وفد مالي واقتصادي كان موضوع العملة أحد عناصره الرئيسية، حيث تنفذ واشنطن منذ نوفمبر الماضي رقابة مشددة على التحويلات المالية.
وقال حسين للصحافيين في بغداد إن “مفاوضات الوفد العراقي الأخيرة في واشنطن بشأن حركة الدولار كانت ناجحة، وتمت وفق تفاهمات مشتركة دون شروط مسبقة، وتم تحديد حركة الدولار والمستفيد الأخير وفق نظام منصة إلكترونية توضع في العديد من المصارف والمنافذ الحدودية للسيطرة على الدولار وإدارته بشكل سليم في العراق”.
وأضاف أن “المفاوضات كانت ناجحة وجيدة ومتقدمة من أجل حماية مفاصل اقتصاد العراق ومحاربة التهريب”.
وشدد على أنه “سيكون هناك استقرار في سعر صرف الدولار في السوق العراقية، وما يجرى الآن من ارتفاع وانخفاض هو مسألة وقت”.
ويعتقد مراقبون أن النبرة المتفائلة لوزير الخارجية العراقي بشأن وضع الصرف تظهر اطلاعه على تقييم إيجابي خلال زيارته إلى واشنطن بشأن نجاح الخطة الأميركية في تتبع حركة التحويلات ومنع التلاعب الذي كان يتم بين أطراف داخل العراق من أجل تأمين تهريب العملة إلى إيران التي تعاني من عقوبات أميركية مشددة.
وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك خلال نوفمبر الماضي بفرض قيود أكثر صرامة على التحويلات الدولية بالدولار للمصارف العراقية التجارية، في خطوة قال مسؤولون أميركيون وعراقيون إنها “تهدف إلى الحد من غسيل الأموال والتحويل غير القانوني للدولار إلى إيران وغيرها من الدول التي تخضع لعقوبات شديدة”.
ويجب على المصارف العراقية حاليّا تسجيل “تحويلاتها (بالدولار) على منصة إلكترونية، تدقق الطلبات. ويقوم الاحتياطي الفيدرالي بفحصها وإذا كانت لديه شكوك يقوم بتوقيف التحويل”، كما أفاد مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون المالية مظهر صالح.
◙ الإيرانيون يسعون لملاذات آمنة من أجل الحفاظ على مدخراتهم بشراء الدولار وذلك بسبب نسبة تضخم بلغت نحو 50 في المئة
وشرع العراق في الامتثال لمعايير نظام التحويلات الدولي (سويفت) الذي بات يتوجّب على المصارف العراقية تطبيقه منذ منتصف نوفمبر الماضي للوصول إلى احتياطيات العراق من الدولار الموجودة في الولايات المتحدة.
ورفض الاحتياطي الفيدرالي منذ بدء تنفيذ القيود “80 في المئة من طلبات” التحويلات المالية للمصارف العراقية بحسب صالح، على خلفية شكوك متعلقة بالوجهة النهائية لتلك المبالغ التي يجري تحويلها.
وجعل التشدد في مراقبة التحويلات وقطع الطريق على تهريب الأموال بالطرق الالتفافية إيران في وضع معقد، وأكّدَا أن الأزمة المالية العراقية في جزء كبير منها تعود إلى الدور الإيراني، الذي كان يتم عبر وكلاء محليين سياسيين وميليشيات وتجّار.
وظهرت نتائج الرقابة الأميركية سريعا، حيث تراجعت العملة المحلية في إيران إلى ما دون مستوى معنوي أساسي، متراجعة عن 500 ألف ريال مقابل الدولار الاثنين، إذ لا يرى المتعاملون في السوق نهاية للعقوبات.
وأظهرت بيانات نشرها موقع بونباست الإلكتروني على الإنترنت، الذي يجمع بيانات أولا بأول من مراكز صرافة إيرانية، أن العملة المحلية هوت إلى مستوى قياسي جديد أمام الدولار بلغ 501300 ريال.
وبسبب نسبة تضخم بلغت نحو 50 في المئة يسعى إيرانيون لملاذات آمنة من أجل الحفاظ على مدخراتهم بشراء الدولار وعملات صعبة أخرى أو شراء الذهب، بما يشير إلى المزيد من الرياح المعاكسة التي ستقابل الريال الإيراني.
وعلى مدى الأشهر الستة الماضية فقدت العملة الإيرانية نحو 60 في المئة من قيمتها، وفقا للموقع الإلكتروني.
وكان لافتا انزعاج حلفاء إيران من الرقابة الأميركية على حركة الأموال في العراق، وهو ما عكسته تصريحات أكثر من شخصية محسوبة على طهران.
وقال النائب عن تحالف الفتح عقيل الفتلاوي إن “البنك الدولي والإدارة الأميركية يستخدمان منصة سويفت لفرض إرادتهما وابتزاز العراق”، مضيفا أن الولايات المتحدة تجاوزت مرحلة الهيمنة العسكرية واتجهت نحو الهيمنة الاقتصادية عن طريق تلك المؤسسات تحت الغطاء الأممي.
واعتبر أن “تلك المؤسسات نموذج سيء للهيمنة وتجويع الشعوب”، وتابع أن “الولايات المتحدة في الوقت الحاضر مازالت العنصر المقيد والضاغط على الاقتصاد العراقي، خاصة بعد خروج العراق من البندين السابع والسادس”.
العرب