ضمن مخططاتها لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط تواصل المملكة العربية السعودية ضخ المزيد من الاستثمارات في قطاعات عديدة كان آخرها قطاع الألعاب الإلكترونية الذي تستهدف المملكة أن يساهم بـ50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بحلول 2030.
ويعد قطاع الألعاب الإلكترونية ورياضاتها ضمن 13 قطاعا يستهدف صندوق الاستثمارات العامة السعودي الدخول فيها، في سياق إستراتيجيته القائمة على توزيع محافظه الاستثمارية في قطاعات متفرقة واعدة، حيث رفع الصندوق حصته في شركة ألعاب الفيديو اليابانية “نينتندو” (Nintendo) من 7.08 إلى 8.26%، ليصبح أكبر مساهم في الشركة.
واستحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على أول حصة له في “نينتندو” -التي تتخذ من مدينة كيوتو اليابانية مقرا لها- في مايو/أيار الماضي حين استحوذ على 5.01% من أسهم الشركة، قبل أن يرفع حصته إلى 7.08% قبل الصفقة الأخيرة في فبراير/شباط الجاري حيث بلغت حصته 8.26%.
وتقوم “نينتندو” -التي تعد واحدة من أكبر 3 شركات في العالم لتصنيع الألعاب الإلكترونية- بتطوير ألعاب الفيديو وأجهزتها، وقد أُسست في عام 1889 على يد الحرفي فوساجيرو ياما أوجي، وأنتجت في الأصل أوراق لعب “هانافودا” (hanafuda) المصنوعة يدويا.
وإلى جانب استثماراته في شركة “نينتندو” اليابانية ضخ صندوق الاستثمارات السعودي -عبر مجموعة “سافي” التابعة له- استثمارا قيمته 265 مليون دولار في شركة رياضات إلكترونية صينية هي “في إس بي أو” (VSPO).
الصفقة التي تعد أكبر استثمار مباشر في قطاع الألعاب الإلكترونية -وفق تقدير الشركة الصينية- ستجعل “سافي” أكبر مستثمر في شركة “في إس بي أو”.
التوجه السعودي نحو دخول صناعة الألعاب الإلكترونية وضخ الاستثمارات بالشركات العاملة فيها يأتي تماشيا مع إستراتيجية المملكة التي تركز على دعم وتطوير قطاع الألعاب الإلكترونية كجزء من خططها للتحول إلى اقتصاد رقمي، كما تهدف إلى توطين هذه الصناعة في البلاد ضمن خططها لتنويع مصادر دخلها وعدم الاقتصار على واردات النفط والغاز.
وبلغ نمو صناعة وتطوير الألعاب الإلكترونية في السعودية نحو 41.1% على أساس سنوي، لتحتل المرتبة الـ19 بين أكبر أسواق الألعاب في العالم لعام 2021، وفق تقديرات وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية.
كما يعد التحرك السعودي المتمثل في ضخ الاستثمارات في شركات الألعاب الإلكترونية خطوة جديدة نحو الريادة وجعل المملكة مركزا عالميا في هذا القطاع بحلول عام 2030 تحقيقا للإستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في سبتمبر/أيلول الماضي.
وتهدف الإستراتيجية السعودية الجديدة إلى تنويع الاقتصاد وتوفير الفرص الوظيفية في مختلف القطاعات، وتقديم ترفيه عالي المستوى للمواطنين والمقيمين والزائرين على حد سواء.
وتعتزم المملكة تنفيذ هذه الإستراتيجية من خلال 86 مبادرة تقوم بإطلاقها وإدارتها نحو 20 جهة حكومية وخاصة، وذلك عبر إطلاق حاضنات أعمال واستضافة فعاليات كبرى للألعاب والرياضات الإلكترونية وتأسيس أكاديميات تعليمية وتطوير اللوائح التنظيمية المحفزة التي تضمن مواكبة وتيرة النمو المتسارعة في هذا القطاع.
اقتصاد مزدهر
وتتوزع هذه المبادرات ضمن 8 محاور تشمل:
تطوير التقنية والأجهزة.
إنتاج الألعاب.
الرياضات الإلكترونية.
الخدمات الإضافية.
محاور تمكينية أخرى تشمل البنية التحتية.
اللوائح التنظيمية.
التعليم واستقطاب المواهب.
التمويل والدعم المالي.
وتعليقا على هذا التوجه السعودي نحو تعزيز الاستثمارات في قطاعات الألعاب الإلكترونية، يشير الخبير الاقتصادي السعودي حسام الدخيل إلى أنه حينما أطلق ولي العهد السعودي “رؤية المملكة 2030” كانت إحدى ركائز الرؤية تحقيق “اقتصاد مزدهر” وبهدف شامل هو تنمية وتنويع الاقتصاد.
وأضاف أنه في عام 2017 أُطلق برنامج صندوق الاستثمارات العامة بهدف تعزيز وضع الصندوق وتعزيز دوره كونه المحرك الفاعل خلف تنوع الاقتصاد في المملكة.
ويوضح الدخيل -في حديث للجزيرة نت- أن الصندوق يستثمر في القطاعات غير النفطية محليا وعالميا لتعظيم أصوله وزيادة عائداته، خصوصا في القطاعات الجديدة والواعدة، ويسعى إلى أن يرفع نسبة أصوله في هذه القطاعات بنسبة 21%، لافتا إلى أن من هذه القطاعات الواعدة قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية.
وأشار إلى أنه بمجرد إعلان ولي العهد السعودي قبل عدة أشهر إنشاء مجموعة “سافي” لتكون ذراع صندوق الاستثمارات العامة في قطاع الألعاب الإلكترونية زاد الصندوق استثماراته في أعرق الشركات العاملة في قطاع الألعاب الإلكترونية، ومنها شركة “نينتندو”.
حجم صناعة ألعاب الفيديو أكبر من الرياضة وصناعة الأفلام مجتمعة
نمو صناعة وتطوير الألعاب الإلكترونية في السعودية بلغ نحو 41.1% على أساس سنوي (شترستوك)
شراكة عالمية
وقال الدخيل إن المجموعة السعودية “سافي” بدأت الاستثمار كذلك في شركات عالمية أخرى وفي قطاعات أخرى من نفس المجال، كتطوير الألعاب وفي الشركات المتخصصة في بناء صالات الألعاب والمنافسات، وتمكين الاستثمارات في مجالات الألعاب الإلكترونية داخل المملكة، وتوفير البنية التحتية اللازمة، وتنمية المهارات، وزيادة فرص الشراكات، وتوفير الدعم المادي والاستشاري والبيئة المناسبة للاعبين وممارسي الألعاب والرياضات الإلكترونية.
ويؤكد الدخيل الأهمية الكبيرة لهذا القطاع بالنسبة للمملكة في ظل إستراتيجيتها الطموحة كي تصبح مركزا عالميا لقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية بحلول عام 2030، والتي تتضمن ضخ استثمارات تبلغ قيمتها 142 مليار ريال سعودي (نحو 38 مليار دولار) في 4 برامج تغطي مختلف أنواع الاستثمارات وعمليات الاستحواذ، وإنشاء 250 شركة للألعاب الإلكترونية في المملكة، ورفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) بحلول 2030.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن الإستراتيجية السعودية تهدف إلى استحداث أكثر من 39 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في قطاع الألعاب الإلكترونية، وإنتاج أكثر من 30 لعبة منافسة عالميا في الأستوديوهات المحلية، كما تهدف إلى الوصول لأفضل 3 دول في العالم من حيث عدد اللاعبين المحترفين للرياضات الإلكترونية.
يذكر أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي كان رفع استثماراته في شركات ألعاب الفيديو خلال العامين الماضيين، فقد سبق أن استثمر في شركة “أكتيفيجن” (Activision) التي سعت مايكروسوفت للاستحواذ عليها في صفقة تاريخية تقارب 69 مليار دولار.
ويملك الصندوق 37.9 مليون سهم في “أكتيفيجن” وفق آخر إفصاح في سبتمبر/أيلول الماضي، وتعادل نحو 5% من أسهم الشركة تقريبا.
المصدر : الجزيرة + الصحافة السعودية